أكد السفير ألبارو إيرانثو سفير إسبانيا بالقاهرة، أن بلاده تؤيد الدور التقليدي لمصر في إدارة الأزمات الإقليمية وجهود السلام.. مشيرا إلى المشاورات رفيعة المستوى بين البلدين على ضوء الأزمة الحالية في قطاع غزة.
وقال السفير - في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) اليوم بمناسبة العيد الوطني لإسبانيا والذي يوافق الثاني عشر من أكتوبر - أن شدة الأزمة الحالية في غزة أدت إلى إجراء مشاورات ثنائية رفيعة المستوى، حيث أجرى وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس محادثة هاتفية مثمرة مع نظيره المصري سامح شكري.
وحول الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة لضمان الاستقرار والأمن.. قال إن مصر تعيش وسط منطقة غير مستقرة حيث الصراعات السياسية مثل تلك الموجودة في ليبيا والسودان وفلسطين وإسرائيل، وغيرها من التهديدات وعلى رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة أو الهجرة غير الشرعية.
واعتبر أن الاستقرار والأمن الداخليين اللذين حققتهما مصر خلال العقد الماضي يعتبران في الواقع إنجازا ملحوظا لحكومة مصر وشعبها، كما أنهما عاملان رئيسيان لتوسيع هذا الاستقرار خارج حدودها.
وأشاد بالتزام الدبلوماسية المصرية بتحقيق هذه الأهداف في المنطقة بأكملها، من خلال الحوار والتعاون، مستفيدة في ذلك من معرفتها وخبرتها العميقة.
وأعرب عن استعداد إسبانيا الدائم لتعزيز التعاون الجيد بالفعل في القضايا الأمنية مع مصر.. مشيرا إلى الرئاسة المشتركة للاتحاد الأوروبي ومصر للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في الفترة 2023-2025.
وحول العلاقات التاريخية القوية التي تربط بين مصر وإسبانيا.. أشاد السفير بالعلاقات ووصفها بأنها "ممتازة".. مضيفا أن مصر تعد أحد أقرب أصدقاء إسبانيا وأكثرهم ثقة في منطقة المتوسط.
وأشار السفير إيرانثو إلى العديد من القيم التي تتقاسمها البلدان والمصالح المادية، التي أصبحت أكثر كثافة على مر السنين.. لافتا إلى أن القاهرة ومدريد تحرصان على دفع التعاون فيما بينها، حيث تتطلب التحديات العالمية المتعددة اليوم تحالفات قوية وإجراءات حاسمة.
وشدد على أن الحوار السياسي هو القوة الدافعة لعلاقاتنا الثنائية.. موضحا أنه منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي منصبه في عام 2014، تكررت الزيارات رفيعة المستوى.. بدءاً من زيارة الرئيس السيسي الرسمية إلى إسبانيا في عام 2015، تم عقد ما لا يقل عن 20 لقاء ثنائيا رفيع المستوى في كلا البلدين.
وأشار في هذا الصدد إلى زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى مصر في ديسمبر 2021 وكذا الزيارة التي قام بها وزير الخارجية سامح شكري في أبريل 2022 إلى إسبانيا، كما قام وزير الدولة للتجارة الإسباني بزيارة ناجحة للغاية على رأس وفد تجاري مهم في سبتمبر 2022، وكذا مشاركة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز على رأس الوفد الإسباني في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في شرم الشيخ.. وأخيراً، قامت نائبة وزير الخارجية، أنجيليس مورينو، بزيارة إلى القاهرة في يونيو الماضي لإجراء مشاورات سياسية مع عدد من المسئولين.. مضيفا أن هناك المزيد من الاجتماعات بين الجانبين في الأشهر المقبلة.
وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي بين مصر وإسبانيا.. شدد السفير إيرانثو على أن بناء علاقات اقتصادية وتجارية قوية بين بلدينا هو أحد أهدافنا الرئيسية المشتركة.. مشيرا إلى أن التجارة بين بلدينا اتخذت مسارا تصاعديا في السنوات الأخيرة، حيث وصلت الصادرات الإسبانية إلى مصر في عام 2022 إلى 1.6 مليار يورو، فيما بلغت الصادرات المصرية إلى إسبانيا 3 مليارات يورو، وذلك بفضل صادرات الغاز.
وأوضح أنه في الفترة من يناير إلى يوليو من العام الجاري 2023، بلغت صادرات إسبانيا لمصر 824 مليون يورو، وبلغت الصادرات المصرية إلى إسبانيا 992 مليون يورو.. متوقعا أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات القادمة لا سيما وأن هناك العديد من القطاعات التي تتمتع بإمكانات كبيرة للتنمية، مثل الخدمات اللوجستية والسياحة والصناعة الزراعية.
واستعرض السفير الإسباني المشاريع الرئيسية التي يتم تنفيذها من خلال التعاون بين الشركات الإسبانية والمصرية في مجالات الطاقة المتجددة، ومعالجة المياه وتحلية المياه، والنقل، والأسمنت، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والزراعة، والاستزراع السمكي، والجلود، والأزياء، والصناعات الغذائية.. مسلطا الضوء على الوجود التقليدي للشركات الإسبانية في البلاد، وبعضها تأسست منذ أكثر من 20 عامًا.
وأكد إيرانثو أن حكومة بلاده تشجع الشركات الإسبانية على البحث عن فرص في السوق المصرية.. مشيرا إلى أن رئيسي الوزراء المصري والإسباني وقعا في عام 2021 على إعلان مشترك للتعاون المالي، ومن خلال صندوق FIEM، تقدم إسبانيا تمويلًا تجاريًا بشروط ميسرة للحكومة المصرية للمشروعات الصناعية ومشاريع البنية التحتية؛ كما يهدف الجزء الأخير من التمويل غير القابل للاسترداد إلى دعم المؤسسات العامة في تصميم وتطوير مشاريعها.
وحول الطفرة الكبيرة التي تشهدها مصر في مشروعات التنمية والبنية التحتية، خاصة في مجال النقل والطاقة.. وجه السفير الإسباني التهنئة لمصر على التقدم الكبير الذي أحرزته في استراتيجيتها التنموية في إطار برنامج رؤية مصر 2030.
وأضاف أن قطاع النقل، وخاصة النقل بالسكك الحديدية، شهد دفعة كبيرة في السنوات الأخيرة.. مشيرا إلى أن الشركات الإسبانية تعد رائدة في مجال الاستشارات والهندسة للبنية التحتية وتصنيع معدات السكك الحديدية، وتعمل أكبر الشركات الإسبانية في هذا المجال في مصر منذ سنوات عديدة.
ومن جانب آخر.. أكد السفير الإسباني أن أهمية الطاقات المتجددة تتزايد في قطاع الطاقة في مصر، وذلك في إطار تحقيق الأهداف البيئية.. لافتا إلى أن مصر تتمتع بمزايا كبيرة بفضل موقعها الجغرافي وأحوالها الجوية، فالطلب الداخلي والخارجي آخذ في الارتفاع، الأمر الذي سيتطلب استثمارات مهمة لتحقيق أهداف الطاقة الخضراء.
وأوضح أن مصر تركز على مشاريع البنية التحتية الجديدة التي تعتبر بالغة الأهمية لتنميتها، وتعد معالجة المياه وتحلية المياه عنصرًا أساسيًا لتلبية الطلب في بلد يتزايد فيه عدد السكان ومشاريع طموحة في الزراعة والصناعة.
وأضاف أن الشركات الإسبانية تعد أيضًا رائدة عالميًا في مجال الهندسة والبناء المبتكرة في هذه القطاعات، ويتجلى اهتمام إسبانيا بالتعاون مع خطط مصر في العدد الكبير من الشركات متعددة الجنسيات المؤهلة مسبقًا للمرحلة الأولى من برنامج تحلية المياه.
وقال السفير إننا نثمن جهود مصر في تحقيق خططها التنموية، وتحرص إسبانيا على مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية لدعم هذا النمو في المستقبل.
وردا على سؤال حول التنسيق الوثيق بين القاهرة ومدريد فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك والأزمات التي يشهدها العالم.. قال السفير إيرانثو إن هناك مبادرتين حديثتين وهامتين تم إطلاقهما الشهر الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لعبت إسبانيا، بصفتها الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، ومصر دورًا مهمًا؛ وهما "جهد يوم السلام" الذي يعد جهدا متجددا لإعادة تفعيل مبادرة السلام العربية في الشرق الأوسط التي يروج لها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن والتي تسعى إلى تطوير الظروف التي ستلي تحقيق السلام في الشرق الأوسط. المنطقة، لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال حل الدولتين.
وأضاف أن المبادرة الأخرى هي "تمويل التنمية" حيث ترأس رئيس الحكومة الإسبانية بالاشتراك مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، اجتماع مائدة مستديرة رفيعة المستوى حول الإصلاح العادل لهيكل التمويل الدولي، وقد تمت دعوة مصر والمشاركة فيها.. مذكرا بان إسبانيا ومصر تشتركان في وجهة نظر مشتركة بشأن الحاجة إلى تعزيز الآليات الحالية لضمان التمويل اللازم لجميع البلدان بغض النظر عن مستوى دخلها.
وعن الخطوات التي يمكن أن تتخذها مصر وإسبانيا لجعل المتوسط بحرًا للسلام.. قال السفير الإسباني أن بلاده عملت، جنباً إلى جنب مع الدول المشاطئة الأخرى، لسنوات عديدة من أجل تطوير سياسة شاملة للاتحاد الأوروبي في منطقة البحر المتوسط، الأمر الذي أدى في عام 1995 إلى إطلاق عملية برشلونة ثم الاتحاد من أجل المتوسط.
وأضاف أن إحدى أولويات الرئاسة الإسبانية الحالية للاتحاد الأوروبي تتلخص في تعزيز البعد الجنوبي لسياسة الجوار وتعزيز منطقة الرخاء المشترك على ضفتي البحر المتوسط، وتحقيقا لهذه الغاية، تم إطلاق مراجعة البرنامج الجديد للبحر المتوسط، بناء على اقتراح من إسبانيا وفرنسا.
وفيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية.. أشار إلى أن مصر وإسبانيا تؤيدان اتباع نهج شامل للهجرة يتجاوز مكافحة الهجرة غير النظامية.. لافتا إلى أن إسبانيا تسعى إلى تعزيز سياسة الهجرة الأوروبية المتسقة مع هذا النهج.
وأضاف أن مصر وإسبانيا تتعاونان في هذا المجال .. مشيرا إلى أن أحد أهم المشروعات التي ينفذها التعاون الإسباني في مصر، يهدف إلى تعزيز الإطار التنظيمي والمؤسسي والمعرفي لحوكمة الهجرة، والشركاء الرئيسيون هم اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأشخاص، ووزارة الدولة الإسبانية للهجرة، ووزارة العمل والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة العدل ومكتب المدعي العام.
وأكد أن مصر تواصل إظهار الريادة في إدارة الهجرة وفي التزامها بالاتفاق العالمي للهجرة من خلال تعزيز مبادرات التعاون داخل القارة الإفريقية، مع الدول الأوروبية والعالم العربي، وتدعم إسبانيا هذه الجهود.
وفيما يخص التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بالمناخ ودور مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ في دورته السابعة والعشرين COP27.. قال السفير الإسباني إنه تم الاعتراف على نطاق واسع بنجاح مصر في تنظيم وضمان التقدم المهم في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27)، لا سيما فيما يتعلق باعتماد اتفاقية لإنشاء صندوق جديد للخسائر والأضرار.
وأضاف أننا على بعد أسابيع قليلة فقط من جولة المفاوضات التالية في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دبي، حيث ستكون هناك حاجة إلى المزيد من الالتزامات الطموحة.. مشيرا إلى أن 35 دولة اجتمعت في سبتمبر الماضي في مدريد في قمة مصغرة حول الطاقة والمناخ، نظمتها الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة، ووجهت دعوة إلى جميع الدول للمشاركة في قمة المناخ المقبلة، وهدف دبي هو مضاعفة جميع الطاقات المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، وهذا جزء من خريطة الطريق للحفاظ على هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
وأكد أن إسبانيا تمول مشروعًا لدعم تحديث الموارد المائية للزراعة، بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري المصرية.. وتم إضفاء الطابع الرسمي على المشروع في اجتماع بين وزير الموارد المائية والري ومدير الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية خلال مؤتمر COP27.
وبالنسبة للعلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين، خاصة في ظل الأنشطة العديدة التي تقوم بها السفارة الإسبانية بالقاهرة والتعاون في مجال التعليم والبعثات الأثرية الإسبانية في مصر.. أكد السفير ألبارو إيرانثو سفير إسبانيا بالقاهرة قوة العلاقات الثقافية التي نشأت على مر السنين بين البلدين.. مضيفا أن بلاده تفخر بتراثها الإسلامي الغني الذي يزوره ويستمتع به الكثير من المصريين، وفي الوقت نفسه، يجذب التراث التاريخي والثقافي المصري الاستثنائي المزيد من السياح الإسبان كل يوم ومن جميع أنحاء أوروبا.
وقال إن 12 فريقًا علميًا إسبانيًا يعملون حاليا جنبًا إلى جنب مع نظرائهم المصريين في مواقع التنقيب في جميع أنحاء مصر.
وأشار إلى بعض مشروعات التعاون العلمي التي تزدهر في مجالات أخرى، وذلك بفضل برامج التمويل المشترك بين المركز الإسباني لتنمية التكنولوجيا الصناعية والصندوق المصري لتنمية العلوم والتكنولوجيا إذ يسافر العديد من الطلاب والعلماء المصريين كل عام إلى إسبانيا، في إطار إقامات قصيرة أو طويلة الأجل، سواء من خلال برامج التبادل الأوروبية، أو من خلال البرامج المتخصصة التي تقدمها العديد من المنظمات الإسبانية.
وأكد اهتمام بلاده الكبير بتعزيز اللغة الإسبانية، وهي اللغة التي يتحدث بها 600 مليون ناطق حول العالم.. مضيفا أنه يوجد في 21 جامعة ومعهد للتعليم العالي في مصر قسم نشط للغة الإسبانية ضمن كليات الآداب أو اللغات أو الترجمة، كما يقوم معهد سرفانتس ( الثقافي الإسباني) بتدريس اللغة الإسبانية في مراكزه بالقاهرة والإسكندرية.
وقال إن هناك أكثر من 6.000 طالب يدرسون اللغة الإسبانية في مصر، لكن معهد سرفانتس مخصص أيضًا لدعم معلمي اللغة الإسبانية من خلال التدريب والشهادات اللغوية وطرق أخرى.. مشيرا إلى أن إسبانيا لا تعزز الثقافة الإسبانية فحسب، بل تعزز أيضًا ثقافة جميع البلدان الأيبيرية الأمريكية.
وأشار إلى أن إسبانيا تهتم بالمشاركة كل عام في العديد من الفعاليات الثقافية التي تقام في مصر: ومن بينها مهرجان الإسكندرية الدولي للمسرح، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومنطقة القاهرة الفنية الدولية، ومهرجان She Arts، وغيرها الكثير.
وحول الشغف بالرياضة، وخاصة كرة القدم، التي تعد قاسماً مشتركاً بين إسبانيا ومصر.. أكد السفير الإسباني أن الرياضة أصبحت أداة أخرى للدبلوماسية.. مذكرا بأنه في عام 2021، وقع المجلس الأعلى للرياضة الإسباني مذكرة تفاهم مع وزارة الشباب والرياضة المصرية لتكون بمثابة أساس لتطوير الأنشطة المشتركة.
وأشار إلى أنه التقى مؤخرًا بوزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي لمناقشة النسخة الثالثة لأكاديمية شباب البحر المتوسط في برشلونة، والتي سيشارك فيها 109 من الشباب من 33 دولة من جميع أنحاء العالم، وسيتم إطلاق خطة عمل لشباب البحر المتوسط بالتوازي مع الحدث.
وقال السفير إن كرة القدم ـ الرياضة الأكثر شعبية في العالم ـ توفر لنا الفرصة لتعزيز القيم الإنسانية السليمة، مثل الجهد المتواصل، والاحترام، وروح الفريق، والتضحية من أجل الصالح العام، وهذا الشغف الرياضي موجود لدى الشعب المصري.
وأضاف " نحن سعداء للغاية لأن ملايين المصريين يتابعون مباريات كرة القدم الإسبانية". . موضحا أن مؤسسة الدوري الإسباني "لا ليجا" تقيم فعاليات متكررة في مصر، وغالبًا ما تركز على فئة الشباب.
وعن فرص زيادة التدفق السياحي بين البلدين خلال الفترة المقبلة.. أكد السفير الإسباني أن التدفقات السياحية من إسبانيا تتزايد إلى مصر بشكل مطرد.. مشيرا إلى تسيير رحلتين يوميًا بين بلدينا تديرهما مصر للطيران، بالإضافة إلى رحلتين أسبوعيتين أخريين تديرهما شركة الطيران الإسبانية فيولينج.
وكشف عن أنه من المقرر أن تستأنف شركة أخرى "أيبيريا"، رحلاتها قريبا.. معتبرا أنه إذا تمت إضافة من الرحلات الجوية الأخرى، فيمكننا أن نشعر بالرضا إلى حد معقول فيما يتعلق بالسياحة بين البلدين، على الرغم من رغبتنا في أن يأتي المزيد من الإسبان للاستمتاع بالتجارب الرائعة التي تقدمها مصر.
وحول الانقلاب الأخير في النيجر وقبل ذلك في مالي.. وكيف يمكن لإسبانيا والاتحاد الأوروبي التعامل معها ومع آثارها ومخاطرها على الديمقراطية في إفريقيا؟.. قال السفير الإسباني إنه تمت إدانة هذه الانقلابات دوليا، بما في ذلك من قبل الاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.. ومع ذلك، فقد أثاروا أيضًا أسئلة مهمة حول مستقبل الديمقراطية في غرب إفريقيا، هناك حاجة إلى انتقال سريع وتوافقي وسلمي إلى حكومات مدنية وديمقراطية. وتعمل إسبانيا والاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه، بالتعاون الوثيق مع الجانب الإفريقي.
وحول عملية التحول في العالم من النفط إلى الطاقة الجديدة والمتجددة.. وأهم الإجراءات التي تتخذها إسبانيا في هذا الصدد.. أكد السفير الإسباني أن بلاده وإدراكا منها لأهمية منع وقوع كارثة بيئية، استثمرت بكثافة في تطوير الطاقة المتجددة.. مشيرا إلى أن التشريعات والسياسات قائمة لزيادة قدرة بلاده في هذا المجال.
وأضاف أن الطاقات المتجددة تمثل حاليًا حوالي 50% من مزيج التوليد في إسبانيا، وفي عام 2022، كانت طاقة الرياح هي المصدر الأول للطاقة المتجددة في توليد الطاقة في إسبانيا (52% من إجمالي الكهرباء المتجددة المنتجة)، تليها الطاقة الشمسية الكهروضوئية (24%) والطاقة الكهرومائية (15%).
وأوضح أن المعرفة الإسبانية في مجال صناعة الطاقة الخضراء معترف بها في جميع أنحاء العالم بفضل الجودة والقدرة التنافسية لشركاتنا العاملة في هذا المجال، وهي متواجدة في مصر منذ التسعينيات، كما هو الحال في مزارع طاقة الرياح في الزعفرانة، وجبل زيت، وتتواجد الشركات الإسبانية أيضًا في مشروع بنبان وغيره من مشاريع الطاقة الشمسية.
وأشار إلى أن مصر تدرك الميزة النسبية التي تتمتع بها في هذا القطاع، وهي ملتزمة بشكل واضح بأهداف الحفاظ على البيئة، وتدعم إسبانيا جهودها الرامية إلى زيادة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الخاص بها، بهدف تحقيق حصة 42٪ بحلول عام 2035.
وعن أبرز الإنجازات التي حققتها إسبانيا خلال رئاستها الحالية للاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والطاقة.. قال السفير الإسباني إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى وضع سياسة للهجرة قادرة على التعامل بنجاح مع التحدي المعقد للغاية المتمثل في تدفقات الهجرة التي تتحرك في اتجاه أوروبا من البلدان النامية.
وأوضح أن ميثاق الهجرة واللجوء هو إحدى أولويات رئاستنا للاتحاد الأوروبي.. كاشفا عن أنه وبعد عدة سنوات من المفاوضات الصعبة، وضعت الدول الأعضاء مؤخرا اللمسات الأخيرة على نص بشأن الفصل الأخير من حزمة الهجرة واللجوء، لإيجاد توازن بين التضامن والمسئولية، ونأمل أن يحظى ذلك بالموافقة على أعلى المستويات السياسية.. وفيما يتعلق بالبعد الخارجي للهجرة، فمن الضروري الاستثمار بالتعاون مع شركاء الهجرة الرئيسيين، على أساس نهج شامل ومتوازن يتكيف مع احتياجاتهم؛ وفي هذا الصدد، تعمل إسبانيا بشكل وثيق مع السلطات المصرية.
وأضاف السفير الإسباني إننا نعمل معًا في برنامج طموح لتعزيز قدرات إدارة الهجرة في مصر.
وفيما يخص الطاقة.. أشار السفير الإسباني إلى أن "الغزو الروسي لأوكرانيا" أدى إلى تسريع أهمية تحول الطاقة نحو نموذج أخضر مستقل.. مضيفا أنه وفي داخل أوروبا، نحن على ثقة من أن الاقتراح الحالي لإصلاح سوق الكهرباء الأوروبي، والذي ينبغي الموافقة عليه قبل نهاية رئاستنا في ديسمبر القادم، سيساعد في تحسين الاكتفاء الذاتي من الطاقة في الاتحاد الأوروبي، ومكافحة الاحتباس الحراري العالمي، ومعالجة أسعار الطاقة المرتفعة.
وبخصوص أهم مظاهر احتفال إسبانيا بيومها الوطني الذي يوافق الثاني عشر من أكتوبر خاصة وأن الاحتفال هذا العام يتزامن مع رئاسة البلاد الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي.. أكد السفير أن يوم 12 أكتوبر هو إحياء لذكرى اليوم الذي وصلت فيه بعثة بحرية إسبانية إلى أمريكا في عام 1492، وهو حدث تاريخي إنساني ربط بين العالمين القديم والجديد، وغير التاريخ العالمي إلى الأبد. حيث يتحدث اليوم أكثر من 600 مليون شخص حول العالم اللغة الإسبانية كلغة أولى، وهذا يوضح عمق الإرث الذي خلفته إسبانيا في أمريكا والقارات الأخرى.
وأضاف أنه ومن خلال يومنا الوطني، نحتفل بهويتنا ووحدتنا وسيادتنا، وكذلك التزامنا بلعب دور بناء في الشئون العالمية من خلال التعاون مع جميع شركائنا الدوليين.
وأوضح أنه وبينما نفكر في أهمية يومنا الوطني، فإننا ندرك التأثيرات المتعددة، التي يرتبط الكثير منها بمنطقة البحر المتوسط، والتي ساهمت في تشكيل الهوية الوطنية الإسبانية على مر القرون.. مضيفا أننا نفخر كثيرا بالإرث الغني الذي خلفته الحضارة العربية والإسلامية في إسبانيا، وأولينا اهتماماً كبيراً بالحفاظ على التراث العربي الضخم الذي أصبح واضحاً للعيان في مدن مثل غرناطة، حيث استضفنا في نهاية الأسبوع الماضي، بوصفنا الرئيس الدوري لمجلس الاتحاد الأوروبي، قمة سياسية أوروبية مهمة.