كانت مي زيادة التي تحل ذكرى وفاتها اليوم، من أقوى المناصرات للمرأة في ذلك الوقت، وظهر ذلك في كثير من كتابتها، وايضًا من خلال الحلقات النقاشية التي عُقدت في بيتها بـ«صالون الثلاثاء»، فكانت دائمًا تُحث بكلمتها المرأة على العمل والاجتهاد وعدم الانصياع والتبعية.

وسنحت لمي الفرصة لتُأكد دعوتها تجاه المرأة والدفاع عن قضيتها، عندما طُلب منها أن تكتب كلمة لكل فتاة شرقية، تُنشر في كتاب «محفوظات البنات» الذي اقترح تأليفه مجلس مديرية القليوبية ليدرس في مدرسة البنات الأولية التابعة له بشبرا البلد. ونُشِرَتَ هذه الرسالة بمجلة دار الهلال بمناسبة عيدها المئوي أكتوبر سنة 1992م.

وإلى نص الرسالة:

الحياة أمامك..

الحياة أمامِك، أيتها المصرية الصغيرة، ولكِ أن تكوني فيها ملكةً أو عبدة؛ عبدةً بالكسل، والتواكل، والغضب، والثرثرة، والاغتياب، والتطفُل، والتبذُل. وملكةً بالاجتهاد، والترتيب، وحفظ اللسان، والصدق، وطهارة القلب والفكر، والعفاف، والعمل المتواصل.

فإن عشتِ عبدةً بأخلاقكِ كنتِ حملًا ثقيلًا على ذويكِ فكرهوكِ ونبذوكِ. وإذا عشتِ ملكةً أفدتِ أهلكِ ووطنكِ وكنتِ محبوبةً مباركة.

فأيهما تختارين؟

إذا اخترتِ السيادة فروًضي نفسكِ على المكارم منذ الساعة، لأن الملوك يسلكون طريق العزِ منذ الصغر.

جاءت رسالة «مي» شديدة اللهجة، قوية المفعول والأثر على فتيات عصرها، فكانت كالنور الهادي لهم، والتنبيه اللازم لفتيات اليوم.