أكد مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن أوكرانيا تجاوزت جميع الخطوط الحمراء من خلال هجماتها الأخيرة داخل العمق الروسي.
وأوضح كاتب المقال ماكس بوت أن الطائرات المسيرة الأوكرانية تمكنت من استهداف مواقع داخل العاصمة الروسية موسكو على نحو غير مسبوق على مدار ستة أيام متتالية وهو أمر لم يكن أحد يتوقعه في السابق إلا أنه أصبح الآن أمرا مألوفا.
وعلى الرغم من أن تلك الهجمات لم تؤدى إلى خسائر تذكر إلا أنها تمكنت من تعطيل حركة الطيران في العديد من المطارات الروسية والأهم من ذلك أنها نقلت ساحة القتال، كما يشير المقال، داخل العمق الروسي.
ويلفت المقال إلى أنه مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي كان الخوف ينتاب الدول الغربية ولاسيما الولايات المتحدة من أن تثير أي هجمات أوكرانية داخل الأراضي الروسية غضب موسكو بحيث يعتبرها الكرملين تجاوزا للخطوط الحمراء الروسية مما قد يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التصعيد العسكري والذي قد يصل إلى حد استخدام السلاح النووي .
إلا أن التجربة أثبتت، كما يشير المقال، أن الرئيس الروسي أكثر حكمة وعقلانية من أن يتخذ أي خطوة من شأنها تصعيد الصراع الحالي ليصل إلى مواجهة مع حلف شمال الاطلطني (الناتو) والتي من المحتمل أن يخسرها.
ويشير المقال أنه على الرغم من ذلك فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن يبدو مازال خائفا من إثارة غضب بوتين وإلا بماذا نفسر تردد الإدارة الأمريكية في تزويد أوكرانيا بطائرات "F-16" والامتناع عن توفير منظومة صواريخ "أتاكمس" لها على الرغم من توافر ما يقرب من 3,000 قطعة من هذا الطراز من الصواريخ في الترسانة الأمريكية وأن إرسال عدة مئات من تلك الصواريخ لأوكرانيا لن يؤدي إلى نقص كبير في المخزون الأمريكي.
ويلفت المقال إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى عدم تصعيد الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلا أنها في واقع الحال تقوم من خلال موقفها الحالي بإطالة أمد الحرب وتقويض فرص أوكرانيا في تحقيق النصر في الوقت الذي يوجه فيه مسئولون أمريكيون اللوم لأوكرانيا بسبب فشلها في تحقيق مكاسب عسكرية أوإحراز تقدم سريع في ساحة القتال.
وينوه المقال أنه من العجيب أن تعلن كل من الدانمارك وهولندا عن تقديم طائرات "F-16" لأوكرانيا بينما يتم الإعلان في نفس الوقت أن تدريب الطيارين الأوكرانيين على تلك الطائرات سوف يستغرق وقتا طويلا
وأنها لن تدخل ساحة القتال قبل الصيف القادم وهو ما يعني أن أوكرانيا سوف تتسلم تلك الطائرات بعد أن انتهاء الهجوم المضاد على القوات الروسية الذي تقوم به القوات الأوكرانية في الوقت الحالي.
ويوضح الكاتب أنه في ظل تلك الأوضاع كان من الواجب البدء في تدريب الطيارين الأوكرانيين من العام الماضي لتسريع عملية تسليم الطائرات للجانب الأوكراني.
إلا أن الغريب في الأمر، كما يشير المقال، أن البيت الأبيض بدلا من اتخاذ أي خطوات جادة من أجل توفير طائرات "F-16" لأوكرانيا في الوقت المناسب بدأ في التقليل من أهمية تزويد أوكرانيا بهذه الطائرات .
وأدلى مسؤلون أمريكيون بتصريحات يقولون فيها أن طائرات "F-16" لن تكون "العصا السحرية" التي تمكن أوكرانيا من الانتصار في الحرب على ضوء الدفاعات الجوية الروسية القوية.
ويشير المقال في الختام إلى أن امتناع البيت الأبيض عن تقديم المساعدات العسكرية اللازمة لأوكرانيا يوضح أن الإرادة السياسية غير متوفرة لدى الإدارة الأمريكية لتحدى الإرادة الروسية بدعوى عدم إثارة غضب الرئيس بوتين.