قلبه الطيب تفتت بانقلاب الكيزان.. أو الإخوان كما يسميهم السودانيون و ربيبهم و منظرهم الترابي.. تبا لهم ماذا فعلوا بك يا سوداننا الحبيب؟ كيف غدروا بك والقوا بك في غياهب جب حالك الظلمة، ومستنقع للعنف لا ينقضي؟
بهذا الحديث مع الذات الذي تتضمنه رواية حلو مر للكاتب و الروائي المصري محمد مصطفى عرفي، يستطيع القارئ من خلاله أن يستشف المضمون و الرسالة التي يبعث بها كاتبها في محاولة منه لتفسير ما جرى للسودان الشقيق، منطلق من الماضي القريب إلى الحاضر المعيش،شاخصة إلى مستقبل غامض ومربك.
فحول شخصية محمود، الشاب المصري الطموح، و فكرة رسالته للدكتوراه بالمشاركة مع جامعة لندن، التي دفعته لخوض تجربته في الخرطوم، و بحبه لتلك الفتاة السودانية التي تدعى مها.. تدور أحداث روايتنا التي حاول الكاتب أن ينقل لنا من وحي خياله صورة أقرب ما تكون للحقيقة بشأن ما تعرض له السودان على أيدي نظام قفز على السلطة متدثرًا بالاسمال الدينية.
تدور أحداث الرواية حول بطلها محمود، و لقاءه بأسرة السفير محجوب و زوجته و ابنته مها، تلك الأسرة المهاجرة من السودان إلى لندن هربا من الواقع مر المزاق .. الحلو مر .. نسبة للمشروب الأشهر في السودان، بتأثيره في الوقاية من الأسقام والحسد وكافة الشـرور والآثام، ذلك الواقع، الذي دفع ثمنه أبناء السودان الشقيق، و ذلك عقب سيطرة أشد البشر زيفا و كذبا و نجاحهم في خداع الغالبية بمقولاتهم الدينية الساذجة و وفقا لوصف الكاتب لمجرد انهم شغلوا مكانة الإمام في إحدى الزوايا أو لمجرد ارتدائهم جلبابا.
منذ السطور الأولى لرواية حلو مر يمضي القارئ متشوقا دون توقف، في رحلة البحث عن أجوبة حول التساؤلات التي تطرحها الرواية و الوصول للرسالة التي تحملها بين طياتها.. من و لماذا و متى و كيف ؟! .. فهي جميعها أسئلة حاول الكاتب أن يجيب عنها بالتوازي مع قصة الحب العذبة، التي جمعت بين بطلي الرواية محمود و مها، التي حاول من خلال كل تفصيلة من تفاصيلها التأكيد على مدى التقارب بينهما و كأنه مرآة عاكسة للتقارب التاريخي بين الشعبين المصري و السوداني و خصوصا جيل الآباء، و ذلك من خلال تطرقه لملامح الشبه بين والد حبيبته الاستاذ محجوب جناب السفير .. ابن السودان .. و والده المصري.
حلو مر.. ليست التجربة الأولى من نوعها لكاتبها الروائي المصري محمد مصطفى عرفي، المحاضر الأكاديمي، الحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون والعلوم السياسية من لندن، فكما قال فالعمل على هذه الرواية بدأ منذ ثلاث سنوات، و ذلك أثناء تواجده لأداء مهام عمله في جيبوتي..
و لعل أهم ما يميز هذه الرواية هو أهميتها و أهمية مضمونها و الرسالة التي تحملها، و ذلك وفقا لحديث كاتبها، الذي أشار للتقارب الذي يجمع الشعبين المصري و السوداني، فهناك نحو خمسة مليون سوداني يعيشون على أرض مصر، و رغم هذا لا يزال هناك الكثير من التفاصيل المجهولة عن هذا الشعب للغالبية في مصر.
صدرت للكاتب و الروائي المصري محمد مصطفى عرفي العديد من المؤلفات الأدبية والسياسية باللغتين العربية والإنجليزية، كما صدرت له خمسة كتب باللغة الإنجليزية، وأربع روايات باللغة العربية، و هي: الحب في لندن عام 2015، دموع ماتريوشكا عام 2017، وردة في حقل الصبار عام 2020، و ظلال الكولوسيوم عام 2021.