الكذب هو قول غير الحقيقة بقصد الخداع، وهو سلوك شائع الى حد كبير خاصة في هذه الاوقات التي أصبح بها قول الحقيقة من النوادر، بل الحقيقة نفسها ضائعة وسط زحام الكذب والرياء والتضليل ولم يقتصر الكذب على افراد المجتمع وانما هو سيد الموقف في معظم الساحات من حولنا ، الاعلامية والسياسية واصحاب السيادة والقرار وفي كل انحاء ألعالم ، حيث وجدت الدراسات أن معظم الناس يكذبون عدة مرات في اليوم.

وقلما نجد انسانا فعلا صادق وربما هذا الانسان يكون منبوذا، ولكن إذا كان مجتهدا بإصرار فلن يكون منبوذ كليا وانما لن يحصل ابدا على ما يستحق او على نفس ميزان تعبه ومجهوده . الكذب أحيانا يندرج تحت عدم قول الحق او السكوت عنه بمعنى التضليل ومن الممكن ان يكون الكذب كلاما ملفوظا او فعلا كاذبا او تقرير كالشيطان الأخرس.

 فكرت كثيرا ما الذي اوقعنا في هذا المأزق ؟ تبحث عن الصدق ولا تجده أصبحنا حتى إذا نقرأ خبرا في أحد المواقع نذهب فورا للتأكد من صحته قبل نشره اما إذا كان مرسل عبر وسائل التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج .

ماهي الاسباب التي ادت الى انتشار هذه العادة السلبية والسلوك البشع ؟

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس يكذبون، بما في ذلك:

* تجنب العقاب: يكذب الناس أحيانًا لتجنب العقاب على أفعالهم. على سبيل المثال، قد يكذب الطفل بشأن كسره لشيء ما لتجنب التعرض للعقاب من والديه.

* الحصول على ما يريدون: قد يكذب الناس أيضًا للحصول على ما يريدون. على سبيل المثال، قد يكذب الموظف بشأن مهاراته للحصول على وظيفة، أو قد يكذب البائع بشأن جودة منتجه لإقناع شخص ما بشرائه.

* حماية مشاعر شخص آخر: قد يكذب الناس أيضًا لحماية مشاعر شخص آخر. على سبيل المثال، قد يكذب الصديق بشأن إعجابه بهدية صديقه لتجنب إيذائه.

* الحفاظ على سمعتهم: قد يكذب الناس أيضًا للحفاظ على سمعتهم. على سبيل المثال،قد يكذب السياسي بشأن سجله التصويتي للحفاظ على صورته العامة.

* الشعور بالأمان: قد يكذب الناس أيضًا للشعور بالأمان. على سبيل المثال، قد يكذب اللاجئ بشأن هويته خوفًا من التعرض للاضطهاد.

ولكن للكذب عواقب خطيرة تؤثر على سمعتك ومحبة الناس لك وعلى صداقاتك وعلى ثقة الناس بك وبرأيك فعندما يكذب الناس، فإنهم يخاطرون بفقدان ثقة الآخرين بهم. وهذا يمكن أن يجعل من الصعب عليهم بناء علاقات قوية والحفاظ عليها.

ايضا مسألة تأنيب الضمير فقد يشعر الناس بالذنب بعد الكذب، خاصة إذا كان الكذبمؤذيًا لشخص آخر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالقلق والاكتئاب.

كما ان الكذب من الممكن أن يؤدي إلى إيذاء الآخرين، خاصة إذا كان الكذب يستخدم للتلاعب بهم أو استغلالهم. وهذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في العلاقات وصعوبات فيالعمل و الزواج و الاسرة و العلاقات الاجتماعية .

 يجب ان يحدد الكاذب اسباب كذبه حتى يستطيع علاج نفسه فبمجرد أن تفهم سبب كذبك، يمكنك البدء في العمل على تغيير سلوكك.

حاول تغيير سلوكك بنفسك اولا .

كن صادقًا مع نفسك بشأن سبب كذبك ثم فكر في عواقب الكذب قبل أن تكذب وحاول أنتجد طرقًا أخرى للحصول على ما تريد دون الحاجة إلى الكذب حاول ان تواجه و اعتذرإذا كذبت وكن صادقًا بشأن سبب قيامك بذلك وحاول أن تكون أكثر انفتاحًا وصدقًا معالآخرين.

تذكر أن الصدق هو أفضل سياسة. فمن الأفضل دائمًا أن تكون صادقًا، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة عواقب أفعالك. الصدق سيساعدك

 

 هناك عدد من الأشياء التي يمكننا القيام بها لمعالجة الكذب في المجتمع، بما في ذلك:

 * تعزيز أهمية الصدق والأمانة. يمكننا القيام بذلك من خلال تعليم الأطفال عن أهميةالصدق والأمانة في المنزل والمدرسة والمجتمع. يمكننا أيضًا الترويج لهذه القيم من خلالوسائل الإعلام والفنون الشعبية و افلام الكرتون و قصص الاطفال و البرامج التعليمية والترفيهية 

* مكافأة الصدق ومعاقبة الكذب. عندما نكافئ الناس على الصدق ونعاقبهم على الكذب،فإننا نرسل رسالة مفادها أن الصدق هو السلوك المقبول.

* خلق بيئة لا يشعر فيها الناس بالحاجة إلى الكذب. عندما يشعر الناس بالأمان ،يكونون أقل عرضة للكذب. يمكننا خلق مثل هذه البيئة من خلال توفير الفرص للناسللتعبير عن أنفسهم بحرية وبناء علاقات ثقة مع الآخرين.

* مساعدة الناس على فهم سبب كذبهم. عندما نفهم سبب كذب الناس، يمكننا أن نكونأكثر تعاطفًا معهم ومساعدتهم على تغيير سلوكهم.

* أن نكون قدوة يحتذى بها فعندما نكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين، فإننا نظهرللجميع أن الصدق هو السلوك الصحيح.

و لعلاج الاطفال صغيري السن من آفة الكذب  ، ينبغي أن تكون قدوة يحتذى بها. الأطفال يتعلمون من خلال مراقبة سلوكيات والديهم، لذلك منالمهم أن تكون صادقًا مع طفلك دائمًا. إذا رأى طفلك أنك تكذب، فمن المرجح أن يكذب أيضًا.

شجع طفلك على أن يكون صادقًا معك. أخبر طفلك أنك تقدر الصدق، وأنك تريددائمًا أن تسمع الحقيقة منه، حتى لو كانت صعبة.

لا تعاقب طفلك على الكذب. إذا اكتشفت أن طفلك يكذب، فلا تعاقبه على ذلك. بدلاً من ذلك، اشرح له لماذا الكذب خطأ، وحاول أن تفهم سبب كذبه.

ساعد طفلك على فهم عواقب الكذب. اشرح لطفلك كيف يمكن أن يؤدي الكذب إلى إيذاء مشاعر الآخرين، وفقدان الثقة، وإلحاق الضرر بالعلاقات.

علم طفلك كيفية التعامل مع المواقف الصعبة. ساعد طفلك على تعلم كيفية التعاملمع المواقف الصعبة دون الحاجة إلى الكذب. على سبيل المثال، إذا كان طفلك خائفًا منالوقوع في المتاعب، علمه أن يكون صادقًا بشأن ما فعله وأن يعتذر عن أفعاله.

امدح طفلك عندما يكون صادقًا معك. عندما يكون طفلك صادقًا معك، حتى لوكانت الحقيقة صعبة، فاحرص على مدحه على صدقه. سيساعد هذا طفلك على فهم أنالصدق هو السلوك المقبول.

 ويجب بالأخير مراجعة الطبيب النفسي ومختص تعديل السلوك إذا استمر الكذب عن طفلك وأصبح عادة و لم تستطع وحدك حل المشكلة يمكن اللجوء الى المختصين.

وفقًا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، بيركلي، فإن النساء يكذبن أكثر من الرجال. وجدت الدراسة أن النساء يكذبن في المتوسط مرتين في اليوم، بينما يكذب الرجال مرةواحدة في اليوم.

هناك عدد من الأسباب التي تجعل النساء يكذبن أكثر من الرجال. أحد الأسباب هو أن النساء غالبًا ما يشعرن بالحاجة إلى حماية مشاعر الآخرين يعني الحنان والطيبة يدفعانها الى الكذب، لذلك قد يكذبن لتجنب إيذاء شخص ما. على سبيل المثال، قد تكذبالمرأة بشأن إعجابها بملابس صديقتها الجديدة حتى لا تؤذي مشاعرها.

سبب آخر لماذا تكذب النساء أكثر من الرجال هو أنهن غالبًا ما يكن في مواقف يتعرضن فيها لضغوط أكبر للكذب. على سبيل المثال، قد تكذب المرأة بشأن مؤهلاتها للحصولعلى وظيفة لأنها تشعر أنها بحاجة إلى القيام بذلك من أجل الحصول على الوظيفةبسبب الذكورية في اختيار الوظائف مثلا لاحصرا.

ومن الاسباب التي تؤدي الى تعلم وممارسة الكذب ايضا هو كثرة الممنوعات عندما يُحظر شيء ما ،فإنه يصبح أكثر جاذبية، مما قد يؤدي إلى لجوء الناس إلى الكذب من أجل الحصول عليه. على سبيل المثال ، إذا كان الطفل ممنوعًا من تناول الحلوى ، فقد يكذب بشأن تناوله لها. هذا لأنه يعرف أن الحلوى ممنوعة ، وبالتالي فهو أكثر فضولًا بشأنها ويرغب في تجربتها. وبالمثل ، إذا كان الموظف ممنوعًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العمل ، فقد يكذب بشأن استخدامه لها. هذا لأنه يعرف أن وسائلالتواصل الاجتماعي ممنوعة ، وبالتالي فهو أكثر فضولًا بشأنها ويرغب في استخدامها. و ايضا كثرة الممنوعات التي لا تشكل خطرا بل تزيد على الطفل او المراهق الضغوطاتدون الحاجة اليها و دون جدوى اساسا مثلا منعه من زيارة الاصدقاء وقت العطل اوالتنزه في حديقة الالعاب يوم العطله او منعه من لعب كرة القدم او اكل معين يحبه ان لميكن به ضرر او منع الفتاة من مشاهدة فلم كرتون او برنامج ترفيهي بريء قائمةالممنوعات هذه ستعلمهم الكذب و المراوغة لانهم بالفطرة سيقومون حتما بعمل هذهالاشياء لانها عادية وغير معيبه وإنما ممنوعين منها بلا هدف و لا معنى و من هنا سيتعلمون الكذب .

قد تواجه المرأة في المجتمع العربي الكثير من القيود الاجتماعية الغير مبررة والغير منطقية التي قد تضطرها إلى الكذب. و تعلمها المراوغة و خاصة في مرحلة بناءالشخصية و الانتقال من مرحلة الطفولة الى المراهقه وأيضًا ممكن ان تتعلم  الكذب لعدمالافصاح عن  أفكارها أو مشاعرها إذا كانت تخشى أن يتم الحكم عليها أو معاقبتها و انااتكلم عن حقوق الطفل و المراة في حدود المتعارف عليه اخلاقيا و اجتماعيا وليس الشذوذعن القواعد الصائبة.

 في بعض الحالات، قد يكون الكذب ضروريًا لحماية المرأة او اطفال او اي شخص ضعيفامام شخص اقوى منه ليحمي نفسه من الأذى أو للحفاظ على سلامتها. على سبيل المثال، قد تضطر المرأة إلى الكذب إذا كانت تتعرض للإيذاء و التعنيف و الاختطاف مثلا و منهنا يصبح الكذب مجرد اداة نجاة مؤقته و مقبولة لاستخدامها للدفاع عن النفس امام مجرم. 

تشير بعض الأدلة  إلى أن الاستعداد للكذب قد يكون موروثًا. على سبيل المثال ، وجدتإحدى الدراسات أن الأطفال الذين لديهم آباء يكذبون كثيرًا هم أكثر عرضة للكذب منالأطفال الذين لديهم آباء لا يكذبون كثيرًا. ومع ذلك ، من المهم أن نلاحظ أن هذه الدراسة لاتثبت أن الكذب وراثي. فمن الممكن أن يكون الأطفال الذين لديهم آباء يكذبون كثيرًايتعلمون الكذب من آبائهم ، وليس لأنهم ورثوا الاستعداد للكذب.

 فإن الأدلة الحالية تشير إلى أن الاستعداد للكذب قد يكون موروثًا جزئيًا و لكن تحتاجالى دراسات اكثر و اعمق لتحديد اذا كانت هذه الدراسات دقيقة ام لا، فأنا عندما درست علم النفس فقالت لنا الدكتورة التي تعلمنا ان اغلب الصفات من الممكنان تكون مكتسبه و يتم التعديل عليها و لكن صفتين يعتبروا وراثة و هم العنف والجريمة و البخل و لا اذكر ان الكذب كان من بين الصفات الوراثية التي درسنا عنها .

عموما انا اعتقد ان الكذب هو سلوك سيء اكتسبه المرء من ممارسات خاطئة وقدوات غير حسنة وعدم ثقة بالنفس وتعرض الى العنف والتأنيب المستمر ، واسبابه ايضا التعرض الى التنمر مما يجعله يحتاج الى الكذب للرفع من قيمته وقدره امام الناس اذا الاسباب تربوية ونفسيه وتجارب قاسية تؤدي الى الكذب.

وقد كان هناك شخصية تاريخية معروفه بالكذب لدرجة انه اصبح مثل متداول عن ايشخص يكذب و يعظم و يمجد بنفسه فيقولون عنه (يحسب ان ابو زيد الهلالي خاله) كناية عن كذبه و تعظيمه بنفسه و تاريخه و اختلاق قصص تجعل منه بطلا عظيما 

قدم أبو زيد الهلالي أكاذيبه من خلال سرد القصص والحكايات التي ادعى أنها حقيقية، لكنها في الحقيقة كانت من نسج خياله. كان أبو زيد الهلالي بارعًا في سرد القصص،وكان يستخدم مهاراته لإقناع الناس  كان أيضًا ماهرًا في استخدام لغة الجسد وتعبيراتالوجه لإقناع الناس بأن أكاذيبه كانت حقيقية.

وعندما نفكر في رادع للكذب ملازما للتربية المنزلية و الاخلاقية في البيت و المدرسة والنادي الثقافي و المنصات الاعلامية والخطاب الديني و دور العبادة فإننا نتوجه الىالقانون (فمن أمن العقاب اساء الادب) فهل يعاقب القانون على الكذب؟ نعم 

ويمكن أن يعاقب القانون على الكذب في بعض الحالات ،يعتمد على السياق الذي يحدثفيه.

 على سبيل المثال يُعد الكذب تحت القسم جريمة في معظم البلدان. وينطبق الشيء نفسه على تقديم تقرير كاذب إلى ضابط شرطة أو مسؤول حكومي آخر. فببعض  الحالات ، يمكن أيضًا معاقبة الكذب في المحكمة المدنية ، مثل عندما يؤدي إلى ضرر مالي لشخص آخر.

ومع ذلك ، هناك بعض الحالات التي لا يُعاقب فيها القانون على الكذب. على سبيل المثال، لا يُعتبر الكذب بشأن عمرك أو وزنك أو حالتك الاجتماعية جريمة. وبالمثل ، لا يُعتبرالكذب بشأن آرائك أو معتقداتك جريمة.

أما الشرائع الدينية بالاديان السماوية الثلاث الإسلامية ًو المسيحية و اليهودية حرمتالكذب بشكل قاطع كما ان الدينات الوضعية ايضا لا تقبل الكذب وتنهى عنه و كل مايدعو للاخلاق و تقويم السلوك و احترام الذات في بلاد المشرق و المغرب و على كوكب الارض.

ودعت الديانات ايضا الى الصدق والامانة و قول الحقيق ، حيث  قال رسول الله محمد صلى الله عليه وآله  وسلم عن الكذب :

- الكذب من الكبائر. 

- الكاذب لا يدخل الجنة. 

- الكذب يهدم الإيمان.

- الكذب يمحق البركة.

- الكذب يورث الفقر.

- الكذب يسبب النفاق.

- الكذب يفسد الأخلاق.

- الكذب يوقع في المعاصي.

- الكذب يبعد عن الله.

-قال أبو الدرداء: يا رسول الله! هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يزني المؤمن؟قال: بلى وإن كره أبو الدرداء، قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: إنما يفتري الكذب من لا يؤمن،إن العبد يزل الزلة ثم يرجع إلى ربه فيتوب، فيتوب الله عليه. اهـ.

كما  قال يسوع المسيح عليه السلام عن الكذب والصدق:

- لا تحلف كذباً باسم الرب إلهك، لأن الرب لا يبرئ من حلف اسمه باطلاً. (خروج 20: 7)

- لا تكذب على قريبك. (لاويين 19: 11)

- لا تكذبوا بعضكم على بعض، إذ قد خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله، (كولوسي 3: 9)

- لأننا لسنا مثل كثيرين، يغشون بكلمة الله، بل كمن من الإخلاص، بل كما من الله، نتكلمفي المسيح أمام الله. (كورنثوس الثانية 2: 17)

- ولكن ليكن كلامكم نعم نعم، ولا لا، لئلا تقعوا تحت الدينونة. (متى 5: 37)

و انا اردد دائما على اصدقائي الاطفال ان الصدق هو مفتاح التواصل مع الله فاللهسبحانه وتعالى يحبك عندما تكون صادقا واضحا نقيا تبدأ بالاول الصدق مع ربك والاعتراف له و طلب العفو دائمآ و الصدق مع نفسك و الصدق مع الاخرين و لا تخف ابدالان الصادق صاحب قوة داخلية تستطيع ان تحارب الكون بصدقك.