الأحد 30 يونيو 2024

الإيكونوميست: «لعبة الرهائن» تهدد بانهيار العلاقات بين أنقرة وواشنطن

11-10-2017 | 12:32

رأت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية أن العلاقات بين تركيا وأمريكا أوشكت على الانهيار في ظل "لعبة الرهائن" و"حظر التأشيرات".

وأشارت المجلة إلى أنه لم يكد يمضِ أسبوعان من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عودة العلاقات بين بلاده وتركيا إلى سابق عهدها من التحسن، حتى شهدت تلك العلاقات تدهورًا هو الأسوأ منذ 40 عامًا.

وفي الـ 8 من أكتوبر الجاري، أعلنت السفارة الأمريكية في أنقرة عن تعليق خدمات الحصول على تأشيرات لـ"إعادة تقييم" التزام الحكومة التركية بتأمين منشآتها الدبلوماسية والعاملين بها.

ولم تمضِ ساعات حتى عارضت تركيا القرار بالإعلان عن عدم قبولها طلبات للحصول على تأشيرات من مواطنين أمريكيين، ونوهت “الإيكونوميست” عن أن نحو 450 ألف أمريكي زاروا تركيا العام الماضي.

وعلى إثر ذلك، سجّلت الليرة التركية تراجعًا بنسبة 6,6% أمام الدولار الأمريكي، في أكبر انخفاض منذ الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، كما هبطت أسهم شركة الخطوط الجوية التركية بنسبة 8%.

وأوضحت المجلة أن الشرارة التي أشعلت الموقف كانت يوم الـ4 من أكتوبر الجاري، عندما اعتقلت الشرطة في إسطنبول، متين طوبوز، وهو موظف تركي بالقنصلية الأمريكية بتهمة تتعلق بالانقلاب والتجسس، فيما تم اعتقال نحو 50 ألف شخص في تركيا بتُهمٍ مشابهة على مدار العام الماضي.

ولفتت "الإيكونوميست" أيضًا إلى أن الدليل الذي تسوقه السلطات التركية ضد طوبوز يبدو متمثلًا في محادثات أجراها قبل 4 أعوام مع مسؤولين أتراك على علاقةٍ بحركة فتح الله كولن، المتهم بالتخطيط لانقلاب العام الماضي الفاشل، ووصفت السفارة الأمريكية الادعاءات ضد طوبوز بأنها لا أساس لها من الصحة.

ونبّهت المجلة إلى أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، ذلك أن مترجمًا في قنصليةٍ أمريكية أخرى بتركيا تم اعتقاله في مارس الماضي للاشتباه في علاقته بمجموعةٍ كردية مسلحة محظورة.

كما أن قسيسًا أمريكيا يدعى "أندرو برونصون” قد عانى الاعتقال في أحد السجون التركية لمدة عام بدعوى اتصاله بمتعاطفين مع كولن، كما تشير تقارير إعلامية تركية إلى أن أمر اعتقال صدر بحق موظف تركي آخر في قنصلية إسطنبول.

وذكرت "الإيكونوميست" أنه وعلى الرغم من تصريح الرئيس ترامب في الـ 21 من سبتمبر المنصرم عن عودة العلاقات بين بلاده وتركيا إلى سابق عهدها من التحسن، فإن واقع الأمر يشير إلى أن تلك العلاقات تشهد تدهورًا منذ عامين، ذلك أن معظم الأتراك ما يزالون يعتقدون أن الأمريكيين قد ساهموا في الانقلاب الفاشل، ودعم هذا الاعتقاد إقامةُ المشتبه في كونه العقل المدبر لهذا الانقلاب (فتح الله كولن) في بنسلفانيا الأمريكية.

ويسعى الرئيس التركي أردوغان -منذ عام- إلى الحصول على كولن عبر ترحيله من أمريكا رغم الفشل في تقديم دليل دامغ على علاقة كولن بالانقلاب.

وأضافت المجلة أن ثمة أسباب أخرى للتوتر بين الدولتين الحليفتين في الناتو، فأنقرة غاضبة من واشنطن، لأن الأخيرة سلّحت ميليشيا كردية تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية في الحرب ضد تنظيم "داعش" في سوريا على الحدود التركية، أما أمريكا، فهي غاضبة من تركيا، لأن الأخيرة أغمضت عينيها عن أنشطة لشبكات إرهابية من "داعش" وغيرها داخل حدودها حتى عام 2015.

ولفتت "الإيكونوميست" إلى أن سمعة الرئيس أردوغان تعرّضت لضربةٍ جديدة في واشنطن في وقتٍ سابق من العام الجاري، إبان فصل الربيع، بعد أن تم تصوير فيديو لحُراسّه الشخصيين يضربون متظاهرين سلميين على بُعد مَيل واحد من البيت الأبيض.

وأشارت المجلة إلى سببٍ آخر من أسباب التوتر، وهو تزايد اعتماد تركيا على روسيا في احتياجاتها الأمنية، فقد أكدت الحكومة التركية، الشهر الماضي، أنها دفعت مُقدّمًا (عربونًا) لشراء منظومة الدفاع الجوي (إس 400) الروسية،  كما يشهد الأسبوع الجاري تدشين عملية مشتركة بين تركيا وروسيا تستهدف احتواء انتشار المجموعات الإرهابية في محافظة إدلب السورية.

وذكرت "الإيكونوميست" أن اعتقال موظفي القنصلية واستمرار حبس القس برونصون -هاتين الواقعتين- قد ضربا على وترٍ حساس في واشنطن التي وصل مسؤولوها إلى استنتاج أن حكومة تركيا تستخدم هؤلاء الرجال كرهائن في محاولة للضغط على السلطة القضائية الأمريكية، لا سيما أن الرئيس أردوغان لم يعد يجد حرجًا في التصريح بذلك، وقد قال في الـ 28 من سبتمبر المنصرم: "يقولون لنا أعطونا القسيس الأمريكي، ونحن نقول لهم لديكم داعية تركي أيضًا، أعطونا إياه وسنعطيكم القسيس بعد أن نحاكمه".

واختتمت المجلة مؤكدة أن معظم المحلّلين يتفقون على أن مصلحة البلدين تقتضي الحيلولة دون مزيد من التدهور في الموقف، وهذا بالفعل هو السيناريو الأكثر احتمالًا، لكن في ظل رئيسين مندفعين أمثال ترامب وأردوغان، فإن شيئًا لا يمكن تأكيده.

    الاكثر قراءة