روشتة يومية يصرفها المواطن المصري ليتناولها رغما عن أنفه .. مستحضرات درامية ، وعقاقير إعلانية تصرف كلها بصفة مستمرة ومجانا من أجزاخانات الإعلام المصري لصالح المشاهد الذي اختبأ خلف أريكته ليتوارى عن القذائف المتبادلة بين الشركات في حرب الفواصل الإعلانية .
وبعد أن كانت الأسرة تعاني من الابتذال الدرامي في الأعمال الرمضانية وتحاول الموازنة بين أوقات العبادة وأوقات الترفيه ، أصبحت الفواصل الإعلانية هي البعبع التلفازي الجديد ، فسواء كنت من متابعي الدراما أو برامج التوك شو أو حتى برامج المقالب أصبح لزام عليك أن تتناول جرعة العقاقير الإعلانية المقررة لك يوميا .
ويتصاعد غضب المشاهد مع كل فاصل إعلاني حتى يرفع آذان الفجر ليرتاح قلبه بذكر ربه الرحيم وينسى كل ما مر عليه من هفوات وسقطات إعلانية .. فتارة يأتي الفاصل محملا بهجمات متبادلة بين شركة وأخرى .. وتارة يأتي محملا بالتفاهة والسخرية ، حتى اللغة التي يتناول بها الإعلان عرضه للمنتج أصبحت رديئة إلى أقصى الحدود ومحملة بتعبيرات وتلميحات غير أخلاقية مما أصاب المشاهد بحالة من اليأس لما وصل إليه الذوق العام واستسلم لما كان يرفضه في الشارع بعد أن حاصره في كل الشاشات .
ولم تكتف جحافل وكالات الدعاية وجيوش الشركات الكبرى عن «فقع مرارة» المشاهد المصري بكل ما سبق ، بل صممت أن تصيبه بحالة من الشلل الفكري مع شلالات الأموال المتدفقة من الشركات لصالح حملاتها الإعلانية حيث تكلفت هذه الإعلانات ملايين الجنيهات نظرا للديكورات الفاخرة والسيارات الفارهة بالإضافة إلى أجور النجوم والفنانين أصحاب الأسماء اللامعة مثل حسين ومصطفى فهمى والسقا ويسرا وغيرهم الكثير ، ومع كل إعلان يمر يتحسر المشاهد المصري على أموال تصرف على ما لا يستحق ويتبادر إلى ذهنه سؤال: لماذا كل هذه التكلفة ؟ ، وللأسف لا يجد ردا سوى أنها حرب أموال لن تضع أوزارها قريبا، ومع ضجيج طبول هذه الحرب الإعلانية لا يجد المشاهد بديلا سوى أن يسد آذانه عنها ويغلق عيناه ، وعندما يفتحهما يجد ما يضمن له أزمة قلبية حادة باقتدار .. فالاعلانات الوحيدة التي تنافس شلالات الأموال هى إعلانات التبرع للمؤسسات الطبية والخيرية فلا يجد المشاهد أمامه سوى غلق التلفاز ويتوجه إلى غرفة نومه محاطا بهالة من الصمت ولسان حاله يقول «ارحمونا بقى»
كتب : أحمد عسكر