لمستُ حروفي فانْهمَرْنَ مَعانيا
فأطلقتُ في عرسِ القوافِي صباحيا
يشيبُ ربيعٌ في الغصونِ وينمحي
وظِلْتَ الربيعَ العذبَ أخضرَ زاهيا
أطلَّ الجمالُ الفذُّ منكِ مغرِّدا
ورفَّت شفاهُ النورِ حولي شواديا
وبالخلقِ الفياضِ ترفعُ رايةً
وتمشي إلى جدبِ الطبائعِ شافيا
فلمْ تكتنزْ أقمارَ قلبِكَ في الحشا
ولكنْ بها شدْتَ النفوسَ العَواليا
ومَنْ غيرُك الهادي وقد جمحَ الدُّجَى
وما عادَ ومضٌ في الخلائقِ باقيا
فلا النارُ للحمقى تُجازي سجودَهم
ولا الصَّنمُ البالي أجابَ مُناجيا
فيا ويْحَه طينٌ يعانقُ قيدَه
إلي هوَّةِ النكرانِ عاشَ مُوَاليا
حضنْتَ البواديْ والحواضرَ رحمةً
وفي كلِّ شبرٍ كنتَ صَرحَا وبانيا
فما الكونُ للإسلام ِ إلا منابرٌ
وليسَ سوى ثغرِ الحقيقةِ داعِيا
إلى المجْدِ قد أصغَى الزمانُ وهزَّه
فتىً مِنْ عروقِ الشمسِ حلَّقَ ساميا
جبالٌ وبحرٌ للإلهِ سجودُها
وحتى فؤادِ الصخرِ لم يكُ صابيا
وبين ضلوع ِالحقِّ يبتسمُ الشذا
وقد مدَّ بالإحسانِ منكَ أياديا
وفي الأرضِ ولَّتكَ الأمانةُ عرْشَها
وراحتْ على كفَّيك تجْني المَغَانيا
وما حادَ صدقٌ عن طريقِ أمينِه
ولا لسِوَى الرحمنِ كبَّرَ سَاعيا
ولو في اليمينِ الشمسُ والقمرُانجلى
يساراً فما بخسٌ يطاولُ غَاليا
فما تُشترَى بالأرضِ جائزةُ السَّما
ولو بذلوا دنيا الملوكِ جوازيا
وإذْ ما ارتقَى الإيمانُ مِئْذَنة المدَى
تُصلِّي سماحاتٌ وتتلو المثَانِيا
فحِلمُك يعفو والأمانُ يعمُّهم
وراحتْ يدُ الحُسْنى تزيحُ مَساويا
فهمْ طلقاءُ اللهِ أينَ توجَّهوا
ولم يقرأوا إلا صدَى الحبِّ حانيا
فما للبلادِ الفتحُ شمَّر ساعدا
ولكنما للنفسِ يفتحُ باديا
ولا فخرَ إلا بالذي لثماره
سعَى كلُّ كفٍّ في البريَّةِ جانيا
ولمَّا بوجهِ الفضلِ شِمْتُ إجابةً
زرعتُ على نهرِ الشعورِ سؤاليا
فؤادي على بابِ النبيِّ ولمْ يزلْ
أليسَ الذي ولَّى عن البابِ عاصِيا
إذا الحبُّ أفتَى للقلوبِ فقلْ له
نِعمَّا هوى يسعَى لأحمدَ راقيا
فمنْ ذا بدربِ الرسْلِ بايعه التُّقَى
ومنْ سارَ للإيمانِ لا الزيغِ حادِيا
ملكْنَا على الأحقابِ مجْدَ قضيَّةٍ
فهلْ لسرابِ الإفْكِ نُلْقِي الأياديا
فلا برسولِ اللهِ نحضنُ قدوةً
ولا لضفافِ الدينِ قُدْنا المرَامِيا
ففي لجَّةِ الأهواءِ ضجَّ شراعُنا
فلا البحرُ يهدا أو نشمُّ مَرَاسيا