عندما صرخت جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية «أنقذوا إسرائيل» لحظة لا ينساها اللواء طلعت موسى أحد أبطال حرب أكتوبر ، ويقول كانت صرختها دليلا على انهيار إسرائيل على يد الجيش المصري.
كانت المهمة التى كلف بها اللواء الدكتور طلعت موسى، أستاذ الإستراتيجية والأمن القومى بأكاديمية ناصر العليا.. فى يوم ٦ أكتوبر الاستعداد لتطوير الهجوم شرقا، فى اتجاه ممر الجدي، وأن الجنود كانوا مستعدين تماما لكن حدثت الثغرة فيما بعد، وأخذنا مهمة جديدة وهى حصار الثغرة فى غرب القناة وتدميرها.
موسى قال: يوم الحرب كنا ننتظر انتهاء مهمة النسق الأول فى الجيش الثالث الميدانى التى كانت تحقق المهام فى شرق القناة ليكمل النسق الثانى المهمة.
والمفاجأة فى حرب أكتوبر قدرة المقاتل المصري، وإمكانياته وقدراته فى إدارة المعركة، لأننا تعرضنا لهجمة شرسة بعد حرب ٦٧ للتشكيك فى قدرات الجندى المصرى بشكل غير مسبوق، وبعد ٦٧ تمت معالجة كافة الأخطاء التى وقعنا فيها، ومن هنا ظهرت قدرات المقاتل المصرى كمفاجأة للعدو الإسرائيلي.
فى الساعة ٢ ظهر ٦ أكتوبر بدأت الحرب بالضربة الجوية، بانطلاق ٢٠٠ طائرة لتدمير مراكز العدو فى سيناء ومراكز الشوشرة للدفاع الجوى ومراكز القيادة والنقاط القوية والمطارات الموجودة فى سيناء، أعقبها أكبر قذف مدفعي، لمدة ٥٣ دقيقة بـ ٢٠٠٠ مدفع على جبهة طولها ١٦٥ كيلو مترا، بكثافة ١٧٥ طلقة فى الدقيقة، أعقبها عملية اقتحام القناة نفسها وتسلق الساتر الترابي، وفتح ممرات للعبور.
يستكمل موسى: كان من مهامنا حفظ التوازن حول القناة، عندما تخلى قوات النسق الأول الغرب تتقدم قوات النسق الثانى لتحل محلها.. وكانت مهمتى الشخصية رفع الاستعداد وترتيب التحرك والتنفيذ للمهام وإصدار الأوامر للكتيبة، فقد كان تعداد الكتيبة ٦٠٠ فرد تقريبا، بالإضافة إلى قوات الدعم، فيصبح مجموع الكتيبة ما يقرب من ألف مقاتل.
يوم ٦ أكتوبر أثناء متابعة اصطفاف الكتيبة فى طابور اللياقة، طلب منى قائد الكتيبة جمع الضباط لعقد لقاء مع قائد الفرقة، الذى حضر فى تمام الـ٩ صباحاً، وقال لنا «مبروك يارجالة.. الساعة اللى اتمنتوها جت.. هنحارب النهاردة وهنحرر سيناء» وطلب منا ضبط الساعة.
وفى تمام الساعة الثانية إلا خمس دقائق بدأ الهجوم وانطلقت طائراتنا نحو سيناء لتنفيذ مهمتها ثم انطلقت نيران أكثر من ٢٠٠٠ مدفع على طول القناة فى أكبر تمهيد نيرانى لعملية هجومية يشهدها التاريخ استمرت لمدة ٥٣ دقيقة، وبعد عدة دقائق من بدء العبور وضع أكثر من ٨ آلاف مقاتل أقدامهم على الضفة الشرقية واقتحموا النقط المواجهة ودمروا تحصيناتها، وتم صد وتدمير هجمات العدو المضادة، وقبل آخر ضوء فى ذلك اليوم عبرت عشرات طائرات الهليكوبتر حاملة قوات الصاعقة إلى أعماق تتراوح مابين ٣٠ و٤٠ كم وبدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة، وقبل بزوغ نهار اليوم التالى كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة، ونجحت قواتنا خلال يوم ٧ فى تعميق رءوس الكبارى حتى ٨ كم شرقا، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق.
وفى يوم ٨ أكتوبر اتصلت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بالرئيس الأمريكى وهى تصرخ أنقذوا إسرائيل، وبدأ الإمداد الأمريكى بالأسلحة الثقيلة خاصة الدبابات التى تم نقلها عن طريق الجسر الجوى من أمريكا إلى مطار العريش إلى ميدان المعركة مباشرة، حيث تم أسر عدد من دبابات العدو يشير عداد المسافة بها إلى أنها قطعت ١٥٠ كم فقط وهى المسافة من مطار العريش إلى ميدان المعركة، ولذلك فقد كان من الضرورى تنفيذ وقفة تعبوية وذلك لضمان ثبات وتعزيز رءوس الكباري، وإتاحة الفرصة لنقل عناصر ووحدات الدفاع الجوى إلى شرق القناة وإجراء التجهيزات الهندسية.
اللواء طلعت موسى يوضح أن قوات النسق الأول كانت قادرة على تحقيق مهامها، وبالفعل حققتها بكفاءة واقتدار وتم عمل رءوس كبارى الكتائب، ورءوس كبارى اللواءات، ثم رءوس كبارى الفرق، وبالتالى كان كل شيء مخططا، وهذا ما جعل مهمتنا مدروسة بشكل جيد.
موسى طالب الشعب بالتلاحم مع قواته المسلحة، قائدا القوات المسلحة ملك للشعب طبقا للدستور الذى ينص فى مادته ٢٠٠ من الدستور، بأن القوات المسلحة ملك للشعب، وبالتالى تلاحم الشعب مع القوات المسلحة، من خلال هذه الأجيال الصاعدة وعدم خضوعها لما تتعرض له من تهديدات ومحاولات إفشال الدولة وحروب الجيل الرابع على شبكات التواصل الاجتماعي، كل هذا الكلام لابد أن يكون الشباب على وعى وعزيمة، ولا يتناول أى معلومة غير موثقة وصحيحة، وأن يقفوا خلف القوات المسلحة.