الأربعاء 29 مايو 2024

شعب مدهش ورائع وأصيل...!!

9-10-2017 | 14:10

بقلم : نبيلة حافظ

ليس بالغريب على الشعب المصري صاحب حضارة آلاف السنين أن يتغلب على الصعاب والمشكلات التي تواجهه بالحكمة والذكاء، وأن يواجه عيوبه وسلبياته بشجاعة حرصا منه على مستقبله وصورته أمام شعوب العالم، وكان الإسراف واحدا من تلك العيوب الذي قرر الشعب المصري معالجته لكي يستطيع مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها، ومن أهم مظاهر الإسراف هذه كان ما يتبع بأمور الزواج والتي كانت مجالا خصبا للمبالغة في الإنفاق دون حدود لدرجة أن البعض كان يقترض ويستدين من أجل توفير نفقات زواج الأبناء والنتيجة كانت قضايا شيكات وإيصالات أمانة تدفع بالآباء والأمهات خلف القضبان ليضيع معها مستقبل أسر بأكملها ويشرد أبناء لا ذنب لهم بسبب تصرفات غير مسئولة من جانب آبائهم، لذا لم يكن من الغريب أن ترتفع نسبة العنوسة بين الفتيات وأن يعزف الشباب عن الزواج أمام المبالغة في تكاليفه.

ولكن سبحان الله جاءت الأزمة الاقتصادية التي مررنا بها في الفترة الأخيرة لتجعل الكثير من المصريين يعيدون حساباتهم ويعدلون من عاداتهم وأفكارهم الخاطئة ويحاولون إيجاد حلول عملية تتناسب مع المرحلة التي نعيشها الآن وسط موجة الغلاء في كل مستلزمات الحياة، وذلك من أجل العبور بسلام وأمان من هذه المرحلة الصعبة التي نعيشها، وكانت من أبرز هذه التعديلات التخلي عن متطلبات الزواج المبالغ فيها لحث الشباب على الزواج وتيسيره لهم، فانطلقت مبادرات عديدة في عشرات القرى بمحافظات مصر تطالب الأهل بالتبسيط والتيسير والتخلي عن الأمور المبالغ فيها والتي تعد إسرافا وتبذيرا لا داع له في الظروف الراهنة التي يعاني منها الشباب.

وأجمل ما في هذه المبادرات أنها صدرت من أهل الريف الطيبين الذين وضعوا شروطا يجب على الأهل تنفيذها مثل التخلي عن الشبكة تماما والاكتفاء بدبلتين، وأن يتم الاستغناء عن كل الكماليات غير الضرورية للحياة الزوجية والاكتفاء بالأساسيات فقط، والتخلي عن العادات والتقاليد التي كانت متبعة في احتفالات الخطبة والزواج والتي تعد من مظاهر الإسراف والتبذير وتكلف الأهل أموال كثيرة، واقتصار تلك الاحتفالات على أهل العروسين فقط.

والمدهش أيضا أن تلك المبادرات لم تكن مجرد اقترحات وأفكار مطروحة بين أهل تلك القرى بل كانت اتفاقيات مكتوبة وموقع عليها ممن لهم أبناء وبنات "على وش جواز" وكانت لها شروط يجب اتباعها وعقوبات وجزاءات صارمة على من يخالفها.. ولكن الغريب أن تلك المبادرات ومطالبات التقشف وجدت اعتراضا من الأمهات في البداية من منطق رغبة الأم في توفير أفضل جهاز لابنتها وإقامة عرس لها تتفاخر به بين الأقارب والجيران، ولكن لأن الرجال هم من يملكون زمام الأمور والكلمة العليا لهم في النهاية تم إبرام هذه المبادرات بنجاح.

فكم أنت جميل يا شعب مصر لأن الصعاب تزيد من صلابتك وقوتك لتثبت للعالم كله أنك شعب مدهش ورائع وأصيل!!.