الخميس 16 مايو 2024

استراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030 .. نحو وطنِ يضمن للمرأة كافة حقوقها

3-10-2017 | 11:34

بقلم : د. مايا مرسى

منذ أن تولى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى مسئولية الحكم فى البلاد، وهو حريص كل الحرص على الانتصار لحقوق وكرامة المرأة المصرية، واسترداد مكانتها، وحرص على تكريم النماذج النسائية الإيجابية والمكافحة، فى رسالة واضحة وصريحة إلى المجتمع بأسره أن المرأة المصرية تستحق كل التكريم والاحترام ، ودعا سيادته المرأة المصرية إلى المشاركة على قدم المساواة مع الرجل فى بناء وطنها .

واستمراراً لإيمان سيادته بمكانة وقدرات المرأة المصرية، أعلن السيد الرئيس عام 2017 عاما للمرأة المصرية.. فى رسالة إلى المجتمع المصرى بأسره تؤكد من جديد دعم الدولة على أعلى مستويات القيادة، وتمثل إحياء لآمال المرأة المصرية فى أن تحظى بمستقبل أفضل، وأن عناء المرأة خلال السنوات السابقة لن يذهب سدى..

واتخذ سيادة الرئيس عدة إجراءات وقرارات مهمة تكفل للمرأة المصرية الحصول على جميع حقوقها، من بينها تكليف الحكومة، وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومى للمرأة، باعتبار الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة فى هذه الاستراتيجية، لقد ذكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في الاحتفال بالمرأة المصرية 2017 "أن الواجـــب الوطني والمسئولية أمام التاريخ تحتم علينا أن نسرع الخطى في تمكين المرأة، والحفاظ على حقوقها ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ، التزاماً بالدستور المصري الذي يعبر عن إرادة الشعب المصري، والذي رسخ قيم العدالة والمساواة، وإعمالاً لما جاء به من مبادئ تكافؤ الفرص، وما كفلــه للمــــرأة مـن حقــــــوق، واتساقا مع رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للتنمية المستدامة التي تسعى لبناء مجتمع عادل، يضمن الحقوق والفرص المتساوية لأبنائه وبناتــه من أجل أعلى درجات الاندماج الاجتماعي لكافة الفئات، وإيمانا من الدولة المصرية بأن الاستقرار والتقدم لن يتحققا إلا من خلال ضمان مشاركة فاعلة للمرأة في كافة أوجه العمل الوطني، وفى إطار إعلان عام 2017 عاما للمرأة فإنني قررت تكليف الحكومة وكافة أجهزة الدولة والمجلس القومي للمرأة باعتبار استراتيجية تمكين المرأة 2030 هي وثيقة العمل للأعوام القادمة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات المتضمنة في هذه الاستراتيجية".

وتتضمن الاستراتيجية محاور التمكين السياسى والاقتصادى والاجتماعى للمرأة، ومحور الحماية إلى جانب التدخلات الثقافية والتشريعية.. وتُعد هذه الاستراتيجية هى الأولى لتمكين المرأة على مستوى العالم فى إطار أهداف التنمية المستدامة 2030، وقد أشادت منظمة الأمم المتحدة بدور الرئيس عبد الفتاح السيسى فى دعم المرأة المصرية وإعلانه عام 2017 عاماً للمرأة، خاصة أن مصر هى أول دولة على مستوى العالم تصدر استراتيجية للمرأة 2030، كما تبنت الأمم المتحدة إطار الاستراتيجية كدليل استرشادى تستفيد منه كافة دول العالم لوضع الاستراتيجيات الخاصة بها للنهوض بالمرأة .

ويشتمل التعريف الذي تتبناه الاستراتيجية للتمكين خمسة عناصر تتمثل فى رفع وعي المرأة بذاتها وثقتها في قدراتها وتقديرها لإسهامها في المجتمع؛ وأن تتوفر للمرأة الخيارات ويكون لها الحق في تحديد خياراتها، وأن يكون للمرأة الحق في الحصول على الفرص والموارد؛ وأن يكون للمرأة الحق في تملك القدرة على التحكم في حياتها الخاصة، داخل وخارج المنزل على حد سواء، وأن تكون لدى المرأة القدرة على التأثير في اتجاه التغيير الاجتماعي من أجل خلق نظام أكثر عدلا اجتماعيا واقتصاديا على المستويين الوطني والدولي.

إن صوت المرأة المصرية لن يصل إلى المجتمع الدولى إلا من خلال أداء دبلوماسى وطنى محترف، ومن هنا تتأتى أهمية التمكين السياسى للمرأة المصرية وهو أحد المحاور التى تتضمنتها استراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030، من خلال تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها، بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني المحلي، ومنع التمييز ضد المرأة في تقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية وتهيئتهن للنجاح في هذه المناصب .

وعلى صعيد التمكين الاقتصادى، فإن زيادة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي يصب في مصلحة المجتمع ككل، فالدراسات الموثقة تشير إلى أن رفع نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة إلى مستويات مشاركة الذكور في مصر من شأنها أن ترفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة مؤثرة .

كما أن تعزيز قدرات المرأة وأهليتها للاستفادة القصوى مما يتاح لها من فرص هو أحد أهم أركان التمكين، هذا التعزيز ينبني على تمتع المرأة بخدمات اجتماعية مناسبة وذات جودة، وخاصة في مجال التعليم، بدءاً بمحو الأمية الكتابية، والحسابية، والتكنولوجية، وفي مجال الصحة، وتحديداً الصحة الإنجابية وخدمات تنظيم الأسرة.

وبالطبع يُعد تمكين المرأة وحمايتها من كافة أشكال العنف والتمييز أهداف أساسية في حد ذاتها، لأن المرأة القوية هي أساس المجتمع القوي، فهي نصفه والمسئولة الأولى عن تربية نصفه الآخر؛ كذلك فإن التمكين والحماية عاملان حاسمان لإطلاق طاقات المرأة الكامنة ولضمان مشاركتها الكاملة كأحد أهم محركات التنمية – فلا تنمية كاملة ولا مستدامة دون تمكين للمرأة.

لقد استمعت استراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030 إلى أصوات فتيات ونساء فى جميع أنحاء الجمهورية، وتحقق ذلك من خلال دراسة احتياجات المرأة المصرية عبر دراسة ميدانية أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية قوامها3000 سيدة في محافظات مختلفة، وعقد حلقات النقاش حول التمكين الاقتصادي شملت220 سيدة في 13 محافظة، ودراسة التمكين القانوني للمرأة هى دراسة أجراها مركز البحوث الاجتماعية ركزت على المرأة الريفية وإجراء مقابلات فردية وجماعية ضمت 160 سيدة .

هذا إلى جانب حملة طرق الأبواب التى أطلقها المجلس القومى للمرأة وجابت القرى والنجوع بمحافظات مصر المختلفة، وتوجهت إلى (72 ألف سيدة في 27 محافظة)، وحملات التواصل الجماهيري لرفع الوعي واستهدفت (19 ألف سيدة في حملة مكافحة العنف ضد المرأة)، التواصل مع الشباب من خلال المؤسسات التعليمية بالجامعات والمدارس الثانوية (12,300 طالب وطالبة)، إلى جانب التفاعل من قِبل أعضاء لجان المجلس القومي للمرأة .

إن الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية تمثل خطة عمل الدولة المصرية بكافة مؤسساتها وأجهزتها للنهوض بالمرأة وضمان حصولها على حقوقها، وقد تمثلت المرجعية الأساسية لتلك الاستراتيجية فى دستور2014 الذي رسخ قيم العدالة والمساواة، وأرسى مبادئ تكافؤ الفرص، وكفل للمرأة الكثير من الحقوق، وقد وضع الدستور أساسا قويا لمواجهة التمييز ضد المرأة بما نص عليه في المادة 11 والتي رتبت أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمدنية، وضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل الدولة للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، وأن تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة, وأن تلتزم الدولة بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً.

إن الوطن يخوض اليوم معركة مصيرية لإعادة البناء على أسس جديدة بعد ثورتين جلبتا تحولات مهمة في الواقع المصري، وتتواكب مع تغيرات مهمة في معطيات ومفاهيم التنمية على المستوى الدولي، لذلك تعين إطلاق هذه الاستراتيجية والعمل على تنفيذها دون تأخير من أجل تحرير طاقات المرأة المصرية وضمان مشاركتها الكاملة دون معوقات سيكون له أهمية حاسمة في هذا الوقت بالذات، من أجل تحقيق النجاح في معركة إعادة بناء الوطن؛ المواكبة الزمنية والمنهجية لهذه الاستراتيجية مع استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 تعزز استجابة الاستراتيجية لاحتياجات المرأة، إذ لا تفرد استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 محور عمل مستقل للمرأة وإنما تدمجها قطاعيا في محاور عملها الرئيسية؛ وتضمن هذه الخطة وفاء مصر بالتزامها باللحاق بركب التنمية على المستوى الدولي، والمتمثل في تبنيها لخطة 2030 للتنمية المستدامة وأهدافها السبعة عشر، والتي تخصص هدفا بعينة - بغايات محددة مقاسة - لتحقيق المساواة بين الجنسين، كما يُدمج تمكين المرأة في كافة أهدافه الأخرى، كذلك تتوافق خطة 2030 لتمكين المرأة المصرية مع جوهر خطة 2030 للتنمية المستدامة والتي تتخذ من "ضمان ألا يتخلف أحد عن ركب التنمية" شعاراً لها، ومن ثمّ النجاح في تحقيق هذه الاستراتيجية يضمن ألا تتخلف امرأة أو فتاة مصرية عن ركب التنمية أو أن تحرم من مكتسباتها.

وبحلول عام 2030 سوف تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة، في وطنِ يضمن لها كافة الحقوق التي كفلها الدستور ويحقق لها حماية كاملة، ويكفل لها - دون أي تمييز- الفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمكنها من الارتقاء بقدراتها وتحقيق ذاتها، ومن ثَم القيام بدورها في إعلاء شأن الوطن.