الإثنين 29 ابريل 2024

الطعن بالتزوير بين الحقيقة والضمير

مقالات26-8-2023 | 20:29

 إن أغلب أصحاب الدعاوى يدفعون إلى الطعن بالتزوير فى ثورة غضب أو نتيجة للرغبة فى الكيد والمماطلة, وفى القليل يكون الراغب فى الطعن واثقا من حقه وواجب المحامي أن يكون "الفرملة" لرغبات وشهوات وثورات موكله, وأن يصارحه بالحقيقة وهى أن الطعن غير جدي وأنه يغامر بالمصروفات والغرامة والوقت وواجبه دائمًا أن يقنعه بعدم الجدوى وبأن ضرر العابث أشد من ضرر الحكم فى القضية.

 ولعل أهم ما أهدف إليه فى نصح المحامي بأن لا يجارى الموكل -  حتى لو كان المحامي نفسه ثائرًا وغاضبًا - خشية أن يخطئ الخبراء - وكثيرًا ما يخطئون - ويقررون أن المستند مزور فعلا هنا يقع الضرر على الخصم وهو ضرر ظالم جائر لا يسامح فيه الله الذى يغفر الذنوب جميعا إلا الضرر بالناس والتزوير إن قضى به له معقبات جنائية.

فكيف يتحمل ضمير المحامي أن يقضى على حق خصمه - وهو حق يعرفه المحامي - ثم يواجه الاتهام الجنائي والعقوبة المقررة.

  إن مجاراة الموكل فى الطعن بالتزوير اشتراك فى جريمة أعيذ بها المحامي أن يشترك فيها مهما كان كسبه ومهما كان غنمه ومهما كانت لذته من انتصاره.

 إن الانتصار فى الباطل هو السقوط والخذلان وهو تعب الضمير ولعنة الخالق المنتقم.

 فإن استوثق المحامي من صدق موكله فإن عليه قبل أن يتخذ إجراءات الطعن أن يستشير خبيرًا موثقًا به وآخر إن أقتضى الحال فإن تأكد عنده أن الطعن جدى قام باتخاذ إجراءات الطعن.

ولا ييأسه بعد ذلك تقرير من قسم التزوير بمصلحة الطب الشرعي أو أى تقرير من خبير آخر فإن عليه أن يناقشه وأن يدافع عن وجهة نظره مستميتًا.

وعلى المحامى عند كتابة أدلة التزوير - أو شواهده - أن يكون مختصرًا واضحًا وأن يقدم الشواهد الجدية.

ويلقى بالحواشى ولا يسرفن فى الإطالة وتضخيم الصحيفة بلا مقتضى.

 وإن شواهد التزوير تستلزم منطقا سليمًا وذكاءًا حادا وأسلوبًا واضحًا وإلا قضى الحشو واللغو وغموض الأسلوب وغباء الاستقراء على الحق الواضح.

فإن جنح الخصم إلى الصلح وإلى التنازل عن السند فلا يعاند المحامي ولا تدفعه لذة الانتصار إلى الإجهاز على خصمه.

 فإن من أدب الحرب أن تكرم خصمك المدحور وألا تثخن فيه الجراح وحسبه أن سلم بالهزيمة ومن شرف المحارب أن يحترم إنسانية خصمه وهو يسلم بالهزيمة.

المحاماة فن رفيع.

Dr.Randa
Dr.Radwa