الأحد 6 اكتوبر 2024

الموت.. أهون الفقد

مقالات10-9-2023 | 12:11

صديق جليل يمر بفترة صمت، وأحيانًا يكون الصمت أفضل من لغو الكلام ، الذي يقترب من الضجيج الممل، لكن صمت الصديق مقلق فقد اعتدناه دائم السؤال والاطمئنان على أصدقائه وفي كلماته الكثير من المعلومات والأخبار المهمة، تشعر أنك مع جبرتي من نوع آخر، وتأتي ضحكاته تلقائية تشعرك بالتفاؤل وبهجة الحياة.

ولما طالت حالة الصمت رحت استفسر منه ورد بأنه حزين لفقد عدد من الأحبة، انتقلوا جميعًا إلى رحمة الله.

هون عليك يا صديق.. الفقد بالموت أهون ، بل أجمل كثيرًا ،هؤلاء ينتقلون الى رحاب الله ،حيث الرحمة المطلقة ويتركون لنا ذكرى طيبة بها نتذكرهم ،إذا شعرنا بالحزن فهو حزن نبيل وإذا تذكرناهم تأسينا وربما شعرنا بقدر من الغبطة.

لكن ماذا عن ألوان الفقد الأخري والموجعة بحق.

هناك من نفقدهم نتيجة غدر وقع منهم أو تقلب الأهواء وانتفاء الغرض والمصلحة ، وهناك من يرحلون وهم أحياء لأنك لم تلب لهم طلبًا حتى لو كان مخالفا للقانون ولكل القواعد الأخلاقية المعتبرة ، هل أحدثك عن ذلك الذي أحيل على المعاش ولما اتصل بأحد زملائه لأمر قديم بينهما ،لم يرد، بل وضعه على درجة "بلوك "….هذا هو الفقد بحق حين ينقلب الصديق ويبيع الشقيق ويبيعك الحبيب.

الفقد هنا يصبح نوعًا من البتر الإنساني ، بتر ينزف باستمرار ويقع يوميًا ، ربما مع كل خطوة وعليك أن تتحمل وتتعايش، بل تصمد أمام من يحولون بأنانية شديدة الأخلاق إلي عدم والقانون ستار لأطماعهم ، ثم يمضون راضين ، سعداء يعدون انفسهم أبطالًا ، يتفاخرون بجرائم تقع منهم كل لحظة.

هذا هو الفقد الذي نعانيه كل يوم، لابل كل لحظة ،نعانيه مباشرة أو فيما يقع حولنا، في محيط الأسر والأصدقاء ومجموعات العمل وغيرها.

كيف نفهم قيام مدرس جامعي بقتل الحشرات التي تجري زميلته تجاربها العلمية عليها لنيل درجتها العلمية ، فعل ذلك ليزيحها من الطريق بعد أن ثبت تفوقها ؟

وبماذا نفسر عشرات المكائد اليومية في محيط العمل وبعض تلك المكائد تقود إلي القضاء؟

وهل بلغكم نبأ الشقيق الذي يقتل شقيقه لينفرد بثروة الأسرة كلها ؟ والشقيق الذي دبر عصابة لاغتصاب شقيقته وتصوير المشهد لأنها رفضت التنازل عن حقها في شقة الوالد ؟

وإذا كنا نحن نشعر بالفزع ونحن نتابع فقط فكيف بأطراف الواقعة.. أي فقد ومرارة يعانيه هؤلاء ؟

أما الفقد بالموت فهو أهون، واكاد أقول أجمل.