كتبت: أماني محمد
بعد خمس جولات ساخنة نجحت المرشحة الفرنسية أودريه أزولاى في الحصول على منصب مدير عام المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة بواقع 30 صوتا مقابل 28 صوتا للمرشح القطري وحمد بن عبدالعزيز الكوارى، وهو ما اعتبره دبلوماسيون بأنه أمرا إيجابيا لن يؤثر على العلاقة بين مصر والمنظمة وسيفيد اليونسكو في ظل خبرة ازولاي بالعمل في المنظمة ومجال الثقافة بشكل عام.
كانت المرشحة المصرية مشيرة خطاب قد خرجت اليوم من المنافسة أمام الفرنسية في جولة الإعادة على المركز الثاني والتي حصلت فيها خطاب على 25 صوتا مقابل 31 صوتا للفرنسية، لتخوض الأخيرة الجولة النهائية من الانتخابات أمام القطري، بعد أن أعلنت مصر دعمها لها وتمنيت لها الفوز.
ومن المقرر أن يطرح الاختيار على أعضاء المنظمة البالغ عددهم 195 لإقراره في العاشر من نوفمبر القادم، لتصبح بذلك هي المدير العام الحادي عشر للمنظمة، وتستمر فترة إدارتها لها لمدة أربعة أعوام حتى نهاية 2021، خلفا للبلغارية إيرينا بوكوفا التي ستنتهي فترتها الثانية في العام الحالي.
نهاية سعيدة
وقال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق إن فوز المرشحة الفرنسية يعتبر نهاية سعيدة للانتخابات، مضيفا "في غياب مشيرة خطاب وخروجها من المنافسة في اللحظة الأخيرة فإن فوز المرشحة الفرنسية أمرا جيدا لن يضر بيننا وبين اليونسكو لأننا ندعمها وهم لهم أدوار هامة في مصر فلا ننسى أن اليونسكو كان لها دورا هاما في إنقاذ آثار النوبة وقت بناء السد العالي".
وأضاف أن وجود مدير عام أوروبي على رأس المنظمة ينفي مزاعم إسرائيل وأمريكا بتسييس المنظمة بعد القرارات التي أصدرتها من قبل بشأن القدس كونها عاصمة ثقافة عربية وأنها مدينة محتلة ورفضت الحفريات التي تجريها إسرائيل تحت المسجد الأقصى، مؤكدا أنه عقب فوز أودريه أزولاى ربما تعود أمريكا مرة أخرى للانضمام إلى اليونسكو بعد أن أعلنت انسحابها أمس وفي المقابل لن تنسحب إسرائيل أيضًا.
وأكد أن وجود الفرنسية يهودية الديانة لن يؤثر على طبيعة اليونسكو وقراراتها لحماية التراث والثقافة، قائلا إن رئيس المنظمة السابقة كانت من الاتحاد الأوروبي ومع ذلك أصدرت تلك القرارات لحماية القدس، وهذا عمل فني بحت وأيا كان المدير القائم على المنظمة فلن تتأثر القرارات وسيقوم بدوره لأنه عمل مؤسسي والدول العربية موجودة ستحاول ضبط الأمور بشكل موضوعي.
مصر ومناصب دولية أخرى
وعن أداء المرشحة المصرية السفيرة مشيرة خطاب وخروجها اليوم، قال إنها "قدمت أفضل ما يكن أن يقدم ولم يشهد ترشحها فشلا أو إخفاقا بل كانت المنافسة هي الحاسمة وتقبلنا الأمر بروح رياضية وتمنينا الفوز للمرشحة الفرنسية"، مضيفا أننا يجب أن نهنئ مشيرة خطاب ووزير الخارجية سامح شكري والسفير محمد العرابي رئيس حملة خطاب على ما قدموه وقيامهم بدورهم على أكمل وجه.
وأضاف بيومي أن مصر لا ينقصها أي مناصب دولية بل حصلت على مناصب أكثر من المتوسط الذي تصل إليه أية دولة كان منها تعيين السفير سعد الفرارجي قبل أشهر على رأس لجنة الحق في التنمية في لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، معتبرا أن انسحاب أمريكا ليس الأول من اليونسكو فخرجت من قبل ورجعت وأنها يجب أن تعود لتمويل المنظمة مرة أخرى.
إعادة دراسة
وقال السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري لشئون الخارجية إن صفحة الانتخابات قد أغلقت اليوم بفوز المرشحة الفرنسية، مضيفا أن مصر والدول العربية لها تعاون كبير مع اليونسكو وأن إيرينا بوكوفا جاءت إلى مصر من قبل والرئيس أعطاها قلادة النيل.
وأضاف أن اليونسكو منظمة تصدر قراراتها بناء على جمعية عمومية ومجلس تنفيذي، وليس شخص المدير العام الذي يكون دوره تقديم مقترحات قد يؤخذ بها أو لا يؤخذ، مضيفا أنه يجب التعامل مع المنظمة ومديرتها الجديدة وفقا للمؤسسية ونحن أحد الأعضاء، وأن القرارات الماضية بشأن القدس وتراثها الإسلامي والحرم الإبراهيمي صادرة بإجماع الأعضاء بغض النظر عن المدير العام.
وأضاف أن المرشحة المصرية مشيرة خطاب قامت بمجهود غير عادي وهي متميزة لكن يجب أني تم إعادة دراسة الوضع وطرح أسئلة والإجابة عليها، فلماذا لم تصوت الدول الأفريقية كلها لصالح المرشحة المصرية؟ ولماذا لم تتفق الدول العربية على مرشح واحد؟ ويجب إعادة النظر في قرارات الداخل الخاصة بغلق المكتبات وغير ذلك لأنها لها تأثيراتها الخارجية.
وقال إنه يجب دراسة أوجه الضعف والتفكك العربي فلماذا لم تصوت المغرب والجزائر للمرشحة المصرية؟ وتحديد كل الثغرات التي منعت مصر من الفوز ودراسة الوضع داخليها، مضيفا أن قرار العقوبات الأمريكية بشأن أوضاع حقوق الإنسان والحريات لها تأثيرها الخارجي أيضا ويجب إعادة النظر في كل ذلك.
عدم تغيير سياسة المنظمة
وقال الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق إن فوز المرشحة الفرنسية لا يعني تغير سياسة المنظمة لأنها لا تتحرك وفقا لأهواء شخص بمفرده إنما بآليات محددة ومجالس وإدارات وأسلوب مؤسسي وسياسات تنفذها وتصويت للأعضاء والمجالس، مضيفا أن القرارات تصدر وفقا لاتجاهات الدول والتكتلات وليس وفقا لشخص واحد.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس أمامها سوى الرجوع إلى المنظمة في فترة زمنية طالت أو قصرت سترجع مرة أخرى، موضحا أن غياب أمريكا له تأثير على ميزانية المنظمة إلا أنها ستجد بديلا في 150 دولة عدد الأعضاء فلن تتوقف على دولة واحدة وأمامها الصين واليابان وقطر.
وأشار إلى أنه رغم خسارة قطرة فلن تتوقف عن دعم المنظمة لأنها لم يكن هدفها أن تفوز بمنصب مدير عام المنظمة بقدر رغبتها في أن تخسر مصر، قائلا إن خبرة أودريه أزولاى في العمل بمجال الثقافة والعلوم كوزيرة في الحكومة الفرنسية وموظفة في اليونسكو لأكثر من 10 أعوام سيجعل الأمور أمامها سهلة وتكون قادرة على إدارة أهم الملفات بشكل محترف.
الاستفادة من التجربة
وأوضح أن مصر عليها الاستفادة من تجربة خوض الانتخابات هذه المرة بأن تعلن عن مرشحها باكرا، قائلا إن "مصر أعلنت عن مرشحتها في منتصف عام 2016 وكان يجب أن يكون الإعلان قبل ذلك فضلا عن التحرك والتواصل مع الأعضاء والوفود والمثقفين والسفارات بشكل أقوى لأنه رغم إعلان دعم المجموعة الإفريقية للمرشحة المصرية لم تحصل في الجولة الأولى إلا على 12 صوتًا.