الأربعاء 8 مايو 2024

إبادة تتنفس في زمن المتناقضات

مقالات30-10-2023 | 17:41

مثل عصرنا، تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالمتناقضات، لكنها بلغت ذروتها مع حرب إبادة غزة التي ترك أهلها العزل يواجهون مصيرهم بأنفسهم، كأن العالم رغب في أن يتحملوا وزر غيرهم.

لم يعد الأمر يتعلق برد على هجوم ما زالت الشكوك تحوم حوله، بل إننا نعيش إبادة حقيقية، عرت العالم الذي كان يطربنا بأنغام وأناشيد الحرية والعدالة والوضوح والسلام وغيرها من المصطلحات التي تذغذغ العواطف.
استعار العالم أسلوب النعامة وترك أبناء الشعب الفلسطيني الذين ساقهم قدرهم للعيش في غز وباقي المناطق المستهدفة يتحولون الى فئران تجارب.
تفرق الناس شيعا، بين من يبحث عن أعذار لسلطات الاحتلال، وبين من يلغي من حساباته أسباب الضربة الأولى، ومن أوعز بها ونام في العسل، بعيدا عن الطنين، يستيقظ ليهدد ويهش، ويعود ليتفرج على مسلسل الإبادة، ويهدد الفاعل ويقف عند حدود ذلك مراعاة لمصالحه.
شخصيا لا يمكن أن ابحث للقاتل عن مبررات، أيا كان صفه، ومهما كانت صفته، لأن قتل المدنيين تحت أي غطاء ولو كان بدافع الرد غير مقبول وشجبه لا يعني أني أدافع عن إيران وسيوفها التي تخرجها من الغمد كلما رغبت في خدمة مصالحها الخاصة.
نحن نعي جيدا أن البعض يخوض حربا بالوكالة، لكننا نرفض أن يواجه الأبرياء المجهول، وان يستنشقوا على مر الأيام والأسابيع هواء ملوثا بدخان أسلحة ما يتردد حول طبيعتها مخيف، ويدفع إلى التبرؤ من عالم اعتقدنا أنه يسير بخطى حثيثة ليصبح جنة الله في أرضه.
بين غبار الأنقاض، والأم الأنام وغياب كل شروط الحياة، يئن أبناء غزة الذين لا حول لهم ولا قوة، يتركون لمواجهة المجهول في عالم غريب أصبحت 
فيه رغبات الشعوب في خبر كان، ونداءات العقل عبارة عن صيحة في بئر عميق. هذا هو عالمنا الظالم الذي صار فيه صوت الحق غريبا، وصوت المتغطرس مسموعا. 
تمضي الأيام والأسابيع والإبادة متواصلة، متأكدون من نهاية حرب الإبادة هاته، ربما تكون من قبيل التي نقول عنها لا تبقي ولا تدر، فبعد أن تأتي على الحجر ربما لن تبقي لنا بشرا نضمد له الجراح باعمار متأكدون انه سيزول وأن ضرب رصاصة وان كانت لا تخيف سيجري الرد عليها بصواريخ متعددة الجنسيات.
سيحكي التاريخ عن عصرنا وعالمنا باستخفاف، لأننا نهادن القوي وندير ظهرنا للأعزل، ونصمت في ظل إبادة زمن المتناقضات.

صحافي مغربي

Egypt Air