أكد وزير التنمية المحلية هشام آمنة أن تحقيق الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة العالمية (جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة) مرهون بتعزيز الجهود الرامية إلى حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي وصونه، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية ترجمت ذلك في خططها للتنمية المستدامة الوطنية والمحلية وفي التزاماتها الدولية سواء لتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية أو مستهدفات الأجندة الحضرية الجديدة.
جاء ذلك في كلمة وزير التنمية المحلية خلال مشاركته في فعاليات المنتدي الدولي للمدن المستدامة والسياحية والذي يعقد بمدينة تشنغتشو، الصينية خلال الفترة من 4- 6 سبتمبر الجاري تحت عنوان " اكتشاف قوة دافعة جديدة وتعزيز استدامة المدن السياحية " بحضور عدد من الوزراء والمحافظين ورؤساء الحكومات المحلية من مختلف دول العالم وعدد من ممثلي المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة .
وأضاف آمنة أنه إدراكاً من الحكومة المصرية للدور الحيوي الذي تلعبه المدن السياحية والتراثية في تحقيق التنمية الحضرية المستدامة حرصت مصر على الاهتمام بمدنها السياحية والتراثية ضمن خططها لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح وزير التنمية المحلية أن الحكومة اتبعت سياسات للتطوير وتجديد البنية التحتية اللازمة لإطلاق طاقات المدن وتعزيز قدراتها السياحية، ولارتفاع مستوى الخدمات والاهتمام بمصلحة ومعيشة المواطن فالاهتمام بالإنسان ضروري، بوصفه أحد أهم أركان النهوض بصناعة السياحة وبالتنمية المستدامة بكافة أركانها وأهدافها.
ويضم الوفد المرافق لوزير التنمية المحلية للمشاركة في المنتدي كلا من خالد عبدالعال محافظ القاهرة والمستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر وعدد من قيادات وزارة التنمية المحلية .
وأعرب وزير التنمية المحلية خلال كلمته عن خالص شكره وتقديره على دعوته للمشاركة في النسخة الحالية من المنتدى، لما يمثله من منصة بالغة الأهمية لتعزيز الحوار بين رؤساء الحكومات المحلية لتحليل القضايا الحضرية، ومناقشة الحلول القابلة للتطبيق في ضوء التحديات العالمية المشتركة التي تقوض عملية تعزيز التنمية المستدامة للسياحة العالمية.
كما تقدم بخالص الشكر والثناء لجميع القائمين على المنتدى لحسن الإعداد والتنظيم الموضوعي للمنتدى لإثراء المناقشات ،حول التحديات التي تواجه تطوير المدن السياحية في الوضع الجديد، واكتشاف قوى دافعة جديدة لاستدامة المدن السياحية وتعزيز فهم مكانة الثقافة والتراث كأبعاد أساسية، في دفع التنمية المستدامة خاصة على المستوى المحلي.
وقال إن وزارة التنمية المحلية تشرف على عمل 27 محافظة مصرية وتنسق خططها مع الحكومة وتدير العلاقة كذلك مع كافة المدن والأحياء على أرض مصر ، ومن بين تلك المدن مدننا السياحية الكبرى التي يشارك معي في المنتدى منها محافظ القاهرة العريقة، ومحافظ الأقصر المتحف العالمي المفتوح التي تعد مع مدينة القاهرة حاضنتان للتراث الإنساني.
وأشار إلى أن الدولة المصرية اتخذت خلال العشر سنوات السابقة خطوات واسعة وتبنت مبادرات هامة لتعزيز استدامة مدننا.. عن طريق إعادة تطوير المدن القائمة والمدن الجديدة لتتحول لمدن خضراء ذكية آمنة ومستدامة ، مؤكدا أن ذلك انعكس في مبادرات عديدة تسهم في تطوير المدن القائمة و إعادة تأهيل وتأسيس البنية التحتية مثل برنامج تطوير عواصم المحافظات.
ولفت في كلمته إلي مشروعات التطوير الحضري المتكامل لتطوير العشوائيات، وتطوير المناطق ذات القيمة التراثية والتاريخية، و دعم صمود مدينة الإسكندرية كنموذج لإنقاذ المدن الساحلية والجذرية من مخاطر التغيرات المناخية، فضلاً عن تطوير شبكة الطرق والنقل ومنظومة إدارة المخلفات الصلبة، وكذلك المبادرة الرئاسية لبرنامج تنمية الريف المصري (حياة كريمة) والتي تطبق نموذجاً للتنمية الريفية المتكاملة يحقق التنمية المتوازنة والمتكاملة بين الريف والحضر، وغيرها من المبادرات التي تسهم في العمل من أجل المناخ وتحسين بيئة المدن من جهة، ودعم الاقتصاد المحلي وتحقيق الشمول الاجتماعي والعدالة المكانية من جهة أخري.
وأفاد هشام آمنة بأن الحكومة المصرية تلتزم بتعظيم الاستفادة من التراث الطبيعي والثقافي في جميع مدننا السياحية لتحقيق أهداف السياحة للمستدامة المتعلقة بتعزيز الجدوى الاقتصادية والعدالة الاجتماعية على المستوي المحلي.
وأشار إلى تبني مصر سياسات حضرية وإقليمية متكاملة وخصصت استثمارات ملائمة على المستويين الوطني والمحلي بهدف حماية وتعزيز البنية التحتية والمواقع الثقافية والمتاحف، فضلاً عن دعم الإدارات المحلية في الدور الذي تلعبه في إعادة تأهيل وتنشيط المناطق الحضرية وتعزيز المشاركة الاجتماعية وممارسة المواطنة.
وقال وزير التنمية المحلية أنه علي الرغم من الجهود الوطنية وظهور عدد من الممارسات محل الاهتمام على المستوي العالمي لتعزيز استدامة المدن السياحية والتراثية.. إلا أنه لا زال يتعين علينا جميعاً النظر إلى هذه القضية بشكل أكثر عمقاً وتبنيهاً بصورة أقوي على المستوي المحلي.. مشيراً إلي التحديات غير المسبوقة التي تهدد مدننا السياحية والتراثية مثل تغير المناخ والتحضر والعمران المتسارع.. حيث أدى كل ذلك للضغط على مدننا وآثارها خاصة مع النمو السريع للمدن وافتقار التخطيط والازدحام والتلوث وعدم كفاءة البنية التحتية، وعجز لاستثمارات في التنمية الحضرية المستدامة.. وجميعها تمثل أعباء كبيرة على مدننا.
وأوضح أن السياحة المستدامة هي صناعة ملتزمة بإحداث توازن مناسب بين الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المشتركة، مضيفا أنه أصبح لزاماً علينا جميعاً وضع تأهيل والحفاظ على المدن التراثية على رأس أولويات الأجندات التنموية من خلال وضع وتنفيذ سياسات وبرامج محددة للحفاظ على المدن السياحية والتراثية..وأضاف أنه يجب دمج تلك البرامج بالسياسات العامة على المستوي المحلي خاصة المتعلقة بالتخطيط الحضري، والبيئة، والتعليم، والتماسك الاجتماعي.. وتعزيز حوكمة قطاع السياحة التراثية من خلال اتباع منهجيات تشاركية مناسبة لإدارة التراث الثقافي، وإشراك أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني ، مع اعتبار المدن السياحية والتراثية عناصر جذب للاستثمار ،ويمكن أن توفر مصادر جديدة للدخل وتوليد فرص العمل للتغلب على التحديات الاقتصادية التي يعاني منها عالمنا اليوم.
وأفاد وزير التنمية المحلية أن أعمال هذه الدورة من المنتدى تشكل فرصة لرسم مسار جديد وتنفيذ منهج أكثر استدامة لعملية التنمية السياحية، ورعاية تراثنا واثأرنا والنهوض بالمدن الأثرية في بيئة فريدة متحضرة وقادرة على الاستمرار.. نحن بحاجة إلى الأولوية عند الحديث عن مدننا التراثية برسم مسار جديد وتنفيذ نهج واعي أكثر استدامة وملاءمة للبيئة ولاحتياجات الخاصة للمدن التاريخية والتراثية لتحديد أنسب الحلول بناء مع ظروفهم وخصوصيتهم.. وذكر أن ذلك يستلزم دمج البنية التحتية الخضراء والنقل الفعال، والإسكان الميسور التكلفة والفندقة عالية الجودة.. وكما ذكرت لابد من الاهتمام بشكل خاص بمدن يستفاد منها الجميع ولا نترك فيها أحد خلف الركب.. بل مدن يتمتع فيها الجميع بفرص متساوية ورعاية متكاملة.
وأكد هشام آمنة أن الحكومة المصرية تعمل على تحقيق السياحة والتنمية المستدامة.. وإذ نتطلع إلى استغلال هذه المنصة لنصنع مستقبلا أكثر إشراقا لمدننا التاريخية والتراثية لنحافظ من خلالها على تراثنا الإنساني المتنوع والفريد.
ودعا وزير التنمية المحلية المشاركين في أعمال المنتدي لحضور المنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشر المزمع عقده في القاهرة العام القادم 2024 للبناء على ما بدأناه سوياً وإعطاء دفعة أقوي لجعل مدننا شاملة وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة.