يحتفل الشعب المصري بذكرى انتصارات أكتوبر 1973، والتي خلالها جسدت ملحمة تكاتف فيها الشعب المصري مع القوات المسلحة لتحقيق الانتصار المجيد، وقاد تلك الملحمة أبطالا كُثر ومنهم المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية خلال فترة حرب أكتوبر 1973، والذي يعد صاحب خطة الانتصار العظيم الذي حققته مصر لتحرير الأرض.
وصنف من ضمن أفضل 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكاً جديداً، وكان ثانى ضابط يحصل على رتبة المشير وهى أرفع رتبة عسكرية تقديرا من الرئيس السادات لما قام به فى حرب أكتوبر وهو أول من قام بإنشاء قوات الصاعقة، أثناء العدوان الثلاثى على مصر في عام 1956، وشارك فى الحرب العالمية الثانية كـ ضابط مخابرات فى الصحراء الغربية .
المشير أحمد إسماعيل
ولد 14 أكتوبر 1917 بشارع الكحالة الشرقي بشبرا، وكان والده ضابط شرطة وصل إلى درجة مأمور ضواحي القاهرة، وكان أحمد إسماعيل يحلم باليوم الذي يكبر فيه ليصبح ضابطا بالجيش، وعقب حصوله على الثانوية العامة من مدرسة شبرا الثانوية حاول الالتحاق بالكلية الحربية لكنه فشل فالتحق بكلية التجارة وبعد مرور عام على وجوده في كلية التجارة حاول الالتحاق بالكلية الحربية مرة ثانية لكنه فشل مرة أخرى.
في عام 1934 وكان وقتها في السنة الثانية قدم أوراقه مع الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، إلى الكلية الحربية للمرة الثالثة لكن الكلية رفضت طلبهما معا لأنهما من عامة الشعب إلا أنه لم ييأس وقدم أوراقه بعد أن أتم عامه الثالث بكلية التجارة ليتم قبوله أخيرا بعد أن سمحت الكلية للمصريين بدخولها.
كان زميلا لكل من السادات والرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، في الكلية الحربية، وخرج عام 1938 برتبة ملازم ثاني، وبعد تخرجه التحق بسلاح المشاة وتم إرساله إلى منقباد ومنها إلى السودان، ثم سافر في بعثة تدريبية مع بعض الضباط المصريين والإنجليز إلى دير سفير بفلسطين عام 1945 وكان ترتيبه الأول.
في عام 1950 حصل على الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول، وعين مدرسا لمادة التكتيك بالكلية لمدة 3 سنوات، تمت ترقيته عام 1953 لرتبة لواء.
حروب خاضها المشير أحمد إسماعيل
واشترك المشير أحمد إسماعيل في الحرب العالمية الثانية، التى دخلتها مصر رُغما عنها بسبب وقوعها تحت الاحتلال البريطاني، كضابط مخابرات في الصحراء الغربية، كما شارك في حرب فلسطين عام 1948 كقائد سرية، وكان أول من ينشئ قوات الصاعقة في تاريخ الجيش المصري كما شارك في إنشاء القوات الجوية.
عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 تصدى له كقائد للواء الثالث في رفح ثم في القنطرة شرق وكان أول من تسلم بورسعيد بعد العدوان، وتولى قيادة قوات سيناء خلال الفترة من عام 1961 حتى عام 1965، وبعدها أصبح رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، وامتلك قدرات كبيرة جعلت الرئيس عبد الناصر يختاره رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة عقب استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، في حرب الاستنزاف.
وأحيل إلى التقاعد مرة ثانية بعد أن حمله الفريق فوزي مسئولية ما حدث فى الزعفرانة عندما هبطت قوة من الجيش الإسرائيلى واستولت على الردار الموجود بها وادعى الفريق فوزى أن أحمد إسماعيل أمر بسحب القوات منها دون علمه، وفقا لما قالته السيدة سماح علي الشلقاني، حرم المشير الراحل في تصريحات صحفية سابقة.
وعاد للقوات المسلحة فى 15مايو 1971 عندما عين مديرا للمخابرات العامة وبقى فى هذا المنصب إلى أكتوبر 1972 حين أصدر الرئيس السادات قرارا بتعيينه قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للحربية، وأشرف على التخطيط لحرب أكتوبر، وأدار الحرب بكافة مراحلها حتى قرار وقف إطلاق النار، وعين قائدا عاما للجبهات الثلاث المصرية والسورية والأردنية فى يناير 1973 من قبل هيئة مجلس الدفاع العربى.
كواليس ما قبل الحرب
وعن إحالته للتقاعد مرة ثانية، قالت زوجة المشير إسماعيل إنه رغم المحنة التى عاشها المشير “أحمد إسماعيل” فى تلك السنوات إلا أنه لم يفقد إيمانه أبدا وثقته بنفسه استمرت فترة الإبعاد حوالى عاما ونصف قضاها فى إعداد خطة الحرب استعان بعدد كبير من المرجع العسكرية وكان يقضى الليالي سهران فى غرفة نومى جالسا على كرسي صغير وأمامه ترابيزة متواضعة يكتب ويمزق أوراقا عديدة وكنت أشفق عليه أحيانا وأقول له: يا شيخ نام من حقك تستريح بعد ما سبت الجيش !، قائلة إنه ولكنه لم يكن يلتفت إلى أقوالي ويستمر فى سهره وتفكيره إلى أن انتهى من وضع الخطة.
وفكر فى إرسالها إلى الرئيس عبدالناصر وكتب خطابا شخصيا ولا تزال احتفظ بمسودته ولكنه تراجع عن إرساله خشية أن يظن أحد أنه يستعطف عبدالناصر لإعادته من جديد إلى صفوف قادة الجيش .
وتوضح أن المشير كان لديه يقين فى النصر كان يقول: “لازم ندخل معركة وننتصر فيها وإلا سيظل الجيش المصرى شاعر بالمهانة طول عمره حتى لو قالوا إن سيناء ممكن ترجع باتفاقية سلام برضه لازم نحارب قبلها علشان نثبت أننا لم نحارب 67 وأننا لا نستحق الهزيمة !
واستكملت: ولما اشتعلت الحرب كان على العودة سريعا إلى مصر ولما كانت خطوط الطيران مقطوعة فقد ذهبت أولا إلى ليبيا ومنها دخلت الحدود المصرية بالطريق البري وسط قصف من الطيران الإسرائيلي، أول مرة أشوفه فيها بعد الحرب كانت فى اليوم الذى ألقى فيه السادات خطابه التاريخى بمجلس الشعب يوم 16 أكتوبر رجع المشير البيت كان في منتهى السعادة بعد أن أخذ بثأره من العدو.
وفاة المشير أحمد إسماعيل
وقال المشير إسماعيل عن تلك المرحلة: "كانت سلامة قواتي شاغلي طوال الحرب لذلك قال بعض النقاد أنه كان علينا أن نتقبل المزيد من المخاطرة وكنت على استعداد للمخاطرة والتضحيات لكنني صممت على المحافظة على سلامة قواتي لأننى أعرف الجهد الذي أعطته مصر لإعادة بناء الجيش وكان على أن أوفق بين ما بذل من جهد لا يمكن أن يتكرر بسهولة وبين تحقيق الهدف من العمليات ".
وحصل على نجمة سيناء من الطبقة الأولي عام 1973 وتوفى فى 25 ديسمبر 1974 عن عمر يناهز 57 عام.