السبت 4 مايو 2024

خبير أثري يستعرض أسباب نشأة الموسيقي وتطورها في عهد المصريين القدماء

الحضارة المصرية القديمة

ثقافة18-8-2023 | 19:19

همت مصطفى

قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات د. أحمد عامر، إن المجتمع المصري كان مستقرًا إلى حد كبير، ما أدى إلى نشأة الموسيقى والغناء وازدهارها، فالمجتمع المستقر اقتصاديا وسياسيا واجتماعياً، لا بد أن يستقر وجدانه وتستقر أحاسيسه، ومن ثم تجيء الموسيقى، ويجيء الغناء لينمو ويزدهر ويحرك مشاعر المجتمع الآمن.

 

وأضاف، واستقر المجتمع المصري بعدما استأنس الحيوان وأوقد النار وعرف الزراعة، والمجتمع الزراعي لا يمكن أن تغيب عنه الموسيقى والرقص والغناء، فالفلاح المصري قديماً وحديثاً كان يستمع للموسيقى والغناء وهو يحرث الأرض ويزرع ويحصد، وكانت الحيوانات التي تستخدم في الزراعة تحاط رقابها بطوق فيه بعض الأدوات التي تحدث موسيقى، وعندما بدأت المنشآت المعمارية كالمعابد والمقابر، وبدأ النحاتون والنقاشون والرسامون يمارسون عملهم، وبدأ كذلك أصحاب الصناعات الحرفية، كانت الموسيقى وكان الغناء يصاحبان الفنانين والعمال والحرفيين وهم يؤدون عملهم.


وأشار عامر، إلى أن الأناشيد الدينية ازدهرت، ومن ثمَّ ازدهر الإنشاد «الغناء» الديني والرقصات الجنائزية، ومن ثم فقد ازدهرت الموسيقى الدينية كما ازدهرت الموسيقى الدنيوية، وقد شاركت المرأة مع الرجل في عزف الموسيقى، وفى الرقص والغناء، ومن ثم ازدهر أدب الغزل والحب فازدهرت الموسيقى وازدهر الغناء، ومن دلالات اهتمام المجتمع المصري بالموسيقى أن جعلوا لها إلهة لها دور كبير في الديانة المصرية هي "حتحور" وكان لبعض الآلات الموسيقية وخاصة «السستروم» دور في الطقوس الدينية، وكان هناك ربٌ للمرح هو المعبود «بس»، وكان اهتمام الدولة برعاية الموسيقيين والمغنيين حيث وصل بعضهم إلى مراتب عليا وخصوصاً الذين يعملون في القصر الملكي وفى قصور كبار رجال الدولة كما منحوهم الكثير من الهبات والهدايا مما شجع على ازدهار الموسيقي.


وتابع عامر، أن المصري القديم عرف الموسيقى منذ عصور ما قبل التاريخ، فالناي الطويل «الفلـوت »، Flut ظهر في نقوش ما قبل التاريخ، وعرف المصريون القدماء «الچنك»، «الليرا Lyre»  منذ الأسرة الرابعة وجعلوا من الربة «حتحور» معبودةً لهم، كما عرف المصريون القدماء الآلات بكل أنواعها مثل آلات النفخ، والإيقاع، وآلات الوترية، ومن أهم هذه الآلات الهارب، والعـود، والناي، والمزمار، والطبلة، والصاجات، والمصفقات، والصلاصل «السستروم» ومعظمها لا يزال يستخدم في مصر حاليا، وخصوصا في المجتمع الريفي، و« الليرا» آلة موسيقية وترية تعزف بالنبر، وانتشرت تلك الآلة في الحياة الموسيقية عند المصريين القدماء في عصر الدولة الوسطى تحت اسم «كنَر» في اللغة المصرية القديمة وهي آلة مصاحبة للغناء والرقص عند المصريين القدماء، وقد انتشرت آلة الليرا في حياة شعوب منطقة الجنوب تحت اسم الطنبورة، واشتهرت في مدن القناة تحت اسم السمسمية.


واستطرد الخبير الأثري، أنه ظهرت نقوش تحمل أسماء العازفين والمنشدين والرسامين على جدران المعابد والمدافن، كما وجدت فرق موسيقية للرجال فقط، ووجدت فرق موسيقية للنساء وحدها، وظهر العازف المنفرد والعازفة المنفردة، وتبادل الرجل والمرأة الآلات الموسيقية، وغنى الرجل وغنّت المرأة ورقصت كأحسن ما يكون الرقص والغناء، ليؤكدوا لنا أنه بالرغم من أن الحياة الأخرى كانت شغلهم الشاغل، إلا أنهم استمتعوا بدنياهم فغنوا لهما وغنّت لهم وأشاعوا البهجة التي غلّفت الحضارة المصرية بهذا الانتماء الرائع لها، وبهذا المجتمع الإنساني الفريد الذي لم يتطرَّق العنف لا لقلبه ولا لعقله.

Dr.Randa
Dr.Radwa