الإثنين 29 ابريل 2024

تيجي نتصاحب

مقالات14-9-2023 | 14:14

يمر الزمان سريعًا حاملًا معه ختم السنين والأيام ويتلفت يمينًا وشمالًا ليضع بصمته على كل مراحل حياتنا ثم يوثق هذه البصمة بإمضائه الأصلي الذي يؤكد مرور الأيام بأحداثها علينا، وسألت نفسي ماذا لو تصادقنا أنا وأيامي.. لماذا لا نصاحب أعمارنا.. وقلت للزمن لماذا لا نصبح أصدقاء بدلًا من أن تظل تجري مسرعًا وأنا أجري وراءك.. لماذا لا نجري سويًا بدل من أن تسبقني وأحاول دائمًا اللحاق بك فقد تعبت من كثرة الجري وبدلًا من خوفي من بصماتك.. أو إنكارها...!!

فا إيه رأيك لو نتصاحب..

فأنا من جهتي أحاول.. فما رأيك؟؟ أعلم أيها الزمن أن كل صاحب به عيب كما له ميزة.. فنحن نقول دائمًا (صاحبك على عيبه).. وعليَّ أنا أن أقبلك بكل عيوبك طبعًا.. فأنا من جهتي سوف أبحث في كل مرحلة عن ما يناسبها وما يتلاءم معها وأصادقه وأجعل الألفة والتقارب بيننا أكثر وأعمق.. أكثر في المزايا.. وأعمق في المعاني.

سأحاول أن أجد في كل مرحلة ما هو جميل وأتعامل معه أتلمسه وأشعر به فهو أكيد موجود ولكن قد لا أشعر به بدليل أني أنظر لكل ما هو مُرهق ومٌتعب ومُحبط في مرحلة الشباب ولكني لا أنظر لما فيها من طموح ونجاح وتحقيق الذات، وحماس وضحكات رنانة تبهج الحياة.. وكذلك أجدني أنظر للملل والوحدة والفراغ في الخمسين والستين ولا أنظر الصحة التي أنعم الله بها علينا.. أغفل أهم ما قمنا به أولادنا بنجاحاتهم وحبهم وخوفهم علينا.. هم العمل الرائع الذي نراه أمامنا.. أغفل كذلك أنني أملك وقتًا كنت لا أملكه قبل ذلك.. وقت لأن أقرأ، لأن أمارس رياضة، لأن أقابل أصدقائي وأصل رحمي التي انتظرتني سنين حتى أحييها.. وقت لأتقرب إلى الله أسبّح بهدوء، أصلّي بهدوء، وبعمق وتفكر في كل النعم التي أنعم الله بها علينا في كل سن وفي كل مرحلة.. علينا فقط أن نعمق النظر لنرى هذا الجمال وهذه النعم..

فهيا بنا نصاحب أعمارنا.. ونتعامل معها كأصدقاء ونخرج من دائرة مشاعرنا المغلقة، ونتمشى سويًا مع الزمن في بستان الحياة لنقتطف من كل مرحلة ثمارها لنقضي وقت ممتع لا ننشغل فيه بعدّ الأيام ولكن ننشغل فيه بتحقيق الأحلام.. هيا نصاحب كتاب جميل، أو آلة موسيقية رقيقة نعزف على أوتار القلب لحنًا يعبر عن كل ما هو جميل.. فإننا أصبحنا أصدقاء.

أليس كذلك أيها الزمن

Dr.Randa
Dr.Radwa