الخميس 2 مايو 2024

الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.. عنوان خطبة الجمعة اليوم

صلاة الجمعة

تحقيقات3-11-2023 | 10:44

محمود غانم

تنشر بوابة دار الهلال نص خطبة صلاة الجمعة، اليوم 19ربيع الآخر 1445 _ 3 نوفمبر 2023، والتي جاءت تحت عنوان "الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية"، وتناولت الخطبة حق الحياة في نصوص الشرائع الإسلامية والمواثيق الدولية، ومظاهر وصور حماية الحق في الحياة، إضافة إلى مسؤولية العبد عن الدماء يوم القيامة.

 

 

 

نص الخطبة 

 

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن

أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن الحياة هبة الله تعالى للإنسان، أكرمه سبحانه بها، وعظم حقها، وجعل الحفاظ عليها من أهم المقاصد والكليات التي جاءت الشرائع السماوية بحفظها، وحرمت

الاعتداء عليها، بل اعتبرت أي تهديد لحياة إنسان اعتداء على الجنس البشري كله، حيث يقول الحق سبحانه: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}، ويقول سبحانه: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، والإحياء هنا المقصود به الإنقاذ من الهلكة، والعمل على إبقاء حياة النفس الإنسانية، سواء بدفع الهلاك عنها أو بتوفير ما تحتاج إليه من طعام وغذاء، أو علاج ودواء، أو تعبيد للطرق وإقامة العمران، كما أن في الآية حثا على أن يقوم الإنسان بالإحياء لا الإماتة، إحياء البشر والشجر والكون كله بالحفاظ على 

مقومات الحياة، وإصلاح ما فسد أو أفسد منها.

 

وقد وصف الحق سبحانه عباده المقربين بأنهم أهل المحافظة على حياة الناس، حيث يقول سبحانه في وصف عباد الرحمن: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في شأن تعظيم الدماء: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء)، ويقول (عليه الصلاة والسلام):(اجتنبوا السبع الموبقات... الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حرامًا).

 

إن الإسلام لم يحرم الاعتداء على حياة الغير فحسب، بل حرم الاعتداء على النفس، وجعل ذلك من أكبر الكبائر، حيث يقول الحق سبحانه: {ولا تقتلوا أنفسكم إن

الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (من تردى من جبل فقتل نفسه،فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحشى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدثه في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).

ولأن الحياة ملك الله تعالى وحده، وليست ملكاً لأحد سواه؛ فقد كفل الإسلام للإنسان حياة طيبة كريمة، وحرم إهانته وإيذاءه، حيث يقول الحق سبحانه: {ولقد

كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}، ويقول سبحانه: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينًا}.

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلی الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين. 

 

لا شك أن المواثيق الدولية تنص على حق الإنسان في الحياة، وتؤكد على أن لكل شخص الحق في الحياة والحرية والأمن، وأن على القانون أن يحمي هذا

الحق، وأنه لا يجوز حرمان أحد من الحق في الحياة تعسفاً، وأن لكل إنسان الحق في التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أواللغة، أو الدين، أو الرأي، أو العرق، كما أنها تجرم كل أشكال التعدي على حياة الإنسان.

وهذا ما يتسق تماماً مع الشرائع السماوية، خصوصاً شريعة الإسلام السمحة التي جاءت إلى الدنيا داعية إلى الحياة والإحياء والبناء والتعمير، حيث يقول الحق

سبحانه: (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) ويقول سبحانه: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنّات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون)، ويقول سبحانه: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير) وفي هذا كله ما يؤكد أن ديننا هو دين الإحياء، وفن صناعة الحياة، لا صناعة الموت، ولا الدمار ولا الهدم ولا التخريب.

اللهم احفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين

 

Dr.Randa
Dr.Radwa