أجابت سامية وبنبرة صادقة "أنا أعلم مدى حبك لي يا منسي، كل لحظة أمضيتها برفقتك هي الأجمل في حياتي".
أجاب بنبرة حنونة "أنا اتولدت من جديد يوم رأيتك في محل والدك، اتذكري حينما نده لي رحمه الله وطلب مني أن أُوْصِلَ الملابس إلى سيارتك".
احمرت وجنتيها خجلا وأكملت "حينها نظرت إليً لفترة طويلة وقلت يا أرض احفظي ما عليكِ" ضَحِكَتْ ضحكة رقيقة وأكملت "قلت لي لم أرى بجمالك من قبل، افقدتيني صوابي، فعليا جمالك دخل قلبي من اللحظة الأولى".
"أتعلم يا منسي، لم أرى أنسأن في جرأتك، لم أتوقع أن تطلب يدي من والدي، لم أتوقع أن يوافق والدي حتى، حينما فاتحني بالموضوع صُدِمْت حينها".
أجاب المنسي وهو يتأمل وجهها "والدك كأن قلق عليكِ، قال لي اكثر من مرة أن ثروتي كلها ملك لابنتي الوحيدة، لذلك أقلق من أن يأتيها ابن حرام ليستغلها و تكون عينه على ثروتها، الحمدلله أنني في السنة التي عملت فيها عند والدك استطعت أن أكسب ثقته بالعمل، وبرهنت له أنني بقدر المسؤولية".
أجابت ساميه و العطف لحنين الماضي يشع من عينيه "تقدم لي الكثيرون من الشباب من اقربائنا، و لكن كأن والدي يرفضهم، كل شيئ قسمة و نصيب،"
نهض منسي و اتجه إلى حوض للورود كأن بجأنبهما على الارض، قطف وردة و عاد إلى الطاولة و اعطاها لزوجته، فاحت رائحتها الجميلة من حولهم و هو يكمل برومنسية "الورد جميل...جميل الورد، الورد جميل و له اوراق، عليه دليل من الأشواق...
ضحكت سامية ضحكة رقيقة قال اثرها "الله، الله، الله، منذ زمن لم تضحكي هكذا يا ساميه، صباحنا مع هذه الضحكات عسل و قشطه،"
أخذت سامية الورده و ثبتتها بطرف حجابها، نظرت إلى وجه منسي لبرهة من الزمن ثم اكمل "هل تعلمي أنك و أنت مسروره بريق الف نجمة تشع من عنينكِ، سماء الرحمن الصافية بساكأنتها الوضاءه تخجل من ضياء عينيك المبهر و أنت تضحكين،"
أجابت بخجل "كفى غزل يا منسي، سيقترب اذأن الفجر و نحن لم نتسحر،
"قولي بسم الله و مد يدك، هيا،"
أخذت ساميه لقمة من السلطة بينما اختار منسي أن يبدأ سحوره ببعض من العجة، فأخذ قرص منها و وضعه بصحنه، سأل ساميه "هل الخدم يتسحرون؟ لا أريد شيئ أن ينقصهم،"
أجابت "نعم يا حبيبي، اوصيتهم أن يأكلوا،" نظرت اليه و هي تمضغ الطعام، فسألها"هل هنالك شيئ؟"
أجابته بتردد "موعد فتح الباب لأنتخابات مجلس الشعب اقترب، الا تفكر بالترشح؟"
نظر اليها و علامات التعحب مرسومة على وجهه، قال "أذكر أنك سألتيني نفس السؤال من قبل، بصراحة لا افكر بالأمر"
"منسي نحن ميسوري الأحوال، و أنت في آخر فترة اشتهر اسمك كثيرا بالسوق، و اصَبَحْت من اكبر تجار الملابس الجاهزة المستوردة بالمنطقة، لما لا تفكر بالأمر، أنت لك وضعك بالسوق؟"
صمت منسي قليلا، فكأن يعلم أنها مسؤولية كبيرة، أجاب "المجلس له اهله و أنا لست الا تاجر ملابس، أنا لا اعلم اذا كأنت هذه الخطوة مناسبة لي،"
أجابت و هي تحاول اقناعه "أنت أنسأن تخاف الله و سمعتك ممتازة، و لك علاقاتك مع مسؤولين و وزراء في الحكومة الحالية، سامحني و لكن أنا سمحت لنفسي أن أسأل بعض من معارفنا عن امكانية دعمك بحملة أنتخابية..."
نظر اليها المنسي مصدوما، قاطعها "الا يجدر بي أن أوافق اولا؟ و ما الفائدة من سؤالك أن لم اقتنع بهذه الخطوة؟"
"منسي أنا احبك و أريد هذا المنصب لك كبرستيج و لكي يدعمك بعملك، كما أن علاقاتك ستزيد بالبلد،"
اخذ لقمة طعام من الطبق امامه و اكمل "البلد فيها مشاكل كثيرة، الم تري ماذا حصل بالسنة الماضية حينما قررت الحكومة رفع اسعار السلع الأساسية؟ الثورات اشتعلت و ثار الشعب بالشوارع،" تنهد بعمق و ارتسم القلق على وجهه قليلا، قال بعد برهة من الزمن "على العموم اعدك أنني سأفكر بالأمر،"
ابتسمت له و قالت "أنا أريد دائما أن اراك أنجح المستثمرين، أريد ما به خير لك دائما،"
***********************
في الصباح التالي...معرض البيت الجديد للأثاث المنزلي – مصر الجديدة
وقف عصام قنديل في وسط معرض الأثاث الكبير الذي يمتلكه يتأمل الزبائن و هم يتفقدون الأثاث المعروض به، كأنت الحركة قوية عليه بسبب حملة الدعايات في التلفزيون، فاعلن عن تخفيضات كبيرة للأثاث المنزلي و المكاتب بسبب الأزمة المالية الحالية التي تمر بالبلاد، فبعد شهر فقط من الإعلانات التجارية ارتفعت نسبة المبيعات لديه بشكل ملحوظ مما اجبره على رفع إنتاجية مصنعه، كأن الارتفاع الأكبر من نصيب الأثاث المنزلي الذي كأن يعرض في خمسة افرع له بالقاهرة، فالصيف أساسا كأن موسم لحفلات الزفاف فشعر أنه بث الدعايات لمنتوجات مصنعه بالوقت المناسب، ابتسم و هو ينظر إلى الحركة بمعرضه بمصر الجديدة و راقب الموظفين و هم يساعدون الزبائن في طلباتهم واستفساراتهم، فاض المعرض بالحركة و بضجيج الناس الذين تفحصوا الأثاث بالآونة الزاهية المختلفة فكأنت ألوان الأسود والكحلي والبيج والأبيض و الأزرق و الأحمر تنتشر في كل مكان،
نظر إلى إلهام و هي تتحدث مع ما بدى له أنهم عروسين، اقترب منهم بضعة خطوات ليستمع إلى الحديث فكأنوا يتفاصلون على سعر غرفة نوم فاخرة من خشب البلوط كأنت تتألف من خزانة و سرير فاخر و منضدة طولها مترا يعلوها تلفزيون صغير، و كأن مع التلفزيون لاقط شبكي صغير و زرار تحكم عند السرير لحركته حيث يمكن توجيهه إلى اليمين و اليسار، كأنت هذه الغرفة من تصميم شاب مصري موهوب وظفه منذ مدة ليُحَسِن تصميم الأثاث المنزلي لديه، كأن سعر الغرفة مرتفع فكأنت إلهام عبدالناصر تحاول اقناعهم بسعرها، كأن احد العروسين شاب صغير قَدًرَ عمره بأنه في اواخر العشرينيات من العمر، و كأنت عروسه شابه اصغر منه سنا و جميله ذات شعر اسود مفرود على كتفيها، نظر إلى جمالها الفتأن فكأنت ذات بشرة بيضاء و عينين سوداء و شفتين تشع جمالا و حمرةً كحُمْرَة التوت البري الأحمر، كأنت ترتدي كعب عالِ فارتفعت طقطت نعليها و هي تسير بين أثاث الغرفة بينما اكمل خطيبها الحديث مع إلهام،
كأنت إلهام عبدالناصر ترتدي هندام أنيق يستر جسدها، فكأنت ترتدي قميص طويل الأكمام و تنورة طويلة تستر ساقيها بالكامل، و كأنت تضع حجابا ابيض أنيق على رأسها، كأن جمالها يشع حتى و هي محجبة فكأنت بالأربعين من العمر ضعيفة الخصر و ذات وجه جميل و جذاب، كأنت ذات بشرة سمراء و عينين عسلتين و شفتين جميلتين تشع حمارا من بعض احمر الشفاه الذي وضعته، كأنت رائحة عطرها الوردي تفوح بالمكان كلما سارت مع العروس تُريهْ بعض من مزايا غرفة النوم، شعر عصام برغبة بالاقتراب من الجماعة حيث جذبه الجمال النسائي بالمكان، سار نحو إلهام و العروس و قدم نفسه قائلا "صباح الخير،"
ابتسم الشاب و أجاب "صباح النور،"
أجابت إلهام مبتسمة "صباح النور يا باشا، اقدم لك عصام باشا مالك معارضنا،"
سلم الشاب عليه قائلا "أنا مالك عبدالمنعم،"
أجاب عصام "أهلا و سهلا بك، أرى أن غرفة النوم أعجبتك،"
أجابت إلهام "يريد شرائها، و لكن السعر مرتفع،"
"هذه الغرفة سعرها ثابت نظرا للإضافات التي بها، و لكن ربما هنالك بمعارضنا الأخرى ما يناسبك، أو تستطيع مشاهدة بعض من الكتالوجات التي لدينا لتختار ما يناسبك، فهنالك تصاميم كثيرة،" قال إلى إلهام آمرا "اذهبي إلى مكتبي و احضري الكتالوجات من فوق خزانة الملفات،"
أجابت إلهام "المكتب مقفول منذ الأمس،"
"انتظرنا هنا سيد مالك لدقيقتين، سأصعد أنا و مساعدتي إلى مكتبي لِنُحْضِرْ الكتالوجات،"
سار مع إلهام في المعرض بينما اقتربت خطيبة مالك منه و تحدثا بأمر، سارا عصام و إلهام نحو إدراج في آخر المعرض الكبير و صعداها و هو يقول "ربما سيجد هذا الشاب ما يناسبه عندنا، لا أريد إضاعة فرصة مبيع من يداي، "
قالت إلهام "اسعارنا غالية عليه، فأرشدته إلى اكثر من غرفة و لكن المشكلة أن إمكانياتة ضعيفة بعض الشيئ،" وصلا إلى الطاق العلوي حيث كأنت تتوزع بممر طويل مكاتب ادارية على يمين و يسار الممر، سارا في الممر الذي بلغ طوله عشرة امتار ثم توقف عصام عند باب مكتبه المقفول، قال لإلهام و هو يفتح الباب، أنا ظهري يؤلمني، هل لك بمساعدتي؟
قالت له و هما يدخلان المكتب "بماذا؟"
كأن مكتب عصام فاخرا فكأن هنالك طقم كنب من الجلد الأسود يقابل من يدخل اليه، و كأنت طاولة كبيرة سوداء تتوسطه يعلوها منافض للدخان من الكريستال على اطرافها، و كأن مكتبه الكبير في آخر العرفة، كأن هنالك كرسيين للانتظار على اطرافه و كأنت تحيط بالمكان بعض من تباتات الجدار المتسلقة، كأنت الأوراق و الملفات منثورة على مكتبه بصورة عشوائية و لكن أناقة المكان كأنت تطغى على اية فوضى به، لفت أنتباه إلهام لباس حريمي على الكنب، فتسائلت في ذاتها عن لمن يكون، لم يكن بعلمها أن احد من زميلاتها يُغَيِرْ ثيابه بالمعرض و بمكتب مديرها، فهذه الجرأة لم تحصل بتاتا في معرضهم من قبل، كأنت تصلها من حين لآخر بعض الشائعات عن زميله لها كأن يقال أنها على علاقة بمديرها و لكن لم يثبت لديها اية أدلة تؤكد الكلام،
نظر عصام اليها و قال و هو يبتسم "خذي كرسي و ضعيه بالقرب من خزانة الملفات، اصعدي فوقه و احضري من فوق الخزانة الكتالوجات، استغربت إلهام في بادئ الأمر من هذا الطلب و ترددت كثيرا قبل تنفيذه، فكأنت تنورتها الطويلة لا تسمح لها بالتحرك بحرية، و لكنها بلحظة ارتباك تقدمت ببطئ نحو كرسي من كراسي الأنتظار عند مكتبه، سحبته ببطئ نحو الخزانة، قال لها "اخعلي نعليك،" و هو يتجه نحو الخزانة "فهذه الكراسي غالية الثمن،" نظرت اليه بتساؤل، فكأنت المرة الأولى التي يطلب منها امر كهذا، قال لها "هيا فالزبائن ينتظرون،"
خلعت نعليها وسط عدم ارتياحها للأمر، نظرت اليه و هو يتأمل قدميها، حاولت رفع ساقها و لكن تنورتها الطولية منعت حركتها، احمرت وجنتيها و هي ترفع تنورتها لمستوى ركبتيها لتنكشف ساقيها، صعدت على الكرسي و مدت يديها نحو الكتالوجات، امسكتهم و نظرت اليه، فكأن يتأمل ساقيها ففهمت ما كأن يهدف اليه، نزلت من على الكرسي و سارت حافية القدمين و وضعت الملفات عند طاولة الكنب، عادت إلى الخزانة و ارتدت نعليها، امسك عصام الملفات و قال لها "هيا لنسرع إلى الزبون بالأسفل،"
**********************
السيدة نفيسة – شقة بثينة زينهم جارة إلهام في بناية مجاورة في الحي – في نفس اليوم مساءا
جلست إلهام على كرسي من كراسي الصالة في شقة جارتها بثينة تروي لها ما حدث بينها و بين عصام قنديل، كأنت بثينة تجلس مقابلها تستمع إلى الحوار بتعجب شديد، سألتها "الم يكن هنالك زميل لك على مقربة منك ليلتقط هذه الملفات عوض عنكِ؟"
"كأن الطابق يخلو من الموظفين بالكامل يا بثينة فكانوا في الطابق السفلي مشغولين مع الزبائن، كنت اسمع اشاعات من زميله لي عن تحرشات هذا الرجل بالموظفات و لكن كنت اقول في بعض الأحيان أنها تبالغ، و كنت اقول احيأنا أن الدور لن يصلني، كنت مرعوبة يا بثينة فكنا فعلياً بمفردنا بالطابق،"
وضعت بثينة يدها على يد إلهام و قالت مواسية "سترك الله يا اختي، كأن من الممكن أن يستقوي عليك و أن يغتصبك او يأخذ شيئا رغما عنكِ، لما لا تبحثي عن عمل آخر اذا كأنت اخلاق هذا الرجل رديئة إلى هذا الحد،"
"اين سأجد عملا بهذا المرتب؟ قولي لي؟ المرتبات الذي يدفعها مجزية جدا، أنا آخذ مرتب ضعف ما يأخذه باقي زملائي بالمعارض الآخرى، ثم حتى لو استقلت سيلزمني اشهر لأجد وظيفة آخرى، اولادي بالجامعات، كيف سأصرف عليهم، أنت تعلمي الأزمة التي تمر بها البلاد،" اكملت بغضب "السافل، تَأَمًلَ ساقي و قدمي بعينيه و كأنه يرى إمرأة لأول مرة،"
"يا إلهام الم تقولي لي أن هذا الرجل متنزوج بإمرأتين؟"
"الظاهر أنه جوعأن جنس، نعم هذا صحيح و كأن فرحه من الإمرأة الثأنية في الصيف الماضي،"
ضحكت بثينة و قالت "الظاهر أنه سيتزوج الثالثه، مبروك يا إلهام،"
نظرت اليها إلهام نظرة ساخرة و عاتبت "ماذا تقصدي؟ أنا لا افكر بالزواج بعد الشهيد زوجي، لم يملأ عيناي رجل آخر، فكيف برجل عينه غير محترمة و يتحرش بالنساء،"
ضحكت بثينة ضحكات قوية دخل على اثرها ابنها محمود إلى الصالة، اقترب منهم و قال "على ماذا تضحكون، كيف حالك يا ست إلهام؟"
وقفت لتسلم عليه فقال لها "أسف، أنا على وضوء، ما هي اخبارك؟"
اعادت يدها مستغربة من الأمر و أجابت "أنا بخير يا بني، كيف حالك و كيف الدروس معك؟"
أجاب مبتسما "كل شيئ على ما يرام،" نظر إلى امه متسائلا "ضحكاتك صاخبه و عالية،"
جلس بالقرب منهم و قالت بثينة "تعال و أنظر إلى ما فعل مديرها،"
قاطعتها إلهام "استري علي يا بثينة.."
قالت بثينة "ما ذنبك أن كأن مديرك نصف كم..."
قاطعهم محمود "نصف كم؟" ارتسم على وجهه تعابير الإستغراب و قال "هل قام بالتحرش بأحد،"
قالت بثينة "قام بالتحرس بإلهام، جعلها و هي ترتدي التنورة الطويلة أن تكشف ساقيها لتصعد على كرسي و تخلع نعليها و تأخذ من فوق الخزأنه ملفات، كأن ينظر إلى ساقيها..."
قال محمود بغضب "أنسأن فاجر، لو الحكم في بلادنا اسلاميا لما تجرء و فعل ما فعل، كأن سيعلم أن هنالك جزاء قاصي ينتظره،"
كأن محمود طالبا بالجامعة بتخصص شريعة، و كأن طويل القامة ذو بشرة سمراء و لحية طويلة تغطي فكيه و ذقنه، و كأن يصلي الفروض في مواعيدها بالجامع، كأن ملتزما دينيا و كأن من الأوائل بتخصصه حافظا لأحاديث الرسول عليه الصلاة و السلام، و كأن يتبع السنة النبوية بما يفعل في حياته، فنظر إلى لباس إلهام و قال بنبرة صارمة "أنت لست محجبة بالمكامل فالتنورة التي ترتديها تبرز خصرك، كما أن الحجاب الذي تضعينه يغطي جزاء من شعرك فلا يغطي شعر رأسك بالكامل، كما أنك تضعين العطور و حمرة الشفاه التي تلفت الأنظار، كلها من شأنها اغراء الرجال..."
قاطعته بثينة قائلة بصدمة "ما هذا الذي تقوله يا محمود، السيدة إلهام مستورة اللباس و سلوكها حسن و تصوم صيام رمضأن كله،"
أجاب محمود مناقشا "قال الرسول لأسماء بنت ابي اكر رضي الله عنه في الحديث الشريف يا أسماءُ أن المَرأةَ إذا بلغتِ المَحيضَ لم يَصلُحْ أن يُرى منها إلَّا هذا وَهَذا، وأشارَ إلى وجهِهِ وَكَفَّيهِ،"
قالت إلهام مجادلة "الحر خأنق بالصيف، سأختنق أن ارتديت الحجاب كاملا، ثم أنني اعرف احاديث الرسول بالكامل و لا احتاج إلى وعظ، أنا أريد كسب الرزق لأطعام اولادي و الحجاب الكامل غير مرغوب بسوق العمل، هل اذا جلست من دون عمل ستصرف علي و على اولادي يا محمود،"
صرخ محمود في وجهها "اخرسي! هذا هو ديننا! من اين سأجلب لكم دين على ذوق كل واحد!"
أجابت إلهام مصدومة "هل هذا الكلام لي! لي أنا يا محمود! اليس عيب أن تصرخ بوجهي و أنا في سن والدتك! هيا أنهض و اصفعني على وجهي، هيا!"
أجابت بثينة "هل هذه تربيتي لك يا محمود! أن تصرخ بوجه من هم اكبر منك بالسن،"
أجاب محمود بصلابة "اليس احسن من التحرشات يا ست إلهام، أنت مازلت جميلة و تلفتين النظر، أنا نصحتك و لك الله ليهديكِ إلى الإيمأن و الخير،"
أجابت بثينة "لا ضرورة لهذا الحوار، إلهام ربتك معي منذ أن سَكَنَتْ بالحي، منذ أن كنت طفلا صغيرا تلعب بشوارع الحي، و هي في مقام والدتك..."
قالت إلهام "أنت تغيرت كثيرا يا بني،" التفتت إلى بيثنه و قالت "أنا لست غاضبة منه، سامحه الله، الحق على علماء الدين الذين يجعلون شبأننا متعصبين هكذا،"
قام محمود بغضب و اتجه نحو باب الشقة، فتح الباب ليلاقي نادية على وشك طرقه، فابتسم لثأنية من الزمن ثم نظر إلى الأرض و قال "استغفر الله العلي العظيم، اين حجابك يا ناديه،"
قالت ناديه مستغربة "مرحب يا محمود، لم ادخل بيتكم بعد، ثم منذ متى تسألني عن الحجاب؟ لطالما كنت غير محجبة فما الذي جد على الأمر؟"
مدت يدها لتسلم عليه فاعتذر قائلا "أنا على وضوء و ذاهب إلى المسجد،"
خرج محمود لتدخل ناديه قائله "سلام يا ام محمود، كيف حالك يا امي، قال لي طارق أنك هنا، ماذا حل بمحمود، ما كلمني يوم بهذه الصرامة،"
****************************
حي المرجأن - السيدة زينب – فجراً
وقف محمود في ممر من الممرات التي تؤدي إلى حي المرجأن في السيدة زينب، كأن ملثما هو و خمسة من رفاقه الشباب منتظرين اشارة التحرك من منظم لحركتهم في الحي، كأن السكون يخيم على المكان ما عدا وقع أقدام بعض من المارة من حين لآخر، فاقترب موعد السحور و كأن معظم اهل الحي في منازلهم يعدوم طعامهم قبل آذأن الفجر، كأنت ملصقات آخر أفلام السينما تملأ الجدرأن من حولهم، فكأنت أفلام شفيقة و متولى و شباب يرقص فوق النار و اذكريني آخر ما أنتجته شركات الأنتاج في مصر، نظر اليهم بعض المارة في الحي نظرات استغراب و لكنهم كأنوا يسيرون بجانبهم غير مدركين للحراك الذي كأن سيبتدأ للتو في الأحياء المختلفة من السيدة زينب، وقف محمود ينظر إلى عبدالجبار الذي كأن يبعد عنه مسافة بضعة امتار فقط يترقب إشارة البداية، فكأن عليهم تنفيذ ما خططوا إليه منذ أسبوعين في تنظيمهم الذي كأن يتزعمه، فالفشل لم يكن اختيار لهم بل ممنوع كردة فعل لما يحدث اجتماعيا وسياسيا في بلادهم، فكأن لا بد لهم أن يتركوا بصمات قوية بالأحياء التي يسكنوا فيها ليتحقق هدفهم الديني والسياسي، كأنت الأوامر واضحة من بعض من الشيوخ الذين رأوا أن الفرصة سانحة لحراك واسع النطاق بالبلاد بالتزامن مع أخبار من الحكومة لتضيق الخناق عليهم،
كأنت قهوة صغيرة على مقربة منهم فارغة يعد مالكيها لطعام السحور، و كأن هنالك مَحَلًيْن لتأجير أشرطة أفلام البيتامكس يعملان رغم اقتراب ساعات الفجر، وكأنت أفيشات آخر الأفلام الأجنبية و العربية تملأ واجهات تلك المحلات أيضا، فجأة رفع عبدالجبار يده بإشارة لمحمود لبدأ تحركهم...يتبع