الجمعة 21 يونيو 2024

50 عاما على انتصارات أكتوبر.. اللواء باقي زكي يوسف مهندس حطم خط بارليف بـ«مضخات المياه»

باقي زكي يوسف

تحقيقات6-10-2023 | 16:05

أماني محمد

كان النصر العسكري الذي حققته مصر في حرب أكتوبر 1973 خير مثال على عبقرية المصريين، الذين نجحوا بأفكار غير تقليدية تخطي الصعاب وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ونجح في تدمير الساتر الترابي الذي أجمعت الآراء أن تخطيه يحتاج لقنبلة نووية.

جاءت فكرة تحطيم خط بارليف بخراطيم المياه، والتي قدمها المهندس باقي زكي يوسف، للتخلص من الساتر الترابي، وهو ما نجحت مصر في تحقيقه، حيث اقترح استخدام ضغط المياه لأحداث ثغرات في الساتر الترابي المعروف بخط برليف في سبتمبر عام 1969، وهي فكرة سجلت باسمه.

 

من هو باقي زكي يوسف؟

ولد اللواء باقي زكي يوسف في 23 يوليو 1931 ، وتخرج سنة 1954 من كلية الهندسة قسم ميكانيكا من جامعة عين شمس.

انتُدب للعمل في مشروع السد العالي في شهر مايو عام 1964، ثم عين رئيساً لفرع المركبات برتبة مقدم في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية، و شاهد عن قرب عملية تجريف عدة جبال من الأتربة والرمال في داخل مشروع السد العالي بمحافظة أسوان والتي كانت هذه هي بذرة فكرة أحداث ثغرات في الساتر الترابي المواجه لخط برليف.

لكن بعد أزمة 1967 ألغى انتداب كل الضباط وعاد يوسف إلى القاهرة يوم 4 يونيو، حيث عين انضم لفرع المركبات في الفرقة 19 مشاة الميكانيكية وأصبح رئيسها برتبة مقدم، حيث ظل ضابطاً مهندساً في القوات المسلحة خلال الفترة من عام 1954 وحتى 1 يوليو 1984، قضى منها خمس سنوات برتبة لواء.

فمع بداية الإعداد للمعركة وتحرير الأرض في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتحديدا في يوليو عام 1969، وفي مقر الفرقة 19 التابعة للجيش الثالث، بإحدى ضواحى السويس، عقد قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم اجتماعا لأركان القيادة والضباط لمناقشة كيفية التعامل مع خط بارليف.

 

خط بارليف

استهدف العدو الإسرائيلي من إقامة الساتر الترابي العملاق خط بارليف أن يكون نقاط حصينة لمنع عبور أية قوات مصرية لقناة السويس وتحرير سيناء، فقد بدأت في إنشائه في أعقاب نكسة 1967، وبلغت تكلفته حوالي 200 مليون دولار في ذلك الوقت، وكان هذا الخط يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء.

وكان باقي زكي يوسف، برتبة المقدم مهندس مديرا للمركبات في الفرقة 19، حيث اقترح فكرته بالتخلص من الساتر الترابي باستخدام مياه قناة السويس، وضخها عبر خراطيم بمواصفات معينة لتقوم المياه المندفعة بتجريف الرمال فتتساقط على الطريق الشاطئي، وبعدها التعامل بديناميت لفتح الثغرات، فيقول يوسف عن تلك اللحظة "مجرد ما أنهيت كلامي وجدت سكونا في القاعة، لدرجة أني خوفت أكون خرفت".

وأوضح في إحدى الحوارات الصحفية أنه بين الساعة 12 ليلا وقت انتهاء الاجتماع وحتى الساعة 12 ظهر اليوم، التالي كانت الفكرة وصلت لأعلى مستوى في القوات المسلحة، وفي أقل من أسبوع كانت وصلت للرئيس جمال عبد الناصر، وبالفعل بدأت تتطور خلال الفترة ما قبل الحرب بالعمل مع سلاح المهندسين في سرية تامة واستيراد المضخات والتدريب على استخدامها لتحقيق الهدف في أسرع وقت ممكن، وبالفعل نجحت القوات في عبور الضفة الشرقية للقناة في أقل من ست ساعات، وتحطم الساتر الترابي.

 

تحطيم خط بارليف

وقال المشير الجمسي في مذكراته إنه كان رجال المهندسين يعملون تحت تهديد نيران العدو، بينما وجوههم وأجسامهم مغطاة بالطين، وللمضخات التي سميت (مدافع المياه) في أيديهم يشقون الساتر الترابي. لقد استخدموا 350 (ثلاثة وخمسين) مضخة مياه في مواجهة الجيشين للقيام بهذا العمل. وكلما سقط شهيد أو جريح منهم حل محله مقاتل آخر فورا واستمر العمل، حيث تمكن هؤلاء الرجال من فتح أكثر من ثلاثين ممرا خلال عدة ساعات منذ بدء القتال.

وكان ينهال من كل ممر (فتحة) (ألف وخمسمائة) متر مكعب من الرمال، واستمروا في عملهم حتى فتحوا باقي الممرات المطلوب، وعندما وصل عدد الممرات التي تم إنجاز العمل فيها ستين ممرا، كان المهندسون قد قاموا بتحريف 90000 (تسعين ألف) متر مكعب من الرمال، كان هناك إصرار تاما من جانبنا على فتح الممرات التي يستتبعها تشغيل المعديات وإقامة الكباري حيث تتدفق عليها القوات.

ومع استمرار تحطيم الساتر الترابي بدأ رجال المهندسين في إنشاء الكباري في المواقع المحددة لها على القناة، بينا واصل المهندسون إقامة الكباري والمعديات لعبور القوات حتى تم العبور وانتقال القوات إلى شرق القناة وتحقيق النصر العظيم.

 

تكريم اللواء باقي زكي يوسف

حصل باقي زكي يوسف على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات في فبراير عام 1974 عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 1973.

كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس محمد حسني مبارك عام 1984 بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة.

توفي اللواء باقي زكي يوسف في 23 يونيو 2018 عن عمر ناهز 86 عاما.