الخميس 9 مايو 2024

العاهل المغربي: التطورات الاقتصادية والسياسية تستدعي إصلاح القواعد الحاكمة لنظام "تعددية الأطراف"

العاهل المغربي

عرب وعالم13-10-2023 | 15:37

دار الهلال

أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس، أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة تستدعي إصلاح المؤسسات والقواعد التي تحكم نظام تعددية الأطراف.. مطالبا بتوطيد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام وإذكاء الروح التي تلهمه لضرورتها لحفظ الاستقرار والسلم العالميين.

جاء ذلك خلال الرسالة التي وجهها العاهل المغربي إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تنعقد بمدينة مراكش خلال الفترة ما بين 9 و15 أكتوبر الجاري، والتي أعرب فيها عن ثقته بأن النجاح سيحالف هذه الاجتماعات، وعن تقديره للمشاركين والدول والهيئات التي عبرت عن استعدادها لدعم المغرب في مرحلة إعادة الإعمار ما بعد الزلزال.

وأشار العاهل المغربي - في رسالته - إلى الآمال الكبيرة المعقودة على هذه الاجتماعات، في ظل الظروف الاستثنائية الذي يمر به العالم، والتحديات الجيو-سياسية والاقتصادية والبيئية التي يمر بها العالم منذ سنوات، إضافة إلى التقلبات المناخية التي فرضت واقعا جديدا.

ولفت إلى ما يشهده العالم اليوم من تشرذم جيو-اقتصادي وتنام للنزعات السيادية، والتي يعزى جزء منها إلى الرغبة في إعادة ضبط موازين القوى الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي، والذي بات يشكل تهديدا للتقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال العقود الأخيرة في ظل تعددية الأطراف.

وقال العاهل المغربي إن العولمة، التي بدأ مدها منذ ثمانينيات القرن الماضي وساهمت في خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع التجارة العالمية، من بين العوامل المساهمة في تخفيف حدة التضخم الذي ينهك اليوم القدرة الشرائية للأسر في جميع أنحاء العالم.. موضحا أنها مكنت من تحقيق بعض التقدم الملموس من خلال تحسين مستويات العيش، مما أسهم في تخليص فئات عريضة من سكان العالم من وطأة الفقر، بالرغم مما رافقها من آثار جانبية، خاصة ما تعلق منها باتساع هوة الفوارق والتفاوتات.

وأوضح العاهل المغربي أن التصدي للتحديات العالمية يتطلب، حلولا عالمية لا تتيسر إلا في إطار الوحدة والاحترام المتبادل بين الأمم، لاسيما عبر إدماج التنوع وتثمينه، باعتباره قيمة مضافة لا مصدرا للنزاع والفرقة مع مراعاة خصوصيات كل دولة ومنطقة.

وأكد أنه يتعين إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية والعمل على تحسينها لتصبح أكثر إنصافا واستيعابا لمصلحة الجميع، معربا عن أمله أن تكون هذه الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين، أنسب منصة لاحتضان حوار ونقاش بناء بشأن هذا الإصلاح.

وشدد على أن المقاربة المغربية ترجح كفة الانفتاح الاقتصادي والتعاون، مشيرا إلى مشاركة المغرب في مختلف الخطط والبرامج العالمية، سواء فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، أو بالتصدي للتغيرات المناخية، أو بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وتنامي انعدام الأمن السيبراني الذي أفرزته الثورة الرقمية.

وأوضح أن المغرب عمد إلى جعل التعاون جنوب-جنوب منطلقا أساسيا للانفتاح المغربي، معتمدا نهجا يهدف إلى تحقيق التنمية المشتركة مع البلدان الشقيقة والصديقة في القارة الإفريقية.

وأشار الملك محمد السادس إلى أن المغرب أطلق على الصعيد الداخلي، منذ مطلع القرن الحالي، مجموعة من الإصلاحات المجتمعية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى، فضلا عن برنامج ضخم للبنيات التحتية مع الحرص على المحافظة على التوازنات الماكرواقتصادية التي تعد ضمانة للسيادة والمرونة الاقتصاديتين.

وأكد أن نتائج هذه الرؤية تم الشعور بها بشكل ملموس، لما ظهر على الاقتصاد المغربي من قدرة كبيرة على الصمود في ظل هذا السياق الدولي المعقد وغير المستقر.

كما أكد أن المغرب تمكن من توطيد تموقعه باعتباره أرضا للسلام والأمن والاستقرار، وبوصفه شريكا ذا مصداقية، وقطبا اقتصاديا وماليا على الصعيدين الإقليمي والقاري، معتبرا احتضان بلاده لهذه الاجتماعات ثمرة لشراكة انطلقت منذ أمد بعيد بمعية مؤسسات بريتون وودز، وهو كذلك شهادة على الثقة في قوة الإطار المؤسساتي والبنية التحتية والالتزام بدور المغرب في تعزيز العلاقات الدولية.

وأوضح أن المغرب يتطلع، من منطلق انتمائه الإفريقي، إلى تمكين القارة الإفريقية من المكانة اللائقة بها ضمن بقية الهيئات الدولية، بما يمكنها من النهوض بخططها الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن صار صوتها ممثلا بالاتحاد الإفريقي، مسموعا في مجموعة العشرين.

وأشار إلى أن دول القارة من أكثر بلدان العالم تضررا من آثار التغيرات المناخية، رغم تصنيفها ضمن البلدان الأقل مساهمة في الأنشطة المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

وشدد على أهمية إعادة ضبط القواعد والأطر المنظمة لمعالجة إشكالية المديونية، بما يجعلها تراعي بشكل أفضل ما تعانيه الفئة الأكثر مديونية من الدول ذات الدخل المنخفض من إكراهات تحد من قدرتها على المبادرة ومواجهة التقلبات.

وأكد الملك محمد السادس على حق لإفريقيا، التي يرتقب أن تأوي ربع سكان العالم في سنة 2050، أن تستفيد اليوم من الشروط الكفيلة بتمكينها من تعزيز هوامش المناورة التي تمتلكها، واستثمار مؤهلاتها في الاستجابة لاحتياجات سكانها، في عالم تخيم عليه أجواء الاضطراب واللايقين، وتطبعه تحولات عميقة طالت النماذج والمنظومات القائمة.

 

Dr.Radwa
Egypt Air