الإثنين 6 مايو 2024

حكاية وطن.. معالي الوزير «الفتاي»

مقالات31-8-2023 | 22:40

فى يوم من أيام ربنا.. دلوني على مركز صيانة لأجهزة الكمبيوتر فى منطقة جسرالسويس بالقاهرة، المهم اخذت رقم الموبايل واتصلت بالمركز وعرفت عنوانه وكان في شارع يقع بجوار مطعم شهير للمأكولات البحرية..المهم رحت عند المطعم..وهناك سألت واحد قاعد قدام محل: 
- قلتله : لو سمحت شارع (....) فين؟!..
• قال: قالك فين "السؤال ده هو السؤال الرسمى للفتايين"؟!..
- قلتله : قاللى بعد مطعم (....)..
• قال: المطعم  أهو.. وراح مشاورلى عليه وكأنه جاب التايهة..
- قلتله : ماشى... فين بقى الشارع؟!..
• قال : مفيش هنا شارع بالاسم ده..
- قلتله : متأكد؟!..
• قال : عيب يا بيييييييييه..
- قلتله : شكراااااااااااااااا..

المهم أنا شكيت فى نفسى.. مشيت قدام شوية يا دوبك ١٠ متر، وسألت واحد تانى قاعد قدام محل تانى نفس السؤال..
- قال : هتسيب 6 شوارع وهتدخل فى السابع وتفضل ماشى على طول..سيب أول يمين ها يقابلك وأدخل تانى يمين خليك على طول..ها تلاقى المركز على شمالك..
هيييييييييييييييييييييه...
أخيرا وصلت..
( وخلصت الفحص..والمهندس قاللى تعالى بعد كام يوم أكون جبتلك القطعتين إللي عاوزين يتغيروا في الجهاز )!..

••المهم أنا شيطاني يسكت..
طبعا لا... هو عادة ولا ها أشتريها..
راح وزني وسألني إحتمال يكون الشارع إللي فيه المركز مايكونش واصل بشارع جسر السويس، بس لما رحت لقيت ما شاء الله شارع محترم ومتسفلت و طالع لحد بره، وقررت إنى ها أطلع منه وأشوف أنا هطلع فين؟!..
طلعت وياريت ما طلعت..
لقيت نفسي في الشارع إللي بعد الشارع بتاع الراجل الأولانى!..
طبعا هاسيبكوا تتخيلوا أنا حسيت بإيه؟!..

•• مما لا شك فيه إن مفيش واحد طبيعى على بر المحروسة..
ما تلسعش من واحد فتاي، وبرضه مما لا شك فيه إن "الفتايين" ومبدأ "الفتي" في كل الأمور والتخصصات "اجتماعية وسياسية واقتصادية وعسكرية وشأن خارجي أو داخلي" زاد عن الحد وأصبح علامة من علامات مواقع التواصل الاجتماعي والتي يصح أن يطلق عليها مواقع "التنافر الاجتماعي"، بل وأصبحت معاول للهدم..

ولو ركزت مع أى فتاي هتلاقيه بيبدأ كلامه بطقم كلام ثابت وكلمات مقدسة..على رأسها وبدون منافس ( بيقولك )..و يأتى بعدها باقى كلمات الطقم تباعا..( سمعت - قالولى - قاللك فين )..
والكلمه الآخيره بتتقال فى مرحلة ما قبل الافتاء بمكان لا تعرفه، لحد ما توصل للمستوي الاعلى..
( ده واحد قريبى عرف )..
وممكن تحط الكماله بعباره "آصله في حته حساسه"..
وغالبا بيكون علاقة القرابة دى مثلا يبقى "جوز اخت مرات واحد صاحب جار جوز خالة واحد صاحب جار واحد صاحب اخوه"، والحته الحساسه تلطلع مجرد مكان بيعدي عليه و هو راكب توك توك، وبعد ما يقولك صفة القرابة المتينة دى يروح رازعك "حتة فاتياية مكن"..

إللي أنا مش فاهمة إن إزاى الإفتاء ده - مع إنها صفة مكتسبة مش متوارثة - موجودة فى ناس ليست بالقليلة بمختلف طوائفهم وتوجهاتهم، والحق يقال..هى تختلف من فرد لفرد -يعنى تلاقى مثلا واحد بيفتى فى 10% من كلامه - ودي للعلم نسبة قليلة جدا - في المجتمع الوحيد فى العالم الذي لم يولد فيه إنسان و مات قبل أن يفتى بإراداته -ونخلى بالنا من إرادته-..

•• و"الفتي"..
هو الإجابة على شئ ليس لك علم به أو على دراية حتى بمعلومات عن الإجابة، وحينما يقوم الإنسان بالفتي.. فإنه يعرف أن إجابته خاطئة بنسبة 99% وصحيحة بنسبة 1% ..ولكنه يعتمد على النسبة العظمى 1% تاركا باقى المائة تذهب الى الجحيم..

وعودة إلى أن هذه الصفة مكتسبة وليست متوارثة -..ربما لأنها تعطى شعورا بالكمال لصاحبها بإحساسه بأنه على دراية بكافة مجالات الحياة، وتعطيه شعورا بالإنتشاء لمجرد نظر الآخرين له على أساس إنه..
(واد إبن بارم ديله)..

•• ولمن لا يعلم فإن "الإشاعات" هي مرحلة متقدمة من "الفتي"..
مثلا لو فى إتنين زنقوا على بعض بالعربية، ونزلوا شتيمة فى بعض فى آخر الشارع، هاتلاقي الخبر لما يوصل نص الشارع اصبح إنهم اتنين بلطجية نازلين تشريح فى بعض بالسنج، أما بقى على أول الشارع فها يقولوك إنهم عيلتين نازلين دعك فى بعض..
و تلاقى واحد معرفش بيطلع منين - بس هو على طول موجود - بيقولك:
( خللي بالك و إنت داخل عشان معاهم سلاح حي )..
ولو ربنا كرمك و دخلت الشارع إللي بعده..
هاتجيلك أنباء مؤكدة من شهود عيان - معرفش عيان منين -
إن فى إتنين ماتوا منهم واحد ملوش علاقة بالخنافة!..

وطبعا إنتم متخيلين بعدهم بكام شارع إيه إللي بيتقال، ولو فى حد شايفنى ببالغ، أتحداه إن يكون حصلت في منطقة سكنه حادثة سرقة أو خناقة مثلا وماسمعش 50 رواية ليها عن طبيعة المسروقات، وكيفية السرقة أو عدد الضحايا وسبب الخناقة..

وتحس يا أخى إن كلمة..
(معرفش) أو (أنا مش من هنا)..
بقت والعياذ بالله من الكلام الأبيح ولا يجوز التلفظ به، يعنى أنا مرضاش انى اخد ذنوب وأقولك أنا مش من هنا.. بس أنا عاوز أخد حسنات من الشتيمة إللي حضرتك ها تشتمها لي لما أتوه حضرتك وأخليك تدوخ السبع دوخات..
أنا هاخد حسنات عشان أنا كانت نيتى خير..وإنما الأعمال بالنيات بس للأسف الناس بقت ناكرة للجميل، صحيح إعمل الخير و عرميه فى البحر..
"منطق برضوا"!..

•• وبناء على ماسبق، أقترح أن يتم إنشاء وزارة جديدة متخصصة في الفتي..
إيه رأيكم؟!..

• الوزارة دى ها تعمل بقى ثورة فى تاريخ البشرية، وها تحل مشكلة فشل كل علماء الإقتصاد وحكومات كتيرة في حلها..
ألا وهى ( مشكلة البطالة )، لإن عدد موظفى الوزارة هيبقى بمئات الألوف إن لم يكن بالملايين..

• والوزارة دي هايكون فيها نظام جديد حصري..
وهو نظام ( Free lancer )..والنظام ده للناس إللي ماعندهاش علم بيه هو نظام بيتيح للموظف إنه ينجز المطلوب منه بدون إرتباطه بمواعيد عمل رسمية..وبعيد عن البيروقراطية!..

• وكمان هانبقى أول وزارة فى تاريخ مصر إللي مش هايبقى فيها خبير أجنبى - مصرية 100% -..علما بأن الوزارة دي هايبقى فيها هيكل تنظيمى عالى الدقة والوضوح خاصة في مسألة التدرج الوظيفى إللي مش هيكون بالأقدم و لا بالسن ولا بالواسطة - واخدين بالكو طبعا - ولكن بالكفاااءة في "الفتي" فقط..

•• أى موظف كفء وموهوب فى "الفتي" من حقه أن يحلم بأن يكون وزيرا للوزارة، ولا بد أن يعمل لتحقيق حلمه..وطبعا برضه الميزة دى مش موجودة فى أى وزارة فى مصر - حصرية يعنى -..
إيه "فتيكم" يووووه أقصد رأيكم؟!..
أنا بأقول أسكت أحسن وأبطل "فتي"!..

•• الخلاصة..
(لو الناس بتشتغل ربع الوقت اللي بيقضوه فى الفتي والإشاعات.. كان زمان مصر وبدون أدنى مبالغة قوى عظمى إن لم تكن مهيمنة على العالم)..

مدير تحرير مجلة آخر ساعة.

Dr.Randa
Egypt Air