السبت 8 يونيو 2024

نفاق أهل الشر.. الإسلاميون جحدوا نصر أكتوبر .. وقادة إسرائيل يعترفون بالهزيمة

5-10-2017 | 13:44

جولدمائير: هزيمتنا كابوس مروع .. وموشي ديان: زلزال غير عقولنا

.. ومدير الاستخبارات: خرجنا منها ممزقين

مصطفى حمزة

فضحت شهادات قادة إسرائيل التي أدلوا بها عقب حرب أكتوبر 1973م الإسلاميين الذين يشككون في هذا النصر الكبير، ويقللون من حجمه، وكما يقال فإن "الحق ما شهد به الأعداء"، سيما إذا امتلكوا من الإنصاف تجاه عدوهم ما لم تمتلكه قادة بعض هذه التيارات الإرهابية التي كفرت الرئيس السادات وأهدرت دمه يوم احتفالات النصر من عام 1981م. وكان على رأس هذه الشهادات التي سجلها التاريخ، اعتراف رئيسة وزراء إسرائيل، جولدا مائير، وهى تصرخ في مكالمتها الهاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسينجر فجر يوم 9 أكتوبر، قائلة: "لقد خسرنا حتى اليوم 450 دبابة و120 طائرة، وأخشى أن نخسر سيناء"، وكان رد كيسينجر عليها شهادة مستقلة في حق أبطال أكتوبر حيث قال: "بل أخشى أن تخسروا إسرائيل ذاتها".

ووصفت هزيمتهم بالكابوس المروع الذي عانت منه هي شخصيًا، مثلما قالت في كتاب لها بعنوان "حياتي": "إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان، وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين، وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا، الكتابة عن حرب يوم الغفران، يجب ألا تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع عانيت منه أنا نفسى، وسوف يلازمني مدى الحياة." أما وزير الدفاع الإسرائيلي في زمن الحرب "موشى ديان" فقد وصف "أكتوبر" في مذكرات منسوبة له بـ"الزلزال" الذى تعرضت له إسرائيل، مؤكدًا أن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون و"أظهر لنا ما لم نكن نراه قبلها وأدى كل ذلك إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين". كما اعترف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق أهارون ياريف، في ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس في 16 سبتمبر 1974م أن الإسرائيليين قد خرجوا من الحرب ممزقين وضعفاء، مستشهدًا بتصريحات الرئيس الراحل أنور السادات حينما سئل: هل انتصرت في الحرب؟ فأجاب: "انظروا إلى ما يجرى في إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال".

ويقول حاييم هيرتزوج الرئيس السادس لإسرائيل: "لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر، وكان ذلك يمثل أحد مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا يتميزون بالصبر كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق، حتى بدأ العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم." بينما يرى رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، ناحوم جولدمان في كتابه (إلى أين تمضى إسرائيل) أن الحرب وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل في مواجهة العرب، وكلفت إسرائيل ثمنًا باهظًا نحو خمسة مليارات دولار، وأحدثت تغيرًا جذريًا في الوضع الاقتصادي في الدولة الإسرائيلية التي انتقلت من حالة الازدهار التي كانت تعيشها قبل عام، مشيرًا أن النتائج الأكثر خطورة كانت تلك التي حدثت على الصعيد النفسي، وتمثلت في انتهاء ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم. وفى نوفمبر 1973م قال وزير خارجية إسرائيل "أبا إبيان": "لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر، لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي، بل على العكس فإن هناك شعورًا طاغيًا في إسرائيل الآن بضرورة إعادة النظر في علم البلاغة الوطنية، إن علينا أن نكون أكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة."

ويقول المعلق العسكري الإسرائيلي "زئيف شيف"، في كتابه "زلزال أكتوبر": "هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودًا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلى علاج نفسي، هناك من نسوا أسماءهم، لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفى تحقيق نجاحات عسكرية، لقد أثبتت هذه الحرب أن على إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي ." ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تستعيد ذكريات هزيمتها في مثل هذا الموعد من كل عام، على الرغم من مرور 43 عامًا مما يدل على أن الجراح لم تندمل بعد، مثلما يقول الخبير العسكري، اللواء حسام سويلم، بل أصبحت الحرب تدرس في الكليات والأكاديميات العسكرية في العالم ومن بينها إسرائيل. وعلى الرغم من هذه الشهادات والاعترافات التي خرجت من أفواه القادة الإسرائيليين أنفسهم، فإن تيارات إسلامية تصر على التشكيك في القدرات التي اجتازتها مصر خلال هذه المعركة، التي أعادت الكرامة للأمة العربية كلها، وأنهت أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر" التي روجت لها إسرائيل في الغرب قبل الشرق، ودفنت هذه المقولة تحت التراب المصري، وقضت على ثقة الإسرائيليين في تفوقهم الدائم، لكنها لم تقض على نظرية المؤامرة التي سيطرت ولا تزال تسيطر على عقول الإسلاميين المريضة التي تخيلوا بها أن حرب أكتوبر "تمثيلية" بين السادات وإسرائيل لتحريك المياه السياسية الراكدة.