كتب : خليل زيدان
من اللحظات الأولى لحرب أكتوبر المجيدة التي تحل ذكراها الـ 44 اليوم، سطر الجيش المصري بكل قواته الجوية والبرية والبحرية أروع انتصار في تاريخ الحروب، حيث تم عبور قواتنا المسلحة في الساعات الأولى للمعركة وتحطيم خط بارليف الحصين بإحداث فتحات كبيرة لمرور الدبابات ودك حصون العدو، وأثبتت كل الوقائع نصر الجيش المصري وتفوقه في تلك الحرب.
وتابع الرئيس السادات سير المعركة لحظة بلحظة من خلال وجوده وقادة الجيش في غرفة العمليات، ولسرية الحرب وضمان النصر فيها، لم يتم إعلان ساعة الصفر إلا قبل الحرب بساعات، إذًا، لم يتم إخبار أي من وسائل الإعلام لتغطية أحداث المعركة وتسجيل وقائعها، وما تم نشره في الصحف اليومية والإذاعات عن تطورات المعركة وتقدم قواتنا كان من خلال البيانات التي تصلهم من المؤسسة العسكرية وإدارة غرفة العمليات.
في اليوم الحادي عشر من المعركة، كانت كل الشواهد تثبت نجاح وتفوق الجيش المصري وقد كتب الله له النصر من أول ساعة للمعركة، حيث تم عبور القوات كاملة بدون أي خسائر في الأرواح، ولم تكن الحرب قد انتهت بعد، وقد حدثت الثغرة التي أربكت فقط القوات المصرية، حيث استطاعت فرقة من القوات الإسرائيلية في اليوم العاشر للمعركة إحداث ثغرة تمكنوا فيها من الوصول إلى منطقة الزيتية من طريق سرابيوم أبو سلطان، وتبادلت فيها النيران الكثيفة والمقاومة من اللواء 16 مشاة وأيضاً المقاومة الشديدة من أهالي السويس لقرب تلك المنطقة من مدينة السويس.. فلم تشأ تلك القوات المحدودة من التوغل أكثر من ذلك وبقيت في مكانها.
علم الرئيس السادات بتلك الثغرة، وكان القضاء عليها أسهل من عبور القناة، فتلك الفرقة كانت محاصرة بين الجيش المصري في الضفة الغربية والضفة الشرقية عند الكيلو 101، وقد رأى اللواء سعد الشاذلي أن تعود بعض القوات المتقدمة للقضاء عليها، وحسب شهود من قوات العبور صدر الأمر فعلاً بالقضاء على تلك الفرقة الإسرائيلية، لكن تم التراجع عنه بأمر من الرئيس السادات، فقد رأى ألا يعود الجيش المصري من أرض اكتسبها في المعركة ولا يتراجع، وأن أمر تلك الفرقة تتولاه القوات الموجودة في الضفة الغربية.
وفي يوم 16 أكتوبر 1973 وهو اليوم الحادي عشر في المعركة، وهو اليوم التالي لإحداث ثغرة الدفرسوار ذهب الرئيس أنور السادات إلى مجلس الشعب في دورة استثنائية غير عادية، ليعلن للشعب المصري والعربي وللعالم أجمع نصر مصر وعبور قواتنا القناة وهزيمة الجيش الإسرائيلي، كان ذلك التوقيت لإعلان النصر أمام العالم توقيتاً عبقرياً، فقد علم الرئيس السادات أن جولدا مائير استطاعت الوصول إلى الثغرة، وهناك سجلت حديثاً للتليفزيون الإسرائيلي واستعرضت إعلامياً من خلال أحاديثها وصورها بين الجنود، وبدأت تصور للعالم ببلاهة أن قواتهم وصلت إلى الضفة الغربية، لذلك سارع الرئيس أنور السادات بإعلان نصر مصر وسحقها للعدو الإسرائيلي، لأن ذلك كان واقعاً حقيقياً، وحتى لا تنخدع وسائل الإعلام باستعراض جولدا مائير الزائف، وقد تم إيقاف القتال في 22 أكتوبر بعدما حققته مصر من انتصار بناء على قرار مجلس الأمن، وبدأت مباحثات الكيلو 101 التي كان من ضمن نصوصها أن تظل مصر عند ما اكتسبته من أرض حتى يوم 22 أكتوبر 1973.