أكدت دولة قطر أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الخطيرة في قطاع غزة، وتجدد دعوتها جميع الأطراف إلى خفض التصعيد وصولا إلى الوقف التام لإطلاق النار على كافة خطوط المواجهات، والإفراج الفوري عن جميع الأسرى خاصة المدنيين، وضمان وصول المساعدات العاجلة إلى قطاع غزة وفتح ممرات آمنة تسمح بإدخال المساعدات الإنسانية.
جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة أمام جلسة المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن حول بند "الحالة في الشرق الأوسط بما فيها قضية فلسطين".
وأكدت إدانة دولة قطر لكافة أشكال استهداف المدنيين، خاصة النساء والأطفال، ورفضها القاطع للحصار الشامل المفروض من قبل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على قطاع غزة الذي يحرم 2,3 مليون إنسان، نصفهم من الأطفال، من احتياجاتهم الأساسية، بما فيها الماء والغذاء والدواء والكهرباء. في الوقت الذي أسفر القصف الإسرائيلي عن أكثر من خمسة آلاف من الضحايا من سكان غزة بمن فيهم أكثر من ألف من النساء وألفين من الأطفال الأبرياء.
ونوهت المندوب الدائم إلى أنه من غير المقبول اتخاذ الصراع الحالي ذريعة لممارسة سياسة العقاب الجماعي من قبل إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، بما في ذلك التهجير القسري وإجبار المدنيين على النزوح أو اللجوء إلى الدول المجاورة مما يعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية.
وقالت :"إن توسع الهجمات الإسرائيلية في قطاع غزة لتشمل الأعيان المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس وتجمعات السكان، يعتبر تصعيدا خطيرا ينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة، وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة."
وأشارت المندوب الدائم إلى أن دولة قطر حذرت مرارا على مدى الأشهر الماضية، من عواقب تزايد السياسات التصعيدية التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية، ومنها المحاولات المرفوضة للمساس بالوضع الديني والتاريخي للأماكن المقدسة والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، واستمرار سياسات الاستيطان وضم الأراضي وهدم ممتلكات الفلسطينيين، والتدابير التعسفية ضد السجناء الفلسطينيين. ولفتت إلى أن دولة قطر تشدد على أهمية التعاون من أجل تطويق دائرة العنف وتجنب خطر الانزلاق إلى دائرة عنف أوسع تدفع ثمنها شعوب المنطقة.
وأشارت علياء أحمد بن سيف آل ثاني إلى أن دولة قطر بادرت على مدى الأسبوعين الماضيين، بإجراء اتصالات وجهود دبلوماسية حثيثة، على أعلى المستويات، مع عدد من كبار القادة والمسؤولين في المنطقة والعواصم المؤثرة، والجهات الفاعلة دوليا وإقليميا.
وأضافت المندوب الدائم: "قد بات من المعلوم إيمان دولة قطر بالوساطة والحوار لتسوية المنازعات بالسبل السلمية، وأنها تبقي قنوات التواصل مفتوحة مع جميع الأطراف، مما يساهم في تحقيق نجاحات متواترة للوساطة القطرية. ويسرنا أنه، بجهود وساطة من دولة قطر، أطلق سراح عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة خلال الأيام الماضية، ولا زالت الجهود مستمرة بشكل مكثف مع الدول الشقيقة والصديقة والشركاء الدوليين لتحقيق هذا المسعى".
وأردفت : "وعليه، ترفض دولة قطر بشدة ما ورد في بيان إسرائيل من تسييس للدعم الإنساني المقدم من دولة قطر إلى السكان المدنيين في قطاع غزة، وإعطاء صورة مخالفة لواقع جهود وساطة دولة قطر، التي تلقى إشادة واسعة ومستمرة من الدول الشقيقة والصديقة والأمم المتحدة والشركاء الدوليين كما سمعنا مرارا في هذه الجلسة من كلمات الشكر والتقدير لدولة قطر وإشادة بدورها".
مؤكدة أن دعم دولة قطر المقدم إلى السكان المدنيين في قطاع غزة، هو دعم إنساني وتنموي يتم من خلال قنوات الأمم المتحدة، وينطلق من واجبنا الإنساني والأخلاقي تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، ويأتي استجابة لدعوات الشركاء الدوليين الذين حثوا دولة قطر باستمرار على أداء دور قيادي لتحقيق الاستقرار الذي يصب في مصلحة قطاع غزة ودول الجوار. وتابعت: "نؤكد أن دولة قطر مستمرة في مسعاها الإنساني لتأمين حياة كل إنسان في هذه الأزمة الكارثية في قطاع غزة".
وأكدت أن دولة قطر تشدد على ضرورة تيسير وصول المساعدات الإنسانية، على نحو فوري وآمن وبدون عوائق، إلى جميع المحتاجين إليها. كما تؤكد ضرورة تفعيل دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لمعالجة القضايا الإنسانية العاجلة. وتابعت: "بهذا الخصوص، نعرب عن التقدير الكامل للدور المحوري الذي قامت به جمهورية مصر العربية، كما نشيد بجهود الأمين العام للأمم المتحدة ووكالات المنظمة الدولية، لا سيما الأونروا ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية".
وقالت علياء أحمد بن سيف آل ثاني، إننا نود أن نلفت إلى أن دولة قطر حريصة على المشاركة في تقديم المساعدة الطارئة، ابتداء بإرسال عدة طائرات محملة بالمساعدات الإنسانية إلى مطار العريش على مدى الأيام الماضية تمهيدا لنقلها إلى قطاع غزة. ويضاف هذا إلى المساعدة الإنسانية المستمرة التي قدمتها دولة قطر لتحسين الأوضاع المعيشية المتردية نتيجة للحصار المتواصل على قطاع غزة على مدى أكثر من 16 عاما، وتشمل بناء المساكن والمرافق الصحية والبنى التحتية كالطرق وإتاحة الوقود اللازم لتوليد الكهرباء، وأيضا الدعم المالي لوكالة الأونروا، وذلك بهدف التخفيف من عوامل فقدان الأمل التي تهدد الاستقرار والأمن والسلام.
وعبرت المندوب الدائم عن أسف دولة قطر لعدم تمكن مجلس الأمن من اعتماد قرار متوافق عليه لوضع حد لهذه الأزمة، وتابعت: "لا زلنا نأمل بأن يضطلع المجلس في هذا الصدد بالمسؤولية المنوطة به وفق الميثاق تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين".
وأشارت إلى أن مجلس الأمن استمع طوال الفترة الماضية إلى أصوات عديدة تشدد على أن الحلول الجزئية وفرض الأمر الواقع تجعل الوضع الراهن غير مستدام ودائرة العنف مستمرة،
وأردفت: "ها نحن نشهد حلقة جديدة من العنف، تؤكد لنا من جديد أن الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام مستدام في المنطقة هي الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا للمبادرة العربية وحل الدولتين، الذي يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه غير القابلة للتصرف. وهذا ما يتطلب إجراءات ملموسة وعمل بشكل جدي لحل هذه القضية المركزية للسلام في الشرق الأوسط".
وأكدت المندوب الدائم، أن دولة قطر تؤمن أن السلام لا زال ممكنا حتى في ظل أحلك وأخطر الظروف، وتدعو الأطراف المعنية والمجتمع الدولي إلى أن تعمل على تحويل المأساة الفادحة التي نشهدها إلى حافز لتجديد العمل الدؤوب من أجل التسوية الشاملة والعادلة والدائمة.