السبت 10 اغسطس 2024

أكتوبر .. وشريط الذكريات

14-10-2017 | 00:11

بقلم –   سكينة السادات

طوال العام وخاصة فى شهر أكتوبر أجد نفسى أسيرة لذكريات شهر أكتوبر بحلوه ومره، ذكريات العبور العظيم والفرحة وذكريات استشهاد أخى الصغير الرائد طيار عاطف السادات شهيد أول طلعة طيران فى حرب أكتوبر المجيدة، وذكريات استشهاد أخى وأبى ورائدى وقدوتى شقيقى الكبير الرئيس محمد أنور السادات، وكم بك يا أكتوبر من أفراح وأحزان!!

 

• لا أنسى أبدا التفاف أسرتنا حول التليفزيون فى مدفن شقيقى الشهيد عاطف فى ميت أبو الكوم يوم ٦ أكتوبر سنة ١٩٨٢

الكل ينتظر انتهاء العرض العسكرى وصوت رفيف طائرة الرئيس المروحية وهبوطها فى مهبط القرية، ومجىء أخى أنور إلى المدفن سائرا على قدمه لقراءة الفاتحة على روح أخيه أو بالأحرى كأنه فى منزلة ابنه تماما عاطف، ثم نتوجه جميعا إلى بيت أخى أنور فى القرية، لنتناول طعام الغداء ونحكى له عن كل ما جرى لنا وعليه هو اتخاذ القرارات فى كل ما يتعلق بالأسرة، والرأى الأول والأخير له، ثم يصلى العصر جماعة جمع تأخير وبعده نصلى المغرب، حتى لا تفوتنا صلاة المغرب ونحن فى طريق العودة وكان الرئيس أخى يؤمنا فى الصلاة، ثم ينصرف الجميع إلى حال سبيلهم.

• يومها ارتبك إرسال التليفزيون «وقلقونا» وسألنا السكرتارية فى منزله بالقرية قالوا .. جرح بسيط فى ذراعه اذهبوا إلى مستشفى المعادى لرؤيته والاطمئنان عليه، ذهبنا لنجد العويل والصراخ خارج وداخل المستشفى؛ لأن رئيس الدولة قائد العبور أنور السادات ضربوه فى مقتل ولقى وجه رب كريم !!

• أى صدمة وأى مصيبة لن ننساها مدى الحياة.. ومن الذى قتله مسلمون مثله ممن يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله.

• هل كان هذا جزاءه؟ هل دفع ثمن ثقته فى الذين أكدوا له أنهم سوف يكونون قدوة المجتمع؟، وللأسف من يوم أن أفرج السادات عن بعضهم من السجون لكى يعملوا فى النور ويكونوا قدوة لأهل مصر، من يومها تدهورت المفاهيم والأساليب فى المجتمع المصرى، وزاد العنف وانهارت الأخلاقيات والألفاظ حتى يومنا هذا!!

• أما عاطف أخى شهيد أول طلعة طيران فقد أخفى عنا شقيقى الرئيس نبأ استشهاده عاما كاملا حتى جاء ما تبقى منه أى برفاته وقام بدفنه بنفسه بمدفن مجاور خاص به لمدفن الأسرة بميت أبو الكوم، ويومها طلب السادات من الله سبحانه وتعالى أن يصبح شهيدا مثله وحقق له الله ما أراد وكابدنا نحن أسرته المسكينة مرارة فراق الكبير والصغير!

• بالمناسبة أذكر أن أخى الرئيس السادات لم يكن فى يوم من الأيام متطرفا فى إسلامه، رغم أنه كان يؤدى فرائضه فى مواعيدها بالضبط وكان محبا للأقباط، فقد تربى وتعلم فى مدرسة طوخ دلكة التى يسمونها فى المنوفية (طوخ النصارى) لأن بها أغلبية من الأقباط، وكان يحبهم ويحترمهم ومنهم كان طبيبه الخاص!

• أذكر أننى وبعض إخوتى الصغار كنا نجلس فى الغيط على الزراعية، أى الطريق الرئيسى الموصل بين طوخ وميت أبو الكوم ومر علينا أحد القساوسة وعرف أخى أنور وسلم عليه وسلم علينا، فأمرنا الرئيس أن نقبل يده كما نقبل يد شيخ الجامع بالقرية وتبادلا الذكريات، وتمسك أخى أنور بأن يدعوه على الغداء معنا وقال لنا إن أقباط طوخ دلكة لهم أفضال عليه، ولا يمكننا أن ننسى علاقته الوطيدة بالصحفى الكبير موسى صبرى.

• وأذكر أنهم بعد ذلك كلما ترشح أحد من أسرة السادات فى الانتخابات كانت معظم أصوات أقباط طوخ تذهب إلى مرشح أسرة السادات كل مرة.

• وأذكر بكل دهشة كيف كان السادات يحب البابا شنودة رحمه الله وكيف كان يستقبله بالأحضان ويقول له مازحا حيث كانا ضابطين بالقوات المسلحة.

- فين التحية العسكرية يا حضرة الضابط؟

ويرد البابا شنودة وهو يرفع يده بالتحية..

- آه جاهز يا سيادة الرئيس ويتعانقان ويتبادلان الذكريات حتى كان أحد تقارير المخابرات العامة الحقيقية أن البابا شنودة تقابل مع بعض أقباط المهجر وطلب منهم التظاهر ضد السادات خلال زيارته لأمريكا!!

• وتحقق السادات مائة مرة من صحة الخبر ومع ذلك لم يسمح سوى باعتكاف البابا شنودة فى دير وادى النطرون الذى يحبه البابا كثيرا حتى تنتهى الأزمات ويومها قال لى البابا شنودة وكان من أعز أصدقائى وأحبائى..

- فعل بى السادات خيرا، فقد تحسنت صحتى فى وادى النطرون وأتممت كتابة ثلاثة كتب كاملة! وجعلت من الدير جنة فيحاء.

• ذكريات كثيرة قد أضمها في كتاب فى القريب العاجل لو كان فى العمر بقية وأظنها تزيد على عدة كتب، فهى ذكريات عمر بأكمله!

• مازالت دموعى تنهمر عندما أسمع نشيد «الله أكبر» الذى أبدعه الموسيقار بليغ حمدى، وأغنية «على الربابة» لـ»وردة» وأغنية «سمينا وعدينا» للمطربة شهرزاد، وأغنية «لفى البلاد يا صبية» وأغنية «عاش اللى قال الكلمة بحكمة فى الوقت المناسب» لعبد الحليم حافظ، ولن ينسى جيلنا أغانى المعركة التى تذكرنا بنصرنا المبين فى ٦ أكتوبر، والتى كانت تعبر عن نبض وعزة وفخر كل المصريين.