ظلت العلاقات المصرية السودانية عميقة وقوية على مر العصور، وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في 2014، شهدت علاقات البلدين زيارات قياسية متتالية لم تحدث في تاريخ البلدين، فزار الرئيس السيسي السودان عدة مرات كما استقبلت القاهرة على مر السنوات الماضية قادة السودان، واتخذت العديد من القوات لتأكيد دعمها لأمن ووحدة واستقرار السودان.
وتُعد زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان الشقيق دليلاً على عمق العلاقات المصرية السودانية ، وحرص الرئيس السيسي أن تكون أول جولة خارجية له عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية للسودان الشقيق، كما كانت السودان ضمن أول جولة خارجية في ولايته الأولى أيضًا والتي تضمنت الجزائر وغينيا الاستوائية والسودان.
وزار الرئيس السوداني السابق عمر البشير مصر في أكتوبر 2014 كما شارك في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري بشرم الشيخ في مارس 2015، وزار الرئيس السيسي الخرطوم في نفس الشهر لتوقيع اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة الاثيوبي ، وعقدت اللجنة المشتركة بين البلدين وافتتاح معبر قسطل التجاري، وشارك البشير في مؤتمر التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة في يونيو 2015 بشرم الشيخ.
وتوالت الزيارات المباشرة للرئيس السيسي للخرطوم والتي بلغت 7 زيارات كان آخرها في مارس 2021، والتقى الرئيس السيسي مع رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان، حيث تطرقت المباحثات إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على كافة الأصعدة، فضلا عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية والتحركات السودانية لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا.
الموقف المصري من السودان
وخلال القمم الثنائية التي جمعت قادة مصر والسودان كان التأكيد دائما على علاقات الأخوة الأزلية والروابط المشتركة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، وإدراكهما لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأهمية تعزيز وترسيخ علاقات الأخوة، وتعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقى إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة، اجتماعية وثقافية وأيضاً سياسية وأمنية واقتصادية.
وتؤكد مصر دائما حرصها على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، وفي إطار دعم مصر لدور السودان في محيطيها الاقليمي والدولي.
رحبت مصر بجهود السودان في تحقيق السلام والاستقرار في جنوب السودان، وعبرت عن دعمها لتلك الجهود واستعدادها لتوفير مختلف السبل للمساعدة فى تنفيذ اتفاق السلام الذي وقع برعاية الخرطوم..
مشروعات اقتصادية
وفي 2016، وقع البلدان وثيقة الشراكة الاستراتيجية ويعمل البلدان على اتخاذ كافة الخطوات لتفعيل المشروعات الاستراتيجية الكبرى التى تم الاتفاق عليها بين البلدين، بما فيها مشروعات الربط الكهربائي وخطوط السكك الحديدية، وهي المشروعات التي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية فى العلاقات بين مصر والسودان، والتشجيع على تنفيذ المزيد من المشروعات الإنتاجية والخدمية المشتركة تحقيقاً للمنفعة المتبادلة بين الشعبين الشقيقين وتوفير المزيد من فرص العمل.
دعم مصر للسودان
ومنذ اندلاع الثورة السودانية في 19 ديسمبر 2018 أكدت مصر مراراً احترام خيارات الشعب السوداني، فقد أظهرت مصر الدعم الكامل للحكومة السودانّية الجديدة في سعيها إلى تحقيق تطلعات الشعب السوداني.
وفي 10 أغسطس 2019 استضافت مصر اجتماعا بين قوى الحرّية والتغيير والجبهة الثورّية السودانّيين لإجراء مفاوضات استمّرت يومين حول ما طالبت به الجبهة الثورّية بتضمين اتفاقّية السلام التي أبرمت مع الحرّية والتغيير في أديس أبابا في 20 يوليو 2019 التي تنص في وثيقة الإعلان الدستوري على الإسراع في تشكيل السلطة المدنية الانتقالية وتحقيق اتفاق سلام شامل يبدأ بإجراءات تمهيدية عاجلة تم الاتفاق عليها تعمل على خلق المناخ المواتي للسلام.
كما مثل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مصر بحضوره التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري الانتقالى وممثلو المعارضة في 17 أغسطس 2019، الذي ينّص على تكوين مجلس حاكم انتقالى من المدنيين والعسكريين.
واحتضنت مصر ثلاثة اجتماعات للقوى السياسية والحركات المسلحة السودانية في شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر 2019، شاركت خلالها القوى السياسية السودانية في إطار تحالف نداء السودان، بهدف توحيد فصائل الجبهة الثورية وترتيب أجندة التفاوض بين الأطراف وفًقا لألولويات التي يطرحونها.
وشارك الرئيس السيسي في مؤتمر باريس لدعم المرحلة الانتقالية في السودان في 16 مايو 2021 حيث ركز الرئيس السيسي على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لمساندة السودان خلال المرحلة التاريخية الهامة التى يمر بها، وأكد الرئيس السيسي إن مشاركة مصر في هذا المؤتمر الهام، إنما تأتي انطلاقاً من اقتناع راسخ لدينا بأن أمن واستقرار السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والمنطقة، كما تعكس التزام مصر وإرادتها السياسية الثابتة بألّا تدخر جهداً لدعم استدامة السلام والتنمية والاستقرار في السودان، والحفاظ على وحدة أراضيه، وهو ما يأتي بالتوازي مع ما تشهده العلاقات الثنائية من قفزات متسارعة لتحقيق التكامل الفعلي بين البلدين في عدد من المجالات الحيوية.
قمة دول الجوار
ومع اندلاع الصراع الداخلي في السودان في أبريل الماضي، استضافت مصر أعمال قمة دول جوار السودان في 13 يوليو الماضي، حيث شارك في الاجتماع رؤساء وزعماء وممثلون رسميون عن كل من مصر وإثيوبيا وجنوب إفريقيا وإريتريا وتشاد وليبيا، فضلا عن وفد سوداني رسمي بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار.
وأكدت القمة الاحترام الكامل لسيادة السودان وأراضيه ومطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاثة أشهر، والدعوة إلى حوار جامع بعيدا عن التدخلات الخارجية، وأكدت أهمية إيجاد ممرات آمنة وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وتجنيب المدنيين تبعات الحرب الدائرة.
ودعت قمة دول الجوار إلى تأسيس آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار.
كما شارك وزير الخارجية في الاجتماع الأول للآلية الوزارية المنبثقة عن قمة دول جوار السودان الذي عقد في العاصمة التشادية نجامينا، لطرح رؤية مصر لإنهاء الأزمة السودانية من خلال وضع مقترحات عملية تمكن رؤساء الدول والحكومات المجاورة للسودان من التحرك الفعّال للتوصل إلى حلول تضع نهاية للأزمة الحالية.