أصدرت المحكمة الدستورية مجموعة من الأحكام، حول قضايا دستورية وسياسية متعددة، حيث حكمت بجلستها المنعـقـدة اليوم السبت برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق:
أولاً : بعدم قبول الدعوى التي أقيمت طعنًا على نصى المادتين (16) و(17) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، فيما تضمنه أولهما من امتناع وقف الدعوى الجنائية لأي سبب، وفيما لم يتضمنه ثانيهما من اعتبار وجود المتهم خارج البلاد مانعًا تنقطع به مدة التقادم.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المشرع الجنائي، وإن خوّل المدعي بالحقوق المدنية في بعض الجرائم التي يجوز فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبًا قانونيًّا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعي بالحقوق المدنية على دعواه المدنية؛ فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم في الدعوى المدنية التي يقيمها، أما الشق الجنائي من الدعوى فينعقد الاختصاص بمباشرته حصرًا للنيابة العامة، دون المدعي بالحق المدني الذى لا يُعد طرفًا من أطراف الخصومة الجنائية التي انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته - باعتباره مدعيًّا بالحقوق المدنية- في طلب تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء الجريمة التي اقترفها المتهم في الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق مباشرة الدعوى الجنائية التي تباشرها النيابة العامة وحدها، وإنما يدخل فيها بصفته متضررًا من الجريمة التي وقعت، طالبًا تعويضه مدنيًّا عن الضرر الذي لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها.
وأكدت المحكمة: “وحيث إن الدفع المبدى من المدعى عليه الخامس – المدعى عليه في الدعوى الجنائية – بانقضاء الدعوى بمضي المدة عملاً بحكم المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له من صلة بالدعوى المدنية، فلا تسقط تبعًا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر - وفقًا لما تقدم - أن التقادم في الدعوى الجنائية يُسقط حق الدولة في العقاب، أما حق المدعي بالحقوق المدنية في التعويض فيظل قائمًا لا ينقضي إلا بانقضاء المدة المقررة لانقضاء الحقوق في القانون المدني على النحو الذي قررته المادة (172) منه، ومن ثم، فإن المركز القانونى للمدعي، باعتباره مدعيًّا بالحق المدني – وهو ليس طرفًا من أطراف الدعوى الجنائية - لن يتغير حتى ولو قُضي بعدم دستورية النصين المطعون فيهما؛ اللذين ينظمان وقف وانقطاع سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية، وبالتالي لا يكون للمدعي ثمة مصلحة في الطعن بعدم دستوريتهما؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
ثانيًا: حكمت المحكمة باختصاص محاكم القضاء العادي بنظر الدعاوى المتعلقة بالتظاهر دون محاكم القضاء العسكري.
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن ما نسب إلى المدعى عليهم هو اشتراكهم جميعًا في تظاهرة دون إخطار الجهات المختصة، ترتب عليها الإخلال بالأمن العام وتعطيل مصالح المواطنين، وحركة المرور، حال حملهم شماريخ وأسلحة بيضاء ومواد معدة للاشتعال (مولوتوف)، وإحراز المدعى عليه التاسع لمطبوعات ولافتات تتضمن تغيير الدستور والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية، وتحض على قلب نظام الدولة ونظمها الأساسية، وكان جميع المدعى عليهم ليســوا من ضباط أو أفــراد القوات المسلحة أو أي من الذين حددتهم المادة (4) من قانون القضاء العسكري، الخاضعين لأحكام هذا القانون.
كما أن الجرائم المسندة إليهم سالفة الذكر لم يثبت من الأوراق وقوعها على أي من المنشآت أو المرافق أو الممتلكات العامة التي عينها نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014 المشار إليه، حال خضوعها لحماية القوات المسلحة وتأمينها الفعلي لها، ومن ثم ينحسر عنها اختصاص القضاء العسكرى المحدد بهذا القرار بقانون، ويبقى الاختصاص بنظرها والفصل فيها للقضاء العادي صاحب الولاية العامة بذلك طبقًا لنص المادة (188) من الدستور والمادة (15) من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية.
ثالثًا: قررت المحكمة حجز الدعويين رقمي 37، 49 لسنة 38 ق "منازعة تنفيذ" والمتعلقتين باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية للحكم بجلسة 13/1/2018.