الأحد 28 ابريل 2024

مدمن رقمي

مقالات12-10-2023 | 11:49

أنا مدمن سماع موسيقي لا أهدأ إلا عندما أكون في غرفة منفردة استرخي ومغطي العينين أشعر وكأنني في دنيا أخري يتحسن مزاجي بسماع تلك الموسيقي ذات المؤثرات الفعالة، أطفال ومراهقون وشباب يرددون يوميًا تلك الجملة لا أتحسن إلا بموسيقي محددة اعتدت علي سماع نغمات لعبه إلكترونية بعينها مزاجي لا يتحسن إلا بها.

انت مدمن هل تدرك ذلك؟  تلك هي أحدث أنواع الإدمان المخدرات الرقمية وهي تحاكي في تأثيرها المخدرات التقليدية التي يتم تعاطيها عن طريق الفم أو الحقن أو الاستنشاق، وهي عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعتين الأذنين بحيث يتم بث ترددات معينة في الأذن اليمنى على سبيل المثال وترددات أقل في الأذن اليسرى عند سماعها يحدث للجسم ما يشبه بتأثير المخدرات المعروفة من الهيرويين و الكوكايين تحضر إشارات معينة في الدماغ من شأنها أن تحدث تأثير المخدر الحقيقي نفسه لو تم تعاطيه هل فكرت يومًا أنك من الممكن أن تدخل في دائرة الإدمان دون وعي منك دون مستقبلات غير أذنيك وبالمجان فهناك مواقع متخصصة تقوم ببيع هذه النغمات على مواقع الإنترنت بالمجان ولا توجد رقابة رسمية أو حظر لمثل هذه النغمات في الوقت الحالي، ويتم ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة.

المخدرات الرقمية مصطلح ليس بالحديث فقد اكتشفت المخدرات الرقمية عام 1893 من قبل العالم هينريش دوف وتم استخدامها عام 1970 في علاج مرضى الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية الأخرى، وقد ظهرت الآن علي الساحة بأنواع وتأثيرات مختلفة بعدما تم تداولها بين الناس وإقبالهم عليها للحصول على ذلك التأثير وازداد الإقبال عليها في الحياة المعاصرة والعالم الافتراضي الذي استحوذ على حياة الناس وربطهم بشبكة اتصال عنكبوتية يتم من خلالها التسويق للمخدرات الرقمية لأي مكان في العالم.  

المخدر بالسمع خطر يزحف إلى بيوتنا عبر مواقع الإنترنت لتبحث عن فرائسها لتدمر الصحة وتسلب الوقت وتضعف النشاط ليست كباقي مواد الإدمان مثل الهيروين أو الكوكيين و الكريستال ميث أو أي مادة مخدرة أخرى، ولكنها تكتفي أن يتوفر لدي الفرد الإنترنت مع سماعات للأذن يستمع من خلالها إلى ملفات صوتية تترافق أحيانًا مع مواد بصرية وأشكال وألوان متحركة تتحرك وتتغير وفق هندسة مبرمجة لخداع الدماغ عن طريق بث أمواج صوتية مختلفة التردد في كل أذن تصل بمن يستمع لها لإحساس معين يحاكي إحساس أحد أنواع المخدرات التقليدية من خلال العصب السمعي الذي ينقل الإشارات المدركة سمعيًا إلى الدماغ لتؤثر على مستوى التفاعل الكهروكيماوي للنواقل العصبية من خلال الدماغ والجهاز العصبي وبسبب ما تحدثه من تداخل حسي ينشب عنه تهيج الدماغ بدرجتين متضادتين تتراوح بين العصبية والانبساط بدرجة تسبب المتعة والعبث بالحالة الانفعالية مما يتسبب في إفراز هرمون الدوبامين وهو هرمون السعادة، بينما تسبب العصبية إفراز هرمون الأدرنالين والنورادرنالين وهو هرمون الانقباض والخوف وتوقع المخاطر وتصيب من يدمنها بالتشنجات ورجفة بالجسم ومن الممكن أن تؤدى إلى حدوث تغيرات فى نشاط المخ وتصيبه بالهلاوس والتوتر النفسى، إن سماع الموسيقى الصاخبة يحدث تأثيرًا سيئا على كهرباء المخ، مما يترتب على ذلك إصابة المستمع لها باللذة والنشوة والشرود الذهني، وهـذا مـن أخـطـر الأشياء وأشدها ضررا على الأفراد 
فهل لنا أن ندرك ونفكر ماذا نسمع؟ وماذا تستقبل عقول أبناءنا؟ علينا جميعًا مراقبة المواد الصوتية التي يستمع لها الأبناء عبر الإنترنت لفترة طويلة وتوعية الأبناء بخطورة المخدرات الرقمية، وحثهم استغلال وقت الفراغ في ممارسة  بعض الأنشطة المفيدة مثل الرسم أو الرياضة، و التحدث معهم حول ما يقلقهم، وتقديم حلول إيجابية لمشكلاتهم.

وعدم استخدام العنف والتهديد في التعامل، والحرص على احتوائهم خاصة خلال فترة المراهقة، إضافة إلي تنمية ثقة الأبناء بأنفسهم، ومنحهم الدعم الكامل لخوض التجارب والمغامرات الحياتية بدلاً من الاكتفاء بمشاهدتها عبر الإنترنت.

Dr.Randa
Dr.Radwa