الإثنين 29 ابريل 2024

لمنْ نسِى نكتب ونذكِّر ما قبل يونيو ٢٠١٣.. أيام «الإخوان» السوداء

صورة أرشيفية

7-11-2023 | 18:16

بقلم: طه فرغلى
مجدداً نكتب لعلَّ من نسوا أو تناسوا يتذكَّرون، وذكِّر فإن الذكرى تنفع المحبين لوطنهم العاشقين لترابه، نكتب لهؤلاء تذكيرا بفترة حالكة السواد فى عمر الوطن، لا نكتب لموْتور أو كاره أو منْ فى قلبه مرض، فهؤلاء مختوم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، لا يسمعون ولا يفقهون ولا ينصفون. الليل كان حالك السواد ولا يبشر بصبح قريب، أيام ما بعد 2011 حتى 2013 كلها صعبة، تفاصيلها قاسية، عاشها المواطن المصرى خائفا يترقب، نهاره معاناة، وليله قلق وكوابيس، لم يعد آمنا فى سِربه، بل أصبح مهددا فى قوت يومه. جماعات وأحزاب سياسية ودينية متناحرة على وطن ممزق، الكل يريد أن يظفر بنصيبه ويبحث عن مكسبه، وسط انهيار مؤسسات الدولة، لا أحد يبحث عن مصلحة الوطن ولا يعنيه من قريب أو من بعيد مستقبل المواطن الذى بات حالما بغد أفضل فاستيقظ على مؤامرات كبرى هدفها سقوط الوطن. ما قبل 2013 تاريخ مليء بالمؤامرات، حاكت تفاصيلها جماعة الإخوان الإرهابية الفاشية التى أقسمت على أن تركب موجة أحداث 2011، وأن تفوز بمفردها بالغنيمة والكعكة الكبرى، استغلت نزق البعض من التيارات السياسية والشباب المتحمس، وامتطت صهوة الجواد، وانطلقت لا تُبقى ولا تذر؛ لتنفذ مؤامراتها الكبرى فى السيطرة على مصر حتى تكون النواة الأولى نحو مخططهم المشبوه فى دولة الخلافة المزعومة التى عاشوا يحلمون بها منذ تأسيس جماعتهم الإرهابية. دارت عجلة السيطرة والاستيلاء وسرقة الوطن مبكرا، داسوا على كل منْ تحالف معهم، واتخذوا كل مؤيد لهم مطية يركبونها للوصول إلى ما يخططون له، كانت سياسة «الأخونة» لمؤسسات الدولة تسير بوتيرة سريعة، وهدفهما إسقاط مؤسسات الدولة، والدفع بعناصرهم فى كل مؤسسة من أجل إحكام السيطرة. لم تترك الجماعة الإرهابية مؤسسة وطنية إلا وحاولت هدمها، سيطروا على كل المناصب، وظهر كذبهم وزيف ادعاءاتهم وسقط شعارهم «مشاركة لا مغالبة» وانكشف خداعهم لكل القوى، حيث سيطروا على البرلمان والحكومة والرئاسة. تزامن هذا مع فشل ذريع فى إدارة ملفات الحكم رغم سيطرتهم على كافة المناصب، ووسط المؤامرات لم يكن لدى هذه الجماعة خطة واضحة أو استراتيجية على الأرض أو مشروع فعلى لإنقاذ الوطن من البئر السحيقة التى وقع فيها، كان كل همهم إحكام السيطرة، واتخاذ مصر رأس حربة فى تنفيذ مخططهم الكبير، لم يكن هدفهم مصلحة الوطن فهم لا يعترفون به من الأساس، وفى عقيدتهم الوطن «حفنة من تراب عفن»، وما مصر إلا مجرد ولاية فى دولة الخلافة التى يخططون لإقامتها. وبين 2011 و2012 حتى 2013 عانت مصر من ويلات الجماعة الإرهابية التى اتخذت من الإقصاء والتنكيل والتعذيب سياسة ومنهجا لإبعاد كافة الخصوم من المشهد، وظهرت الجماعة الفاشية على حقيقتها، جماعة ديكتاتورية إذا تمكنت حكمت بالدم والحديد والنار، كان مخططها السيطرة على الحكم لمدة 500 سنة قادمة، تجبر أعضاؤها وتكبروا وتعاملوا مع جميع القوى السياسية على أنها لا وجود لها ولا تأثير، وأن عليهم فقط الانصياع لما يقرره مكتب إرشاد الجماعة فهو الحاكم الفعلى والآمر الناهى. وصلت الجماعة الإرهابية إلى سدّة الحكم من خلال مندوب لها فى قصر الرئاسة، لم يكن له من الأمر شيء، كان مجرد منفذ لأوامر مكتب الإرشاد وعليه السمع والطاعة لما تقرره قياداته وعلى رأسهم الإرهابى الأكبر خيرت الشاطر. بدأ الضرب بيد من حديد.. لا مجال للمعارضة أو حتى إبداء الرأى، لم يعد هناك مكان فى الوطن إلا لأعضاء الجماعة الإرهابية، حتى «عاصرى الليمون» من الذين أعلنوا تأييدهم ودعموا مرشح الإخوان للوصول إلى منصب الرئاسة، كان لهم نصيب من التنكيل والإقصاء. الخوف سيد الموقف، وبات الوطن قاب قوسين أو أدنى من حافة الانهيار والضياع، القلق كأس يتجرعه المصريون ليل نهار، ولا بصيص من أمل ينبئ عن فجر قريب، كل يوم يمر تشتد قبضة الفاشية الإخوانية، وكل قرار يتخذه مكتب الإرشاد بتوقيع مندوبهم فى قصر الرئاسة يؤكد أن القبضة الإخوانية مُحْكَمة، حتى كان الإعلان الدستورى الذى يعطى صلاحيات مطلقة للرئيس دليل وبرهان على نية هذه الجماعة ومخططها للانقضاض على الوطن، والسيطرة على كل مفاصله، وانطلق أعضاء الجماعة الإرهابية يهددون ويتوعدون ويحاصرون ويعذبون ويقتلون كل منْ يبدى اعتراضاً أو يعلن الرفض لقرارات الجماعة الفاشية، جهزوا أماكن التعذيب، ومعدات القتل، لكل من يفكر فى رفع صوته ويرفض قراراتهم، ردوا على هتافات «سلمية سلمية» بالسحل والضرب والقتل، وحصار مؤسسات الدولة، خرجوا جماعات ليثبتوا أنهم جراد منتشر لن يقف أحد أمامهم، ومنْ يتجرأ فسيكون نصيبه التعذيب والتنكيل. تزامن مع هذا معاناة يومية للمواطنين فى أرجاء مصر، معاناة شعارها «مفيش خدمات»، فشل ذريع فى إدارة كافة الملفات، وتصريحات بلهاء للمسئولين من الجماعة الإرهابية، والوضع يزداد سوءا يوما بعد الآخر، أزمات فى كل الملفات، ظلام دامس وكهرباء مقطوعة طوال اليوم، مستشفيات بلا خدمات، مدارس متهالكة، طوابير طويلة على رغيف الخبز وعلى محطات البنزين، اختفى السولار، نقص حاد فى السلع، ارتفاع معدلات الجريمة، طرق متهالكة، وشبكة مواصلات غير آدمية. كل هذا بخلاف الأزمات الدولية والدبلوماسية التى أثبتت أن هذه الجماعة خرقاء أضرت بسمعة مصر ومصالحها الإقليمية والدولية. وتزامن مع ذلك دعم الجماعة المباشر لمختلف الجماعات الإرهابية والإفراج بقرارات رئاسية عن عناصر إرهابية غاية فى الخطورة، والتحالف معهم من أجل تمكينهم وإرسالهم إلى سيناء للاستعانة بهم، كان مخططهم أن تصبح أرض الفيروز موطنا لكل الجماعات الإرهابية من الشرق والغرب، كان مخططهم المرعب القضاء على الأمن القومى المصرى، وزرع عناصر خطرة يلجأون إليها وقت ما يحتاجون إلى خدماتها لتنفيذ عملياتها الإرهابية فى ربوع الوطن. كان كل شىء نفذته الجماعة الإرهابية يؤكد أن مصر بلد على حافة الانهيار، الشارع يغلى وجماعة الظلام تحشد أتباعها وقطعانها، تهديد ووعيد ونفير وصيحات، وأكاذيب واستبداد وفاشية دينية، ومحاولات مستميتة للسيطرة على كل شبر فى الوطن. الحياة اليومية للمواطن باتت شبه مستحيلة مع جماعة فاشلة لا تعرف شيئا عن إدارة الدولة وهدفها فقط التمكين والإقصاء، كل شيء قبل 2013 كان بائسا، وأحلام الموطن تحطمت على صخرة الفاشية الدينية. كان الحلم الذى يراود الجميع أن يأتى يوم الخلاص من حكم الجماعة الإرهابية، كان كل ما يريده المواطن أن يرحل الإخوان، كان الحلم أشبه بالمستحيل، وأن هذه الجماعة لن ترحل إلا على أجساد المصريين. جاء 2013 والغضب الشعبى تتزايد وتيرته، وبلغت الأوضاع السيئة مبلغا عظيما وتخبط المصريون فى الظنون، وبلغت الروح الحلقوم، ودون ترتيب هبّ الشعب المصرى خائفا على وطنه وعلى هويته وثقافته ووحدته ودينه ليعلن رفضه حكم الجماعة الإرهابية، ويهتف بفطنته وذكائه المعهود والمشهود «يسقط.. يسقط حكم المرشد»؛ لأنه كان يدرك منذ البداية أن من يحكم ليس منْ يجلس فى قصر الرئاسة ولكن منْ يجلس فى مكتب الإرشاد. خرجب الجموع ملايين هادرة غاضبة تعلن رفضها لبقاء الجماعة الفاشية الفاشلة أكثر من هذا فى حكم مصر، امتلأت الميادين والشوارع فى جميع المحافظات بالمصريين البسطاء غير المحسوبين على قوى سياسية، خرجوا يدافعون عن هويتهم التى حاول أولاد الأفاعى من ثعابين الجماعة الإرهابية تغييرها. جاء يوم 30 يونيو 2013 ليزأر المارد المصرى معلنا غضبه ورفضه لحكم المرشد، كان الخلاص بثورة عارمة أيدها جيش عظيم وقائد وطني لبى النداء ونزل على إرادة الملايين لينقذ البلاد والعباد. كانت ثورة 30 يونيو لحظة عظيمة فارقة فى عمر وطن عظيم رفض أن يحكمه فاشيون باسم الدين، ولم يكن لدى المصريين أدنى شك أن جيشهم العظيم وقائده سينحازون لهم وسيقفون بالمرصاد لكل منْ تسوّل له نفسه أن يرهب المصريين، وجاء يوم 3 يوليو 2013 العظيم ليعلن القائد البطل عبدالفتاح السيسى يوم الخلاص من جماعة الإرهاب.