الجمعة 27 سبتمبر 2024

أكتوبر وتنشيط ذاكرة الشباب

5-10-2017 | 22:03

بقلم –  مجدى سبلة

تتجدد اليوم الذكرى الـ٤٤ على انتصارات حرب السادس من أكتوبر المجيدة التى فتحت آفاق تحرير الأرض والعرض، وللأسف لم يعرف شبابنا عن هذا النصر قدرا معقولا من المعلومات، التى ينبغى أن تظل ثابتة فى ذاكرتهم، ولم يلتقِ شبابنا بأبطال كالذين أطلق عليهم (أكلة الدبابات أو صائدو الدبابات) كاللواء عبدالجابر أحمد على قائد الكتيبة ٣٥ فهد، وهى المخصصة للصواريخ المضادة للدبابات بالجيش الثانى وعبدالعاطى ومحمد المصرى وغيرهما من الإبطال.

شباب كثيرون لم يعرفوا حتى سنة هذه الحرب على الرغم من أنها مدونة فى كتب التاريخ ووثقتها كل الأفلام وكل الوثائق، ومازلنا نجد عددا ليس بقليل من الشباب معلوماتهم سطحية للغاية عن هذا النصر الكبير والعظيم، وإذا سألت شبابا كثيرين تأتى إجاباتهم صادمة، بسبب عدم المعرفة والإلمام حتى بساعة العبور بخط بارليفولا بمعركة العش، ولا معركة الفردان ولا أية معلومات عن معركة الثغرة فى الدفرسوار، وصل الحال إلى درجة أن إحدى الطالبات عندما تحدثت عن حرب أكتوبر (العاشر من رمضان) تحدثتبمنطق التشكك إذا كانت مصر انتصرت أم هزمت فى هذه الحرب.

حاولت بقدر استطاعتى الدخول فى العديد من المناقشات مع شباب تتراوح أعمارهم من ٢٠ إلى ٢٥ سنة، تبيَّن لى أن شبابنا وصل به الأمر إلى أنه على غير علم بتاريخ العسكرية المصرية المعاصر،  والمؤسف أننا نتركهم يستقبلون ما يقال لهم عبر الفضائيات وأدوات الميديا المختلفة بما فى ذلك أفلام إسرائيلية مصورة باللغتين العربية والإنجليزية عن «بطولات» جيش الدفاع الإسرائيلي، ويضعون أمام الشباب المصرى صورا لبطولات وهمية للجيش الإسرائيلي، وينجحون فى تصوير أنهم لم يهزموا من جيش عربى قط، وللأسف يصدقهم بعض الشباب ونجدهم يشككون فى هذا النصر، على الرغم أن إسرائيل هزمت هزيمة تاريخية أمام العالم.

هناك مجريات لهذه المعركة العظيمة والمشرفة التى خاضها آباؤنا وأشقاؤنا من رجالات القوات المسلحة ضد العدو الإسرائيلي، ولكن لماذا طواها الزمن وكأنها لم تحدث ولم يعرف عنها الشباب؟

صحيح هناك مواقع عديدة تتحدث عن حرب أكتوبر، ولكن القليل من هذه المواقع التى نجد فيها التفصيل الكافى والصور التوضيحية، وأين الأعمال الدرامية والأفلام الوثائقية التى تخلد هذه المعارك، باستثناء أعمال قليلة توضح لنا كيف أن أبطال الجيش المصرى ما هانوا وما ضعفوا وقاتلوا فى حدود ما كان متاحاً من إمكانات، وكيف أن أجهزة المخابرات والاستطلاع العامة والعسكرية أحسنت التخطيط والمراوغة لهذه المعركة التى أعادت كرامة المصريين، الأمر الذى يستوجب أن قطاعا من شبابنا يحتاج إلى إعادة نظر لتنشيط ذاكرتهم بكل الوسائل، سواء كانت هذه الوسائل درامية أو وثائقية حول هذه المعركة المهمة التى يجب أن تلهم أجهزة الدولة أو القائمين على العمل الفنى أن يقدموا أعمالاً تليق بمصر وتصنع مراجع مصورة للذاكرة الوطنية لشبابنا ومعرفتهم بمعركة «تبة الشجرة» على مسافة ١٠كم شرق قناة السويس؛ حيث تمكنت القوات المصرية من الاستيلاء عليها بعد معركة شرسة ومعركة «الفردان» التى دارت بين فرقة أدان وفرقة أبو سعدة، عندما قام العميد حسن أبو سعدة، قائد الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثانى بصد الهجوم المضاد الذى قام به لواء ١٩٠ مدرع الإسرائيلي، وتدمير كافة دباباته، وتمكن وقتها العميد يسرى عمارة من أسر العقيد عساف ياجورى قائد اللواء الإسرائيلى.

 كان ينبغى توعية شبابنا أن يدرك أن الإعلام العالمى لعب دورا كبيرا فى إعلاء النزعة العنترية والتعالى لدى الإسرائيليين أيام حرب أكتوبر.

وأيضا لا أدرى لماذا لا يتعرف الشباب على أسماء القادة -الأبطال العسكريين- وقت الحرب فى الجيش المصرى مثل قائد الحرب الرئيس محمد أنور السادات هو رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول أحمد إسماعيل على وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، والفريق سعدالدين الشاذلى هو رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة، واللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، واللواء فؤاد ذكرى قائد القوات البحرية، واللواء محمد حسنى مبارك قائد القوات الجوية، واللواء محمد على فهمى قائد قوات الدفاع الجوى، واللواء سعد الدين مأمون قائد الجيش الثانى الميدانى، واللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث الميدانى، واللواء محمد سعيد الماحى مدير سلاح المدفعية، واللواء كمال حسن على مدير سلاح المدرعات، واللواء مهندس جمال محمد على مدير سلاح المهندسين، والعميد نبيل شكرى قائد وحدات الصاعقة، والعميد محمود عبدالله قائد وحدات المظلات، واللواء إبراهيم فؤاد مدير المخابرات الحربية.
لماذا لا نقترح جمع الفيديوهات التى تتحدث عن النصر ونعرضها للشباب، ونعرِّفهم أهمية النصر وأكتوبر» بدلا من أننا نجد عددا كبيرا من الشباب لا يعرف عن هذا اليوم سوى أنه يوم إجازة».

أقترح ألا يقتصر الاحتفال على الإعلام بإذاعة الأفلام، والاحتفال بالعرض عند المنصة فقط، أتمنى أننا نحتفل بذكرى هذه المعركة فى الميادين العامة، ويخرج المصريون كما خرجوا فى ثورة ٣٠ يونيه ونحتفل بالذكرى المجيدة».

لأن الاهتمام بهذه الاحتفالات ينقل رسائل ثابتة للشباب لا يتم محوها من ذاكرة الشباب ويرفع درجة الانتماء للوطن، ولماذا لا نفكر فى عمل عروض عسكرية للشباب والأطفال الصغار، وتوزيع كتيبات على المدارس حول هذه البطولات قبل احتفالات أكتوبر فيها ملخص عن هذه الحرب وبسالة الجيش المصرى والدروس المستفادة، وتكون طريقة عرض الأحداث فيها بطريقة مشوقة تثبت فى ذهن الطفل والشاب، وتعرفه حرب أكتوبر وسلسلة الإحداث المتتالية للحرب، ونعرض فى شاشات التليفزيون فى الميادين العامة وعلى شاشات العرض عند قاعة المؤتمرات وفيديوهات لحرب أكتوبر، ونعرض صورا أرشيفية للحرب، وعلى مدار اليوم يتم تشغيل أغانٍ وطنية بصوت عالٍ لعمل تنشيط جيد لعقول الشباب بهذه الذكرى.
كما تقوم وزارة الشباب والرياضة بتقديم مجموعات الطلائع فى المحافظات للمشاركة فى إحياء احتفالات أكتوبر المجيدة بشكل يحث الجميع على المشاركة والتفاعل معها.

بدلا من أن نسمع حكايات عن الشباب الضائع بين إدمان الكحول والمخدرات، والأفكار المستوردة من الغرب والشرق، التى غزت عقول بعض شبابنا، لماذا لا نصدر لهم نماذج من هذه الحرب لكى يتذكروا البطل محمد المصرى ابن محافظة الشرقية الذى حقق الرقم القياسى العالمى فى صيد الدبابات الذى دمر ٢٧ دبابة بثلاثين صاروخا خلال معارك أكتوبر، والذى سيظل محفورا بآيات من نور فى ذاكرة التاريخ؛ لأنه قلب موازين الكثير من الخطط العسكرية، فالجندى المصرى سطر بطولات عظيمة خلال حرب أكتوبر، ونربط بين هؤلاء الأبطال وبين الأبطال الذين يقدمون تضحيات حالية على أرض سيناء فى مواجهة الإرهاب.

انتصار السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ ـ العاشر من رمضان ١٣٩٣ هـ ـ سيظل محفورا فى ذاكرة التاريخ، لأن هذا الانتصار قلب موازين الكثير من الخطط العسكرية، وقدم الجندى المصرى بطولات عظيمة أذهلت العالم .. ومن الجنود البواسل الذين أدوا مهامهم القتالية بدرجة كفاءة عالية بلغت حد الإعجاز.