الجمعة 10 مايو 2024

الحزمة 12 من العقوبات.. هل تؤثر على روسيا؟

مقالات28-10-2023 | 19:44

فى الوقت الذى أعلن فيه البنك المركزي الروسي بشكل مفاجئ وغير متوقع وللمرة الرابعة خلال العام الجاري عن رفع سعر الفائدة ليصل إلى 15%، وكما قال البنك المركزي فى بيانه الخاص بهذا القرار، إن الطلب فاق إمكانية التوسع فى إنتاج السلع والخدمات، تجدر الإشارة إلى أنه منذ يوليو من العام الجاري قرر البنك المركزي الروسي، بهدف السيطرة على التضخم المتسارع، رفع سعر الفائدة وقام بذلك عدة مرات، على أي حال ليس هذا موضوعنا، لكن الموضوع الرئيس هو حزمة العقوبات الجديدة التى سيبحث الاتحاد الأوروبي فرضها على روسيا خلال الفترة القادمة، خاصة بعد تواتر أنباء عن أن ثماني دول أوروبية والولايات المتحدة ضمن الدول التى تورد أشباه موصلات تستخدم فى صناعة سلاح روسيا الأخطر "صاروخ كينجال" الذى يفوق سرعة الصوت عدة مرات ولم تتمكن وسائل الدفاع الجوى الأوكرانية الغربية من اعتراضه، رغم إعلانهم عن ذلك عدة مرات لكن لم يتأكد هذا أي مصادر محايدة، إضافة إلى أن تكلفة الصاروخ الواحد 10 ملايين دولار ولا أتصور أن روسيا ستستخدمه هكذا فى أوكرانيا لمجرد ضرب موقع عسكري.

وفى الوقت الذى لم يقر فيه، رسميًا، مجموعة العقوبات الحادية عشرة، بدأ الاتحاد الأوروبي فى دراسة الحزمة الثانية عشرة من العقوبات. كانت دول الاتحاد الأوروبي قد أقرت الحزمة الحادية عشرة من العقوبات قبل أسبوع. وكما أعلن السيد بيوتر فافجيك نائب وزير الخارجية الروسي أن المبادر بحزمة العقوبات هى بولندا، التى تعتبر ضمن ثماني دول أوروبية من حيث توريدها لشرائح لإنتاج صواريخ "كينجال" الفائقة السرعة.

كما يقول السيد فافجيك الهدف من الحزمة 12 من العقوبات هو سد أربع ثغرات تحصل روسيا من خلالها على أموال كثيرة. ووفق كلمات المسئول الروسي أهم بند فى العقوبات الجديدة هو وقف تصدير الألماس للاتحاد الأوروبي (المستورد الرئيس بلجيكا، تليها فرنسا).

فى نفس الوقت أكد نائب وزير الخارجية الروسي على أنه من الصعب تحديد الوقت الذى سيتم فيه إقرار الحزمة 12 من العقوبات، التى تسعى بولندا لأن يكون نطاقها واسع.

وكما أعلن من قبل فى الاتحاد الأوروبي أنه وفقاً للحزمة 11 من العقوبات، سيكون من الممكن تقليص تصدير السلع الحساسة والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، لدول ثالثة، بمعنى أن الاتحاد الأوروبي سيصدر هذه السلع لبعض الدول مع الاشتراط بألا تصدر هذه السلع لدول أخرى كما حدث مع بعض الشرائح التى استوردتها الصين وأعادت تصديرها لروسيا، بالإضافة لذلك سيتم نشر قوائم مفصلة للسلع والتكنولوجيا المصدرة من الاتحاد الأوروبي لدول العالم والتى من الممكن أن تصل لروسيا عن طريق الترانزيت.

ينتظر كذلك ضمن الحزمة 11 من العقوبات على روسيا إغلاق خط أنابيب النفط الشمالي والذى يعرف بخط "الصداقة"، والذى يوصل النفط الروسي إلى كل من ألمانيا وبولندا، فى نفس الوقت سيستمر خط أنابيب النفط الجنوبي فى العمل والتى توصل النفط إلى المجر.

فى نفس الوقت من المتوقع أن أن يستمر، الفرع الشمالي من خط الأنابيب النفطية "الصداقة"، فى العمل لكنه سينقل نفط من كازاخستان. من المتوقع كذلك وفق الحزمة 11 من العقوبات أن تتخذ إجراءات عقابية بعض الشركات المسجلة فى هونج كونج وبعض الشخصيات من أوزبيكستان، وشركات من كل من سوريا وإيران وأرمينيا.

قائمة العقوبات وهنا للحزمة 11 سوف تطال 71 شخصية و33 مؤسسة، وتفترض العقوبات الأوروبية تجميد كافة أصول ومنع إعطاء أموال للمنظمات المقيدة فى "القائمة السوداء"، كما الشخصيات المفروض عليها عقوبات تمنع من السفر لدول الاتحاد الأوروبى وكل أموالهم والأصول الخاصة بهم ستجمد. تنص العقوبات على تقليص تصدير أدوات التبريد والطابعات والحاسبات الإليكترونية وسلع أخرى من الممكن وفقًا لرأى الاتحاد الأوروبى أن تساعد روسيا فى "المجال العسكري وتقويتها من الناحية الدفاعية"، وتشمل هذه القوائم 155 صفحة، كما يفترض أن تمنع السفن التى يشتبه فى حملها سلع من روسيا وخاصة النفط والمنتجات النفطية، من الرسو فى الموانئ الأوروبية، كما تم تمديد منع 5 وسائل إعلام روسية من البث فى فضاء الاتحاد الأوروبى.

كان الاتحاد الأوروبى قد أعلن فى الصيف الماضى عن أنه بدأ إعداد حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا تحمل رقم 12، وأعلن المسئولون الأوروبيون أن حزمة العقوبات ستكون جاهزة للإقرار فى شهر أكتوبر 2023، وتم تسريب بعض المعلومات حول ما ستشمله حزمة العقوبات 12 الجديدة. قبل الحديث عن محتوى العقوبات الجديدة المسرب أود أن ألفت الأنظار إلى أنه، لو أتت أول حزمة عقوبات أكلها وكانت ناجعة لما كانت هناك حاجة إلى حزم العقوبات التى فرضت بعد ذلك والتى سيصل عددها إلى 12 حزمة حتى الآن.

كما شبه صندوق الاستراتيجية الثقافية الروسى فى تقرير له، إن الاتحاد الأوروبى بهذه العقوبات يطلق النيران على روسيا لكنها وفق الصندوق لا يصيب الهدف، ويصفها الصندوق بأنه مزعجة لكنها غير مميتة. جدير بالذكر أن أول حزمة عقوبات فرض على روسيا من السلسلة الحالية كان بتاريخ 21 فبراير 2022 عندما اعترفت روسيا وفرضت بسبب اعتراف موسكو بجمهوريتى الدونباس (دنيتسك الشعبية ولوجانسك الشعبية)، وكانت الولايات المتحدة هى المبادر بتلك العقوبات، ثم أيدها وانضم إليها الاتحاد الأوروبى. ثم توالت حزم العقوبات حتى الحادية عشرة فى 23 يونيو 2023.

على أى حال وبصرف النظر عن نتائج العقوبات الحالية، والتى أقل ما يمكن وصفها به بأنها ضعيفة وكما يقول البعض غير مؤثرة بما يكفى بدليل استمرار العملية العسكرية الروسية حتى الآن، ولم تؤثر على الاقتصاد الروسى بدرجة كافية، وكما يتوقع المراقبون قد تطال العقوبات الأوروبية والأمريكية فى الحزمة الثانية عشرة الألماس وفى هذه الحالة سيكون أكثر المتضررين بلجيكا التى تعتمد صناعة كبيرة على الألماس الروسى (تصدر روسيا ألماس بحوالى 3,8 مليار دولار ستوياً) الذى يشغل حوالى 5% من الأيدى العاملة، بالإضافة إلى هذا ستشمل العقوبات الجديدة ترميم وسد الثغرات فى العقوبات التى فرضت من قبل والتى تحدثنا عنها فى السابق والمتمثل فى إعادة تصدير السلع لروسيا، وخاصة المواد التى قد تستخدم فى الصناعات العسكرية، وكل يمكن قوله هو أنه من الصعب تصور أى نوع من العقوبات يمكن فرضه أكثر من تلك المفروضة من خلال 11 حزمة عقوبات حتى الآن. لكن هناك فكرة ضم قطاع الصناعات النووية لحزمة العقوبات الجديدة، لكن اعترضت على هذا المجر التى لديها مشروع مشترك مع روسيا، كما أن لها مشروعات فى عدد من الدول منها مصر وتركيا وبنجلاديش، لكن الأساس كما قلت هو سد ثغرات العقوبات السابقة.

العقوبات كما هى ضارة لروسيا فإنها تؤثر فى نفس الوقت على معدلات النمو فى أوروبا وهو الأمر الذى يجعل الدول الأوروبية متضررة من العقوبات وهذا يفسر تدرج الأوروبيون فى فرض العقوبات . الواقع أن الحل الأمثل هو إنهاء النزاع والعودة للعلاقات الطبيعية بين روسيا وواشنطن والاتحاد الأوروبي.

Dr.Radwa
Egypt Air