الخميس 16 مايو 2024

اللواء ثروت النصيرى: الهدف المنشود

5-10-2017 | 21:41

عبر بإحدى سرايا المشاة المكونة من ١٢٠ فرداً بالأسلحة والمعدات، وتسلق الساتر الترابى البالغ ميله ٤٥ درجة فى حرب أكتوبر، هكذا كانت إحدى مهام اللواء أركان حرب ثروت النصيرى أحد أبطال أكتوبر والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا..

ماذا عن المهمة التى كلفت بها يوم السادس من أكتوبر؟

كنت قائد إحدى سرايا مشاة فى ذلك الوقت، والمهمة كانت عبور قناة السويس، أو كما نقول عنها اقتحام قناة السويس بالسرية الخاصة بي، وكانت السرية مكونة من ١٢٠ فردا بأسلحتهم ومعداتهم، وكانت من مهامى تسلق الساتر الترابي، والذى كان يبلغ ميله حوالى ٤٥ درجة، فكان هناك صعوبة فى التسلق، إلا أننا استطعنا بواسطة الحبال تسلق هذا الساتر الترابي، وتقدمنا إلى عمق سيناء وفى ٦ ساعات، كان هناك ٨٠ ألف جندى مقاتل على الضفة الشرقية للقناة.

تقدمنا بنحو ٢ كيلو فى أول يوم، واستمرينا بالتقدم حتى تقدمنا ١٢ كيلو بعمق سيناء، بالطبع لم يكن ذلك بمفردى بل كنت جزءا من كتيبة، لأن السرية جزء من الكتيبة، وكل سرية تدعمها دبابات ومدفعيات دفاع جوى حتى تستطيع تنفيذ المهمة، فالمهام لم تنفذ بشكل فردي، بل بتنسيق كامل حتى يتم تنفيذ المهمة الاستراتيجية بكافة الجهود معاً.

وعند الوصول لرأس الكوبرى وجدنا الدبابات الإسرائيلية، قد بدأت فى التحرك تجاهنا، فى محاولات منها لتدمير قواتنا فى محاولة إجبارنا على الانسحاب، ولكننا كنا قد وصلنا الأرض، وقمنا بالحفر والجلوس، والمدفعية كانت متواجدة، وكانت تلحق الهزيمة بأى تقدم لقوات المدرعة الإسرائيلية، التى تحاول السير تجاهنا، وعندما كانت القوات الجوية الإسرائيلية تتقدم فى محاولات لتدمير رأس الكوبري، كان حائط صواريخ الدفاع الجوى يقوم بتدميرها، بدأ ذلك من السادس من أكتوبر وحتى وقف إطلاق النار فى ٢٣ أكتوبر، وكنا صامدين بمواقعنا فى شرق سيناء.

يوم ٦ أكتوبر وصلت إلينا الدبابات ليلاً، لأن المشاة يحتاج لعنصر يدعمه، وكانت المدفعية تقوم بالضرب، واكتملت المنظومة على أول ضوء يوم ٧ أكتوبر، واستطعنا بهذا الدعم وبتواجدنا وبتماسك رأس الكوبري، تدمير أى اقتراب أو أى هجمات لدبابات للعدو.

كنا نحدث خسائر كبيرة للعدو، حتى تيقن تماماً، أننا كمشاة نمتلك مقذوفات مواجهة مضادة للدبابات، كانت المقذوفات تخرج وتتحرك وتصل لدبابة العدو بالليزر فتدمرها، مما اضطر العدو للابتعاد بمسافة ٢ كيلو حتى يتمكن من الضرب، فكان ضربا غير دقيق، فكانت هذه المقذوفات التى نمتلكها هى مفاجأة الحرب، فلم يتوقع العدو امتلاكنا لهذه الصواريخ، فدمرنا عدداً كبيراً من دبابات العدو، وشعر وقتها الجندى المصرى بفرحة عارمة، حين بدأ يستشعر بعد ٦ سنوات، وقوفه على أرض سيناء العزيزة، الذى لطالما حلم بهذه اللحظة.

تمسكنا برأس الكوبري، وكانت هناك هجمات مضادة للعدو الإسرائيلى بهدف تدمير القوات الموجودة برأس الكوبري، ولكننا أجبرناها على الانسحاب للخلف غرب القناة، ووصلنا للهدف المنشود، بعد أن سيطر الجيش المصرى على رأس الكوبري، تمكن من صد أى هجمات مضادة للعدو، بجميع الأسلحة والدبابات والمدفعيات، وكل الأسلحة الميسرة، ونجحنا فى تنفيذ هذه المهمة، مثلما نجح الزملاء الآخرون فى مهماتهم.

موقف لا ينسى فى حرب أكتوبر؟

من أصعب اللحظات التى مررت بها ، كانت استشهاد أحد جنود سريتى بعد عبور القناة، وكان جنديا متميزاً، استشهد نتيجة شظية من القوات الجوية الإسرائيلية، بالطبع حدثت بعض الخسائر الأخرى، ولكن البداية كانت استشهاد هذا الجندي، ومن المواقف التى لاتزال عالقة بالذاكرة، كان البلاغ الذى جاء إلينا أول يوم فى ٦ أكتوبر، بأن مدرعات القوات الإسرائيلية بدأت فى اتجاهنا، ووقتها لم يكنلدينا دبابات، نحن كأفراد مشاة نعبر ونقوم بالحفر، ولو كانت هذه الدبابات وصلت إلينا كانت ستحدث خسائر، ولكن بفضل الله تعالى لم يحدث.

عندما تقدم عساف ياجورى والذى أسر فى الحرب اتجاهنا، صبت مدفعياتنا نيرانها عليه، فلم يصل إلينا، وتم أسره وحدث لهم خسائر كثيرة، وأجبرت هذه الكتيبة المتحركة فى اتجاهنا على الانسحاب، كانت هذه من المواقف الصعبة، ولكن بعد تماسك رأس الكوبرى والقوات ووصول الدعم إلى شرق القناة اطمأننا، لأن وصول الدبابات يستغرق وقتا لأنها تنشئ الكباري، ولم ننس الشهيد أحمد حمدي،الذى كان واقفاً لإنشاء الكباري، عشرة كبارى ثقيلة، حتى تتحرك الدبابات، وجاءت الدبابات إلينا فجراً، فأعطت قوة ودعما قويا لرأس الكوبري.

ما الدورس التى يستفيد منها الجيل الحالى من الحرب؟

تحقيق الهدف، يجب أن يكون للإنسان هدف يريد تحقيقه، وإذا تحلى الشباب وكافة مؤسسات الدولة بروح أكتوبر، ستنجح كافة القطاعات، ويجب أن يسعى الشباب لتحقيق أهدافه مهما كانت الصعاب، كنت لدينا تحديات كثيرة، واستطعنا التغلب على هذه التحديات، فعلى الشباب التحلى بروح أكتوبر والتمسك بها، إضافة إلى أن الدولة توفر كل شيء ،بعكس جيلنا الذى تعب وتحمل وعاش نكسة ٦٧ وحرب الاستنزاف وحرب ٧٣، لم نعش حياة مستقرة، لم نتنزه يوماً بالميري، وفى عز الشباب صعدنا على الجبهة، فهم أوفر حظاً منا يعيشون فى بلد نحمد الله مستقر، ويستطيعون العمل والإنتاج، والوقوف بجانب الدولة والمؤسسات.