الأحد 28 ابريل 2024

المئوية الأولى لـ«شمس التنوير» شهادة فى حق جيل جديد يكتب حروف «المصور» من جديد

الكاتب الصحفي حمدى رزق

6-11-2023 | 21:08

بقلم: حمدى رزق
المئوية الأولى لـ«شمس التنوير» شهادة فى حق جيل جديد يكتب حروف «المصور» من جديد لفتنى الرقم الجميل، والعنوان المعبر، «99 سنة / المصور كنز الصحافة، ديوان التنوير» على غلاف «المصور» العدد الماضى، باقٍ على المئوية سنة واحدة لا غير، تبلغ «المصور» 100 عام من عمرها المديد، طويلة العمر، تقصر أعمارنا، راضون ليطول عمرها مديدا.. طالع الغلاف، فوق الـ 99 مباشرة، ستكتحل عيناك بعنوان «50 عاما على الرحيل / قبس من أيام العميد طه حسين»، علمتم لما هى ديوان التنوير، وموئله؟ «المصور» تشعّ تنويرا، وأقلامها مشاعل تنوير، وصفحاتها تلهج بالتنوير، وطوال عمرها فى قلب معركة التنوير، وأفكار التنوير المصرية أشرقت على الدنيا من خلال مطبوعات «دار الهلال»، ورمزيتها العريقة «الهلال» وابنتها البكر «المصور» التى تدخل عامها الـ100 منيرة من التنوير. مؤكد شهادتى مجروحة فى مجلتى الحبيبة «المصور»، ولكن منْ يشهد للعروس سوى ولدها الذى أحبها، وذاب فى عشقها، ولا يزال يكتب فى رحابها، وتفتح صفحاتها لما يجود به قلمه، ولم يتأخر يوما عن عون أو جهد، ولو طلبت «المصور» عنيه فهى لها، ومن ذا الذى يتأخر عن بيته، والمصور بيتنا. لن أسجل شهادة تاريخية ولا ماضوية، ولن أكتب عن آباء مؤسسين، ولا أساتذة موقرين، ولا رفاق رحلة وجيل، ولست فى سياق الفخار والافتخار بـ99 عاما من التنوير والنضال، وهذا يستحق أن تفرد له «المصور» أسبوعياً ملفاً خاصاً حتى تبلغ الـ100. أسجل بتواضع شهادة فى حق جيل جديد يكتب حروف «المصور» من جديد، جيل تدخل به «المصور «المئوية الثانية بروح وثابة وطموح، جيل يقوده صحفى موهوب قدير، صديق وأخ عزيز، ابنى البكرى، واسمه «أحمد أيوب»، والذين معه من صحفيون معتبرون، جيل ممتحن، جيل يحفر فى الصخر، جيل فى مهمة مصيرية للحفاظ على تقاليد مجلة «المصور» العريقة. إزاء اكتمال مئوية «المصور» الأولى، وهى مهمة شاقة فى ظروف بالغة الصعوبة، وكأنهم يمسكون بجمرة نار مشتعلة بأعصاب عارية.. مهمة إصدار المجلات فى الزمن الإلكترونى أقرب لصعود الفضاء فى مركبة تسير على الأسفلت! شهادة حق بحق، شباب مجلة المصور، مقاتلون أشداء، لا يشكون ولا يضجرون، ولا يشتكون، راضون بالقليل، ويبذلون الكثير من العرق تحت وطأة ظرف صعيب، فقط من أجل اسم «المصور» الغراء.. أيوب والشباب من حوله حلقة متحلقة حول «المصور»، استكمال لمسيرة طويلة من حلقات الأجداد والآباء المؤسسين لهذه المطبوعة ذائعة الصيت، وصاحبة السمعة، وعنوانها العريض احترام عقلية القارئ، وإشاعة الروح الوطنية، وتجلية روح الوطن تسرى فى البشر. لم تضبط «المصور «يوما خارج حدود الوطن، مكانها دوما فى الصفوف الأمامية المتقدمة دفاعا عن أغلى اسم فى الوجود. التفاف الشيوخ المقدرين حول شباب «المصور» ظاهر لا تخطئه عين مراقب، وعطفة «أيوب» على شيوخ الكتاب من قيم «المصور» الراسخة، وقيم «المصور» مستمدة من تراث «دار الهلال» العريقة، ودار الهلال ليست مؤسسة صحفية بل مؤسسة ثقافية تنويرية، من عمد وأركان منظومة القوة الناعمة للمحروسة، إصدارات الدار العريقة شكلت الوعى العربى ولاتزال.. «المصور» ليست مجلة ولكنها حالة وطنية، وعنوانها الوطن أولا وأخيرا وفى كل الأعداد، أعداد «المصور» التى تصدر تباعا بشق الأنفس وعزيمة الشباب، تبرهن على روح وطنية، جذوة لا تنطفئ، مشتعلة بالأفكار، متوثبة الطموحات، واسعة الآفاق، لا يحد طموحها صعوبات، وياما دقت على الرءوس طبول عنيفة، ولكنها فى رسوخ الجبال الرواسى، وجندها صابرون، مناضلون من أجل إصدار عريق الأصل. ¿ ¿ ¿ أكتب عن «المصور» من موقع رئيس تحرير (سابق)، وعن تجربة، المصور كالسفينة العتيقة التى تبحر فى أمواج متلاطمة، وهى مهمة شاقة على الشباب، فجفاف الإعلانات، وضعف المدخولات، وتراجع المجلات فى الأسواق الرقمية، يهدد عرش صحافة المجلات بقسوة، وصدور «المصور» أسبوعيا بهذه الحلة البهية والمحتوى العميق، معجزة حقيقية. كم من مجلات عالمية اختفت تحت ظرف العصر الرقمى، والأمثلة لا تعد ولا تُحصى، ولكن المجلات المصرية، تحديدا فى «دار الهلال»، تكافح من أجل البقاء، وسيكتب لها البقاء، لأن فى «دار الهلال» كتيبة من المناضلين الأكفاء.. الكتابة عن «المصور» فى عامها الـ99، واجب مستوجب على المحبين، «المصور» تعانى، كما تعانى «دار الهلال»، كما تعانى جل «الصحافة القومية»، وهذا جدير بالتوقف أمام مستقبل هذه الدور العريقة، وإصداراتها ذات السمعة الوطنية الحسنة، وتبينا لخارطة الطريق لعودة هذه الإصدارات إلى موقعها الطبيعى من الإعراب الوطنى. «المصور» ليست جملة عابرة فى تاريخ الصحافة المصرية، كما أن «الأهرام» ليس جملة عابرة فى تاريخ الصحافة العالمية، نتحدث عن أسماء وعلامات وإصدارات لها تاريخ، وبعثها مجددا يحتاج إلى مؤمنين بدور هذه الإصدارات فى صناعة الرأى العام، فلم ولن ينتهى دورها، فقط رسم الدور الجديد على خارطة الثورة الرقمية لإحداث الانتعاش الذى يسبق العودة المأمولة لهذه الإصدارات المهمة وطنيا. كابش النار حرقاه، ولست فى مجال تقييم الأداء المؤسسى لمن يتصدون لإصدار هذه المطبوعات العريقة، ربنا يعين من يحمل هذه التركة التى تراكمت عبر عقود دون إصلاح حقيقى.. ولست بقيِّم عليهم، شاكرا لهم جميل صنيعهم فى الحفاظ على هذه الإصدارات تصدر حتى الآن. ويقينى بأن القيادة السياسية تعنى بالحفاظ على المؤسسات القومية، ثروة قومية، وتوليها عناية خاصة، والرئيس السيسى يكتب بقلمه مباركا صدور العدد الـ٥٠ ألف من الأهرام، ومشكور يؤكد رعايته الرئاسية للصحافة القومية.. عناية الدولة بالصحافة القومية ليست محل شك، تبقى عناية المؤسسات نفسها بالإصلاح الإدارى والمؤسسى، وخطط الإصلاح لا تستعصى على المخلصين فى الهيئة الوطنية للصحافة، ورئيسها الصديق المخلص الأستاذ «عبد الصادق الشوربجى» والذين معه، وهم فى مواقع المسئولية التاريخية، بل وممتحنون فى هذا الظرف، وسيجتازون الصعب إن شاء الله. ¿ ¿ ¿ أعود لأيوب وله من اسمه نصيب من الصبر، فرؤساء التحرير الآن ممتحنون بشدة، وأراهم مقاتلين، صدور المطبوعات يكلف غاليا، وفى زمن الضجر، والرفض، والتمرد، حمم ما بعد الثورات، تصعب المهمة، وتتضاعف الأحمال، ويثقل الحمل، والمهنة لا تحتمل كل هذه صعوبات وعكوسات، ما يتطلب صبرا، وطول بال، وإيثارا، ونكران ذات، وتكثير الأصدقاء، واحتواء المخالفين، وتكثيف الود الإنسانى. هذا ما خبرته من سيرة أيوب، وأراه مجسدا فى «المصور» من التفاف الشباب والشيوخ على مهمة بعث «المصور» الناجحة إلى حد بعيد.. «المصور» فى التحليل الأخير مجلة ذات طابع خاص، وطابعها أسرى بحت، أسرة واحدة، وهذا سر البقاء، وهذا السر يسرى بين الأجيال، ورئاسة التحرير ليست رئاسة بالمعنى الدارج، ولكنها جمع بين الأخوة، وتوليف القلوب، وخلق مشترك عام، وحد أدنى من الاتفاق. ما أراه مجسدا أمام ناظرى فى خارطة المصور، وأعرفها جيدا مثل خطوط الكف، وقراءة كف «المصور» ترشدنا إلى مستقبل طيب ينتظرها، ولست فى محل «قارئة الفنجان»، ولكن التفاف الشيوخ والشباب حول «المصور» يرفدها بالقوة اللازمة لقطع الطريق الصعب، وركوب الصعب من مهام الرجال، وشباب المصور، وكذا شباب «دار الهلال» قادرون على المضى قدما نحو مستقبل واعد.. وفقهم الله. ¿ ¿ ¿ محتاج لكشف بأسماء شباب المصور أمامي، الذاكرة بعافية، سامحوني، وعلاقتى بالدار للأسف تقطعت بها الأسباب، للشيخوخة أحكام قاسية، تقطع الود والوصال، وأخشى نسيانا بسبب عوامل التصحر فى الذاكرة، ولكنهم جميعا فى القلب دوما، جيل من المكافحين، وما دام هؤلاء ممسكين بالدفة يقودهم الربان أيوب.. لا نخشى على «المصور»، شبابها وقود حيوى لا ينفد من الإبداع والطموح والاصرار. «المصور» كُتبت لها الحياة، وستعمر طويلا بفضل إخلاص الأجداد والآباء، ووجودهم وسط الشباب، أرى الشيوخ متألقين لا يغادرون الصفحات كتابة حبا وإخلاصا، وبقوة عزم الشباب وهم متحلقون حول الإصدارات ليلا فى خشوع وجلال وكأنهم يصلون فى المحراب ستحتفل المصور بالمئوية الأولى والثانية من عمرها المديد.