السبت 11 مايو 2024

قصة إنشاء الاتحاد المصرى لكرة القدم عام 1921.. عندما انتصر «حجازى» على مخطط «بولانكى»

صورة أرشيفية

23-10-2023 | 17:46

بقلـم: د. أحمد شيرين فوزى
شجع نشوب الثورة فى عام 1919، العناصر الوطنية للتخلص من النفوذ الأجنبى ولتمصير نشاط الكرة، وقام حسين حجازى وإبراهيم علام «جهينة» بالدعوة لإنشاء أول اتحاد مصرى لكرة القدم فى سبتمبر 1919، وحاول مسيو أنجلو بولانكى (اليونانى الأصل، وسكندرى المولد والإقامة)، سكرتير عام اللجنة الأولمبية المصرية ومؤسسها عام 1910، وممثل مصر فى اللجنة الأولمبية الدولية، تفتيت جهود الجبهة المصرية، لإفشال فكرة إنشاء اتحاد مصرى لكرة القدم. ومع حلول عام 1920، وقرب موعد أولمبياد أنفرس ببلجيكا، تسلم مسيو بولانكى دعوة اللجنة الأولمبية الدولية بصفته ممثل مصر فى هذه اللجنة، لمشاركة مصر فى الدورة، وكان يرغب فى تشكيل منتخب مصر الكروى الذى سيشارك فى هذه الدورة، بصفته سكرتير عام اللجنة الأولمبية المصرية ولعدم وجود اتحاد مصرى لكرة القدم (لأنه لم يكن قد تم تأسيسه بعد)، ولكن الكابتن حسين حجازى أحد أهم وأبرز نجوم كرة القدم المصرية وقتها وزملاءه كانوا يرغبون فى تشكيل هذا الفريق، وأبلغوا مستر سمبسون (مراقب عام الرياضة البدنية بوزارة المعارف والمسئول الأول عن الرياضة فى مصر) بذلك، وعليه قام مستر سمبسون بإخطار مسيو بولانكى بإسناد مسئولية اختيار الفريق الكروى للمصريين وتحت إشرافه، وذلك لما أدركه من أهمية لعبة كرة القدم للشعب المصرى فى ذلك الوقت، وحتى لا يحدث صدام جديد مع المصريين بعد أحداث ثورة 1919 المجيدة، والإنجليز فى غنى عن أى صدامات أخرى حينها، وفى نفس الوقت كان هدف الإنجليز قطع الطريق على مصر لأى تفكير بإنشاء اتحاد خاص بهم، وذلك بتلبية طلبهم بتشكيل فريقهم بأنفسهم، وفى نفس الوقت تحت إشراف إنجليزى متمثل فى مستر سمبسون. وقد دعا مستر سمبسون لاجتماع مع كبار ممثلى الأندية والرعاة فى مصر لاختيار فريق مصر الكروى، وحضر هذا الاجتماع حسين حجازى، ممثلا للاعبى الكرة فى مصر، وأثمر الاجتماع عن تشكيل أول لجنة كرة فى تاريخ كرة القدم المصرية وجاءت كالتالى: حضرة صاحب السعادة جعفر ولى باشا، وزير الأوقاف، ووكيل النادى الأهلى (رئيسًا)، وحضرة السيد محمد صبحى أفندى، ممثل النادى الأهلى (سكرتيرًا)، وعضوية كابتن حسين حجازى ومستر سمبسون، وضمت أيضاً اللجنة أعضاء يمثلون أندية المختلط (الزمالك)، والسكة الحديد، والعباسية، والاتحاد السكندرى، والقاهرة. وفى 17 مارس 1920، اجتمعت اللجنة فى النادى الأهلى، وتم اختيار أول منتخب رسمى فى تاريخ الكرة المصرية، وأول منتخب تعترف به الحكومة المصرية والإنجليزية واللجنة الأولمبية المصرية، لتمثيل مصر فى أول بطولة رسمية. وفوجئ كابتن حسين حجازى بأن مستر سمبسون هو المشرف العام على اللجنة، ويجلس على مقعد الرئاسة، رغم أن اللجنة رسميا برئاسة جعفر ولى باشا، ولذلك صمم كابتن حسين حجازى على ضرورة تشكيل اتحاد مصرى لكرة القدم. وفى صيف عام 1921، تكللت جهود العناصر الوطنية بالنجاح، بقيادة حسين حجازى، وإبراهيم علام «جهينة»، ويوسف محمد، واجتمعت الجمعية العمومية للاتحاد وكانت خمسة وعشرين ناديًا. وفى يوم 13 أكتوبر فى نفس العام (1921)، تأسس أول اتحاد مصرى صميم، وتم تشكيل أول لجنة لإدارة الاتحاد، وهى اللجنة العليا (مجلس إدارة الاتحاد) من: جعفر ولى باشا (رئيسًا)، فؤاد أباظة بك (وكيلًا)، إسماعيل يسرى أفندى (أمينًا للصندوق)، يوسف محمد أفندى (سكرتيرًا عامًا)، والأعضاء: طاهر السرجاني، رياض شوقي، عبد الحميد محرم، على صادق، محمد جاهين، محمد إبراهيم، عباس حلمى زغلول، محمد صبحى الأتربي، إبراهيم علام «جهينة»، نقولا عرقجي، زكريا عباس، ثم تم تعيين عضوين هما كابتن حسين حجازى ومستر سمبسون. وعقدت أول جمعية عمومية للاتحاد المصرى لكرة القدم بعد تأسيسه، فى 23 أكتوبر 1922، حضرها ممثل من الاتحاد المختلط للأندية الرياضية وخمسة وعشرون ناديًا وهى أندية: الأهلى، المختلط (الزمالك)، السكة الحديد، الاتحاد السكندرى، منتخب المدارس، مصر بالمنيرة، الترسانة، صلاح الدين بالخليفة، التوفيقية بشبرا، موظفى الحكومة بالإسكندرية (الأولمبى)، القاهرة بالترعة البولاقية، العباسية، النيل ببولاق، الأهرام، أرارات، النادى المصرى بدرب الجماميز، شركة الملابس المصرية بشبرا، القسم الطبى بالجيش المصري، الزقازيق الرياضي، المحروسة، بنها الرياضي، محرم بك بالإسكندرية، الزيتون، المستقبل، النادى الحديث. وانتهت جلسة الجمعية العمومية بعقد اتفاقية بمقتضاها تنازل الاتحاد المختلط للأندية الرياضية عن كل سلطاته فى نشاط نشاط كرة القدم للاتحاد المصرى. وكان أول مقر للاتحاد المصرى لكرة القدم ، هو مبنى النادى الزراعى بعمارة راتب رقم 43 أمام جامع الكخيا بالقاهرة، ثم انتقل إلى النادى الأهلى بالجزيرة مؤقتًا، لينتقل بعد ذلك إلى العمارة رقم 18 شارع المدابغ «شريف حاليًا»، ثم انتقل إلى رقم 7 شارع الشواربى حتى عام 1953، ثم نقل إلى مقره الحالى 5 شارع السيدة أم كلثوم «الجبلاية سابقًا» بالجزيرة بالقاهرة. كأس التفوق المصرى وكانت أول مسابقة رسمية ينظمها الاتحاد المصرى لكرة القدم، تشارك فيها فرق الأندية المصرية فقط، على كأس مهداة من الملك فؤاد الأول باسم ولى عهده (الأمير فاروق)، وسميت الكأس «كأس التفوق المصرى للأمير فاروق»، وبدأت أولى مسابقاتها فى موسم 1922/21، وفاز بها نادى المختلط (الزمالك)، وفى عام 1938 (بعد تولى الملك فاروق الحكم بعامين) تغير اسم المسابقة إلى «كأس الملك فاروق»، وسمح للأندية الأجنبية التابعة للاتحاد بالاشتراك فيها. ثم أصبح اسم المسابقة «كأس مصر» بعد ثورة 23 يوليو 1952. وفاز فريق نادى المختلط (الزمالك) على فريق نادى الاتحاد السكندرى فى مباراة نهائى كأس الأمير فاروق (كأس مصر)، موسم 1922/21 فى 21 أبريل 1922، على ملعب نادى المختلط ببولاق، القاهرة، وهى أول بطولة لكأس مصر، وكانت نتيجة المباراة (5/صفر)، وسجل الأهداف: جميل عثمان (هدف)، والسيد أباظة (هدفا)، وحسين حجازى (هدفا)، وعلى رياض (هدفين). أحداث ووصف المباراة من جريدة الأجيبسيان ميل الإنجليزية فى 22 أبريل 1922: قام بترجمتها مع إضافة بعض المعلومات الوثائقية (مثل طريقة لعب الفريقين، وأسماء الشهرة ومراكز اللاعبين)، كاتب هذه الوثيقة التاريخية. لعب فريق نادى المختلط بطريقة (5/3/2)، وكان التشكيل كالآتى: محمود مرعى (حارس المرمى)، يوسف وهبى (ظهير أيسر)، فؤاد الجميل (ظهير أيمن)، عبدالسلام حمدى (ساعد دفاع أيسر)، على الحسنى (ساعد دفاع وسط)، محمد جبر (ساعد دفاع)، جميل عثمان (جناح أيسر)، السيد أباظة (ساعد هجوم أيسر)، حسين حجازى (قلب هجوم)، على رياض ( ساعد هجوم أيمن)، يوسف محمد (جناح أيمن) طريقة لعب نادى الاتحاد السكندرى، وتشكيل الفريق: لعب فريق نادى الاتحاد السكندرى بطريقة (5/3/2)، وكان التشكيل كالآتى: زكى شعبان «زكى الشل» (حارس المرمى)، حسن الديب (ظهير أيسر)، حسن فارس (ظهير أيمن)، فؤاد نجيب (ساعد دفاع أيسر)، مجدى الديب (ساعد دفاع وسط)، محمد السكرى (ساعد دفاع أيمن)، حسين موسى (جناح أيسر)، السيد إسماعيل «السيد حودة» (ساعد هجوم أيسر)، إبراهيم الميرغنى (قلب الهجوم)، محمود إسماعيل «محمود حودة» (ساعد هجوم أيمن)، السيد حبشى (جناح أيمن).. الحكام: حكم المباراة محمد صبحى الأتربي، وحاملى الراية، إبراهيم عثمان ومحمد السيد. أحداث المباراة: تقابل نادى المختلط مع نادى الاتحاد السكندري، أمس على ملعب نادى المختلط ببولاق (مكان دار القضاء العالى حاليا)، فى نهائى كأس الأمير فاروق وكان عدد المتفرجين نحو 2500 متفرج من المصريين، ومن أهم الشخصيات التى حضرت هذه المباراة، شحاتة كامل باشا، وجعفر ولى باشا (رئيس اتحاد الكرة)، وإسماعيل حسانين باشا، وإبراهيم فتحى باشا، ومحمود شكرى باشا، وعبد الحميد سليمان بك، وخليل أباظة بك، ودكتور محمود بيومي، وجورج مرزباخ بك (مؤسس نادى المختلط). وحضر فريق نادى الاتحاد السكندرى القاهرة، مع سمعة طيبة، وكان المتوقع أن يقدموا مباراة جيدة أمام نادى المختلط حتى ولو خسروا، ولكن نتيجة المباراة كانت عكس ذلك.. ومن بداية المباراة حتى نهايتها كان اللعب من جانب واحد، وهو جانب فريق المختلط، وكان ظهيرا وخط دفاع نادى الاتحاد السكندرى فى حالة ضعف واضح، وكان خط الهجوم خارج الخدمة، ومع أن حارس مرمى الفريق السكندرى أخطأ خطأ فظيعا عندما دخل مرماه الهدف الثاني، ولكنه كان أحسن لاعب فى الفريق السكندري، وإن كان مرماه دخل فيه خمسة أهداف. المباراة ممكن وصفها فى عدة كلمات، أن نادى المختلط كان يضغط كل الوقت، بينما نادى الاتحاد السكندرى يدافع طول الوقت، وكان هناك ضغط مستمر من نادى المختلط على حارس المرمى السكندري. بعد خمس دقائق من بداية المباراة، سجل جميل عثمان لاعب المختلط الهدف الأول، لأن لاعبى خط دفاع الفريق السكندرى لا يقفون فى أماكنهم، ووجد جميل عثمان ثغرة بينهم فسجل الهدف الأول بسهولة، وبعد هذا الهدف مباشرة، تلقى السيد أباظة لاعب المختلط تمريرة من حسين حجازى، فسدد الكرة وهى طائرة بقذيفة لولبية (أسكرو)، فسقط حارس المرمى زكى شعبان على الأرض بدلا من إبعادها عن المرمى ودخلت الشباك، وسجل حسين حجازى الهدف الثالث بتسديدة رائعة على المرمى السكندرى ولم يستطع حارس المرمى صدها، وانتهى الشوط الأول بتقدم نادى المختلط (3/صفر). وبدأ الشوط الثانى، وفريق المختلط يضغط باستمرار على الفريق السكندرى، وسجل على رياض هدفين، لتصبح النتيجة (5/صفر)، ومن بداية الشوط الثانى حتى نهايته وفريق المختلط يتعامل مع الفريق السكندرى كأنه فريق أشبال، ولاعبى الفريق السكندرى أصبحوا لا يعرفون كيف يتعاملون مع أى لاعب من فريق المختلط، ومع قرب نهاية المباراة، انهمك لاعبو المختلط باللعب الاستعراضي، وكانوا معذورين لأن الفريق المنافس كان ليس له أى تأثير فى المباراة، مما أسعد جماهير المختلط، وبدأت بتشجيع فريقها بأصوات عالية، وفى النهاية فاز فريق المختلط بخمسة أهداف نظيفة، وتكرم سعادة شحاتة كامل باشا، وقام بتسليم الكأس والميداليات الذهبية للفريق الفائز والميداليات الفضية للفريق الخاسر.