السبت 30 نوفمبر 2024

روح الأحد العظيم

  • 14-10-2017 | 01:05

طباعة

 

بقلم: أحمد النجمى

على قلب رجل واحد شاهدناهم فلم تخطئهم أعيننا..!

لم نشاهدهم بعين الهوى التى هى عن كل عيب كليلة، بل بعين الحقيقة، التى ترى الصواب صوابا والخطأ خطأ.. وترى الفرحة فرحة والوحدة وحدة..!

كان ملايين المصريين من صباح الأحد الماضى وقبل ساعات من مباراة منتخبنا الوطنى العظيم مع منتخب الكونغو احتشدوا على المقاهى وأمام شاشات الشوارع فى ساعة مبكرة، قبل «الماتش» بساعات طويلة.. فى قلوبهم جميعا ذات الأمنية، فى قلوبهم جميعا حلم النصر لمصر والصعود إلى كأس العالم، احتشدوا احتشادا غير مسبوق، إلا فى مناسبات بعينها تتعلق أيضا بكرة القدم ومباريات المنتخب: يوم صعدت مصر كأول دولة عربية إلى كأس العالم فى العام ١٩٣٤.. وليلة حضرها الكثير منا يوم صعدت مصر إلى كأس العالم فى العام ١٩٩٠ وسهر المصريون يحتفلون حتى الصباح، ولثلاث مرات حين حصلت مصر على كأس الأمم الإفريقية.. وليلة تخلص الشعب من حكم الجماعة الإرهابية ٣ يوليو ٢٠١٣، يقينا لم تسهر مصر ولم يحتشد المصريون هذا الاحتشاد ولا اصطفوا هذا الاصطفاف منذ سنوات بعيدة.. ولا فرحت قلوبهم وارتسمت على وجوههم ابتسامات صادقة مثلما حدث ليلة الأحد الماضى، ليلة انتصار منتخب مصر على منتخب الكونغو وصعودنا إلى كأس العالم فى روسيا العام القادم.

كان المصريون فى حاجة إلى هذه الفرحة لكى يعلموا أنهم على قلب رجل واحد، وأنهم على مبدأ واحد.. مهما تكن تباريح الحياة ومصاعبها الجمة، إلا أنهم يجتمعون ويتفقون حين تكون كلمة السر هى «مصر».. الفقير والغنى ومتوسط الحال الجميع اصطف أمام المباراة، يهتف باسم مصر وشجعها من أول صافرة حتى آخر صافرة للحكم الجامبي، جميعهم قلبه نبض بحب مصر دون تفرقة.. جميعهم كان فى حاجة إلى هذه الفرحة..!

هذه الفرحة وهذه الوحدة المصرية حول هدف واحد – هدف انتصار منتخبنا الوطنى على منتخب الكونغو – كانت ظاهرة عامة ووطنية يوم الأحد الماضى من ساعاته الأولى حتى مطلع فجر الإثنين، نعم يحتشد «جمهور الأهلى» أو «جمهور الزمالك» حول الشاشات فى مباريات البطولات الإفريقية، لكنه – مع احترامنا الشديد لانتماءات الجمهور الكروية بالطبع – انتماء «جزئى» لناد رياضى، أما تشجيع المنتخب الوطنى فهو تشجيع لمصر.. مصر العلم الخفاق، مصر الشعب العظيم، مصر رئيسا وحكومة ودولة، مصر بلاعبى منتخبها الأحد عشر، بل بلاعبى الاحتياطى أيضا.. مصر التى تفرح وتسعد بأمجادها.. مصر التى تعيد تقديم ذاتها الكبيرة إلى كل الدنيا.

ولنتأمل قليلا تلك الروح التى حكمتنا جميعًا يوم الأحد.. نسى جميعنا مشاكله الشخصية وإن عظمت، وأجلنا أهدافنا الشخصية وإن كانت رئيسية، تذكرنا فقط المباراة التى سيصعد بها فريقنا الوطنى إلى كأس العالم.. فمن يلعب هو مصر، ومن ينتصر هو مصر، وبين بداية المبارة ونهايتها قلوب ١٠٤ من الملايين من المصريين تعلقت بالمستطيل الأخضر فى استاد برج العرب، وبين بداية المباراة ونهايتها عيون معلقة بالشاشات، وألسنة تدعو الله عز وجل: اللهم انصر مصر.. اللهم انصر مصر.. اللهم انصر مصر.

تلك الفرحة وتلك الوحدة روح نادرة يجب أن نمسك بها ونتمسك بتفاصيلها، ونتوصل إلى سرهما.. التوصل إلى السر يحل أزمات كثيرة فى مجتمعنا.. الوحدة حول الهدف ضرورة قصوى والفرحة المتجددة وقود لنهضة يرتجيها الجميع من أهل مصر الآن..!

    الاكثر قراءة