كان مفاجأة كبيرة أن يحصل إبراهيم محمد صليح على 58.3 % من الأصوات لتبادر الهند القوة الإقليمية التقليدية والتي كانت غير راغبة في تقارب المالديف مع الصين بتهنئة زعيم المعارضة بينما دعت واشنطن إلى الهدوء، واحترام إرادة الشعب في انتخابات شهدت مشاركة كبيرة إذ يقدر الناخبون المسجلون بـ 262 ألفاً من سكان المالديف البالغ عددهم 340 ألفاًبنسبة مشاركة بلغت 89.2 %.
والشاهد في هذا أننا أمام العالم يموج بتغيرات شديدة السرعة حيث يعاد تشكل مناطق النفوذ والهيمنةوتقود كل من روسيا والصين تشكيل معالم نظام عالمي جديد يشهد إدراة أكثر انصافا وعدلا حيث يتوسع المشهد بدءا من الصراع بين الغرب والشرق على أراضي أوكرانيا ليمتد إلى هو ما اوسع من ذلك في غشارة قوية وواضحة أن العجلة قد دارت ومن الصعب إيقافها ومن آخر تلك الجولات ما كشفت عنه انتخابات الجولة الفاصلة لرئاسة جمهورية المالديف الأخيرة حيث تكشفت ملامح التأثير الآسيوي حيث كانت بمثابة استفتاءً على تأثير الهند والصين على المالديف.
ولنستعرض تلك المشاهد فقد واجه الرئيس المنتهية ولايته إبراهيم محمد صالح المحسوب على الهند، محمد معز عمدة مدينة مالي، والذي يفضل تعزيز العلاقات مع الصين فلم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على 50% من الأصوات في الجولة الأولى، ما أدى إلى جولة فاصلة
وكانت الحملة الانتخابية في ظاهرها تناقش قضايا محلية مثل أزمة الإسكان و"إلغاء تداول الدولار" أما جوهرها فكان مدى تأثير الهند والصين وتكمن أهمية تلك الانتخابات في أن المالديف تقع في موقع استراتيجي على طول طرق الشحن المزدحمة في المحيط الهندي، مايجعلها نقطة اهتمام لكلا من العملاقين الآسيويين
أما الرأي العام فقد بدا متباينا بين رغبتين وهما الحفاظ على السيادة وتكوين علاقات خارجية مفيدة ولطالما سعت كل من الهند والصين للتأثير على دول الجوار ولكن الهند أصبحت مؤخرًا أكثر تحديدًا في المنطقة حيث تدخلت الهند لمساعدة سريلانكا بمليارات الدولارات عندما انهار اقتصاد البلاد في العام الماضي كما حرصت على تعزيز وجودها ومشروعاتها في المالديف منذ 2018
وعلى الصعيد السياسي تم تقويض الرئيس صالح بواسطة انقسام عام في حزبه الديمقراطي المالديفي، حيث انفصل صديقه والرئيس السابق محمد ناشد لتكوين حزب جديد وأعلن حزب ناشد امتناعه عن دعم أي من المرشحين في الجولة الفاصلة، والتي كان من المتوقع الإعلان عن نتائجها في نفس اليوم .. كل هذه العوامل مجتمعة تظهر كيف تتداخل الاهتمامات الجيوسياسية للهند والصين بشكل عميق مع السياسة المحلية لجمهورية المالديف، كتأكيد على الأهمية الكبيرة لهذه الدولة الجزيرية الصغيرة على الساحة العالمية.
لتظه الانتخابات الرئاسية الحامية الصراع الدولي في الهيمنة على المحيط الهندي بعد أن خسر الرئيس صالح الذي يؤيد علاقات قوية مع الهند لمصلحة الرئيس مويزو الذي يريد علاقات متوازنة مع الهند وتقوية العلاقات مع الصين مع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة تدعم الهند للوقوف أمام تصاعد النفوذ الصيني في المحيط الهندي.