الأربعاء 8 مايو 2024

ثروة منجم اسمه الوطن

مقالات12-9-2023 | 13:27

أردد في كثير من اللحظات أن مغرب الألفية الثالثة لا يكتفي بأن يعيش زمنه، بل يستثمر الوقت في صناعة التاريخ، وهذا ليس من باب الإطراء.

نعم أنا أتحدث من باب التباهي بوطني، صحيح أن حب الوطن من الإيمان، لكن مرت مع وطني وأبنائه لحظات عصيبة عرفنا بشكل جماعي كيف نستثمر الوضع ونحوله الى فرصة سانحة لتحقيق أفضل المكاسب رغما عن أنف الخسائر التي لا مفر منها.
هذا ما أسميه صناعة الثروة، لا يكفي أن تضع الطبيعة والظروف في جوف بلد المعادن والغاز والبترول و... بل يكفيه ويغنيه أن يكون لديه مواطنين يشكلون ثروة منجم اسمه الوطن.
وأنا بعيد عن الوطن، الذي يعيش على وقع الزلزال المدمر الذي هز موقع عدة، وأتى على البشر والحجر، أشعر بالفخر والاعتزاز وأنا أرى وأسمع ما يرفع المغرب والمغاربة الى عنان السماء.
صحيح الكوارث الطبيعية مقدرة، وطبيعي أنها تخلف الأضرار، لكن في المغرب الصور والأصداء مختلفة ومشرقة أيضا.
لم يستسلم الوطن والمواطنون للبكاء، لم يندبوا حظهم، تأثروا لإخوتهم الذين رحلوا أو أصبحوا دون مأوى، وحتى الذين شعروا بالخطورة وقضوا احتياطا الليل في العراء طردوا عنهم مظاهر التأثر، فانطلقت ملاحم التضامن الفعلي وتنافس في ذلك المتنافسون.
نقلت وسائل الإعلام وأيضا وسائل التواصل الاجتماعي، صورا مشرفة جابت العالم، للمواطنين المغاربة وهم يجسدون أعظم صور التلاحم، عبر مسيرات التضامن لتخفيف الأضرار عمن فقدوا الأهل والبيت والكثير من الفرص، وتأكد أن فرصة الوحيدة تجسدت في البقاء على قيد الحياة. 
أبت الظروف إلا أن تمتحننا جميعا في المغرب، لكن الإنسان الساكن في كل مغربي يتشبث يتشبث بالأمل ويقرر مواصلة إبهار العالم، ففي زمن كل يغني على ليلاه، يظهر التماسك المغربي.
يولد مغرب آخر من رحم المعاناة، فترفع المحن رافعة الراية البيضاء وتذهب إلى حال سبيلها. هذا هو حال منجم اسمه المغرب، تظهر ثرواته ومعدنه النفيس المتجسد في المواطنين عند الشدائد.
المغرب الذي يواجه قدره دون أن يطلب المعونة، سبق أن واجه كوفيد 19 لصناعة الثروة وعد جبلا من أجل الطفل ريان، هو المغرب الذي يبهر بتماسكه في انتظار اجتياز الامتحان الأكبر المتمثل في إعادة الإعمار، والله ولي التوفيق.

 صحافي مغربي

Egypt Air