الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

من داخل غرفة العمليات.. كواليس وأسرار حرب 6 أكتوبر

6-10-2017 | 18:06

 

في مثل هذا اليوم من 44 عامًا، استردت مصر أرضها المغتصبة، وسحقت العدو الغادر في ملحمة قتالية لم يشهدها التاريخ من قبل، رفعت مصر هامتها في هذا اليوم وهامات الدول العربية صاحبة الدور المشرف التي تكاتفت مع مصر سواءً بالقتال في جبهة سوريا أو بالأموال والسلاح والجنود لتحقق المعركة أعظم نصر في تاريخ العرب.. كيف أديرت المعركة، وماذا دار في غرفة عمليات الحرب؟ هذا ما نطرحه في السطور التالية.

قام الرئيس الراحل أنور السادات بتحديد ساعة الصفر، وأبلغ بها الرئيس حافظ الأسد حتى يبدأ الهجوم من الجبهتين المصرية والسورية في نفس الدقيقة، لكي يفقد العدو توازنه وتتشتت جهوده ولا يعرف في أي جهة يقاوم.. وفي الساعة الواحدة ظهر يوم الإثنين السادس من أكتوبر 1973 حضر الرئيس أنور السادات بصحبة وزير الدفاع الفريق أول أحمد إسماعيل إلى غرفة عمليات إدارة المعركة، وهي قاعة كبيرة سميت “مركز 10” وجد بها اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية واللواء سعد الشاذلي رئيس الأركان، وأيضاً اللواء محمد عبد الغنى الجمسي رئيس هيئة العمليات وبعض الضباط برتبة عقيد.

رحب القادة بالرئيس السادات، وبعد قليل، نظر اللواء الجمسي في ساعته وقال للرئيس: “سيادة الرئيس.. سبق السيف العذل” قصد الجمسي بتلك الجملة أن العدو حتى لو علم بموعد الحرب فلن يتمكن من عمل شيء، وفي الساعة الثانية بدأت المعركة حسب ساعة الصفر التي حددها الرئيس، وبدأت 200 طائرة الهجوم على العدو لتقذف معداته وأماكن تمركزه وتدك حصونه، وفي نفس الدقيقة، بدأت المدفعية وابلًا من القذائف من خلال 2000 مدفع استمرت في قذف جبهة العدو لمدة 53 دقيقة متواصلة، وفي الدقيقة الواحدة يطلق كل مدفع 75 قذيفة، وأثناء القذف المدفعي بدأت فرق المشاة في عبور القناة بالقوارب المطاطية للوصول إلى الضفة الشرقية للقناة، وقد سبقهم عدة جنود من الضفادع البشرية لغلق فتحات النابالم بإحكام حتى لا يفتح العدو نيرانه ويحول الماء إلى براكين تمنع جنود القوارب من العبور.

من خلال الخطة الموضوعة، تابع الرئيس والقادة في غرفة العمليات دقيقة بدقيقة تنفيذها من خلال ما يأتي من بلاغات، ومن البلاغات المحزنة لكنها تدل على الفداء والوطنية في الساعة الأولى، بلاغ عن وجود فتحتي نابالم مخفيتيـن، فما تم رصده بدقة وجود أربع فتحات للنابالم تم تكليف مجموعة من الضفادع البشرية بحمل مواد لغلقها، وبالفعل قام الفريق بعمله وأغلق الفتحات الأربعة، واكتشفوا وجود فتحتين إضافيتين ولم تكن هناك مواد لغلقها، فقام أربعة جنود بسد تلك الفتحات بأجسامهم حتى لا يصيب النابالم الجنود ويحرقهم أثناء العبور.

ورد بلاغ آخر محزن تلقاه الفريق أحمد إسماعيل وهو استشهاد الطيار عاطف السادات وذلك بعد ساعتين من العبور، وطلب الفريق إسماعيل من الرئيس السادات الاستئذان أن يخرج معه إلى غرفة مجاورة ليبلغه بالخبر، وقد شعر الرئيس بأن هناك أمرًا ما، فـطلب من الفريق أن يبلغه بالأمر، وأخبره بنبأ استشهاد شقيقه الأصغر، فرد الرئيس في هدوء: "واحد من أولادي .. كلهم أولادي" وظهر الحزن على وجه الرئيس ولكنه سرعان ما تبدد مع ورود بلاغات تفيد بتقدم الجيش وانتصاراته.

مضت غرفة العمليات في تواصل مستمر مع سلاح الإشارة الذي يغذي الغرفة بكل تحرك وإنجاز أو عقبة، وأتت كل البلاغات لتسجل أمجاد الجندي المصري وتفوق المدفعية والطيران، ولمتابعة سير المعركة، جهزت غرفة العمليات لتستمر طوال أربع وعشرين ساعة طوال سير المعركة، تـتبادل ثلاث فرق التناوب فيها لتلقي الإشارات وتحريك المجسمات على الخريطة لبيان تقدم القوات، ومن فرط الأخبار السارة التي تشير إلى النصر من الساعات الأولى، جاء موعد استلام الفريق الثاني ليرتاح الفريق الأول، لكن الفريق الأول أصر أن يستمر في عمله مما دعا الفريق الشاذلي أن يصرخ فيهم كي يذهبوا ليناموا ويتمكنوا من استلام ورديتهم في الصباح.