تقترب إسبانيا من المجهول الثلاثاء مع إعلان استقلال محتمل لكتالونيا أحد أغنى مناطق البلاد، يمكن أن يفاقم التوتر مع مدريد وتثير تبعاته التي لا يمكن التكهن بها قلق أوروبا.
وفي إشارة إلى أجواء الترقب السائدة بانتظار حلول المساء، تم إغلاق الحديقة على مشارف البرلمان في برشلونة صباح الثلاثاء.
كما انتشرت الشرطة المحلية (موسوس ديسكوادرا) منذ الفجر حول البرلمان للحؤول دون أي تجاوزات من قبل متظاهرين مؤيدين او معارضين للاستقلال.
ولم يعد لدى الكتالونيين المنقسمين إلى معسكرين متساويين بشأن الانفصال سوى سؤال واحد: هل سيعلن بوتشيمون استقلال المنطقة من جانب واحد كما يهدد، أم انه سيبطئ مسيرته أو يتراجع؟
وسيرد هذا الصحفي السابق البالغ من العمر 54 عاما والاستقلالي منذ ان كان شابا، على هذا السؤال أمام برلمان كتالونيا عند الساعة 18,00 (16,00 ت غ) في جلسة سيتحدث فيها عن نتائج الاستفتاء غير القانوني على الاستقلال الذي جرى في الاول من أكتوبر.
وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن بوتشيمون كتب وأعاد صياغة خطابه طوال نهار الاثنين، محاطا بمستشاريه ومترددا بين أنصار الرحيل بلا تردد والذين يخشون أن يكون العلاج، أي الاستقلال، اسوأ من العلة نفسها وهي وصاية مدريد.
وهتف مئات الآلاف من الكتالونيين المعارضين للاستقلال في تظاهرة كبيرة الأحد "كفى!"،وهذه الكلمة استخدمتها أيضا أكبر منظمة لأرباب العمل "فومنت ديل تريبال" بعدما قررت خمس أو ست شركات كتالونية مدرجة في مؤشر الاسهم في البورصة، نقل مقرها الى خارج المنطقة.
وحركة النزوح هذه ستستمر في حال اعلان الاستقلال من جانب واحد وهو ما سيشكل "كارثة" بالنسبة لأسبانيا وكتالونيا، بحسب ما أعلن رئيس هيئة التجارة اإسبانية خوسيه لويس بونيت.
وصرح بونيت لاذاعة "كادينا سير" ان ذلك "سينعكس سلبا الى حد كبير على اسبانيا وحتى على أوروبا إذ سيترتب عليه خلل كبير في الاستقرار"‘ لكن معسكر بوتشيمونت شجعه على المضي قدما في خطته بتظاهرة كبيرة مقررة في محيط البرلمان.
وسيحدد مصير هذه المنطقة التي تعادل في مساحتها بلجيكا وتضم 7,5 مليون نسمة مساء الثلاثاء في خطاب يلقيه رئيسها الانفصالي كارليس بوتشيمون تحت أنظار أوروبا التي يهزها أصلا بريكست.
يشمل برنامج أعمال الجلسة الرسمي "الوضع السياسي" بعد "الاستفتاء" الذي يؤكد الاستقلاليون انهم فازوا بتسعين بالمئة فيه وأن نسبة المشاركة فيه بلغت 43 بالمئة.
وعنونت صحيفة "ايل بيريوديكو دي كاتالونيا" المعارضة للانفصال الثلاثاء على صفحتها الأولى "نهاية الطريق"، أما صحيفة "ارا" الناطقة بالكتالونية والانفصالية فتقول إن بوتشيمون يعتزم إعلان الاستقلال لأن "لا هامش لديه للتراجع"، وقد يختار بوتشيمون "إعلان استقلال مؤجل" أو يكتفي بإعلان رمزي يؤكد أن الحوار ملح ويبدأ العملية على مراحل.
في مدريد حذر رئيس الحكومة المحافظ ماريانو راخوي من أن إعلان استقلال أحادي يمكن أن يدفعه إلى تعليق الحكم الذاتي الذي تتمتع به المنطقة وهو إجراء لم يطبق يوما في هذه المملكة البرلمانية التي تتمتع بحكم لا مركزي واسع، وهو يملك أدوات أخرى بما أنه سيطر على مالية المنطقة في سبتمبر، ويمكنه أيضا فرض حالة طوارئ مخففة تسمح له بالتحرك بمراسيم.
يمكن أن يتحرك القضاء أيضا ضد بوتشيمونت والانفصاليين المتشددين الذين نظموا الاستفتاء ويخططون "للاستقلال" منذ أشهر، لكن أي إجراء جذري يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في كاتالونيا حيث أعرب ثمانية ناخبين من أصل عشرة عن تفضليهم لو تم الاستفتاء وفق الأصول، كما أن التوتر والمشاعر قوية جدا في الشارع مع أن غالبية التظاهرات كانت سلمية.
ويسود هذا التوتر في كل إسبانيا حيث تعود أشباح الماضي ودكتاتورية فرانسيسكو فرانكو (1939 -1975) عندما يدافع "قوميون" عن وحدة البلاد، على غرار الاستفتاء في اسكتلندا في 2014 وحول بريكست في بريطانيا في 2016، فإن هذا الموضوع يثير الانقسام بين الأسر.