الإثنين 29 ابريل 2024

الطريق إلى يونيو..

صورة أرشيفية

7-11-2023 | 18:47

بقلم: عبد القادر شهيب
الطريق إلى يونيو 2013 بدأ فى نوفمبر 2012، وتحديدا يوم الثانى والعشرين منه، وهو اليوم الذى أصدر فيه مرسى إعلانا دستوريا جديدا منح نفسه به صلاحيات شبه إلهية، حينما حظر الطعن على قراراته السابقةْ والحالية واللاحقة أمام القضاء.. فقد استفز هذا الإعلان الدستورى عموم المصريين ومنهم من كانوا منحوه أصواتهم فى الانتخابات الرئاسية التى جرت قبل أشهر قليلة!.. وقد ظهر ذلك بوضوح فى المظاهرات التى اندلعت بشكل تلقائي وعفوى بعد إصدار هذا الإعلان الدستورى، حيث كان أغلب المشاركين فيها مواطنون عاديون وليسوا من النشطاء السياسيين أو الشباب الذين اعتادوا التظاهر منذ الخامس والعشرين من يناير عام. 2011.. وهذا ما لاحظه الشبان الثلاثة أصحاب فكرة حركة تمرد وراهنوا عليه فى دعوتهم المواطنين للخروج يوم الثلاثين من يونيو للخلاص من حكم المرشد. لقد أدرك المواطنون العاديون أن الإخوان يسعون لفرض حكم فاشى مستبد فى البلاد وأخونةَ كل مؤسسات الدولة وتشويه الهوية الوطنية للبلاد، خاصة بعد أن لجأ الإخوان إلى استخدام العنف لفض الاعتصام الاحتجاجي أمام الاتحادية، ومحاولة تلفيق اتهامات للمحتجين نجوا منهم لرفض نيابة منطقة مصر الجديدة الاستجابة لطلبات مرسى فى هذا الشأن رغم الضغوط السافرة التى تعرض لها رئيس النيابة.. وإزاء ذلك لم يكن أمام الأحزاب والقوى السياسية المدنية، والتى شكلت جبهة مشتركة أطلقت عليها اسم جبهة الإنقاذ سوى تبنى مطالب المواطنين العاديين الخاصة بإلغاء الإعلان الدستورى الذى أصدره مرسى، أو بالأصح أعده مكتب الإرشاد وفرض على مرسى توقيعه وتولى إعلانه المتحدث باسم رئاسةً الجمهوريةً.. بل إن جبهة الإنقاذ طرحت مطالب أخرى كان أهمها وقف الاستفتاء على مشروع الدستور الذى أعده الإخوان بمعاونة السلفيين وفى غياب القوى المدنبة وتشكيل لجنة تأسيسية جديدة لإعداد مشروع جديد للدستور. وقد حاولت وزارة الدفاع جمع ممثلى القوى المدنية مع مرسى على مائدة غذاء للتوصل إلى تفاهمات لتجاوز الأزمة السياسية إلا أن مرسى بعد أن وافق على الدعوة سحب تلك الموافقة، والمدعوون كانوا فى طريقهم لتلبية الدعوةَ، بل إن البعض منهم كان قد وصل فندق الماسة الذي كان سيتم فيه اللقاء، وذلك بعد أن طلب منه محمود عزت وخيرت الشاطر ذلك، فامتثل للتعليمات كما دأب على القيام به خلال الفترة التى قضاها فى قصر الاتحادية.. فقد كان القرار الذى اتخذته قيادة الجماعة هو تجاهل كل مطالب المعارضة، لأنها كانت تتصور أنها تستطيع إرهاب المعارضة بعد العنف الذى مارسه أعضاؤها أمام قصر الاتحادية ضد المعتصمين ثم المتظاهرين، وأنها قادرة على الحفاظ على الحكم دون تقديم ما تعتبره تنازلات عندما تستجيب لطلبات المواطنين الذين اكتشفوا سريعا فاشية الإخوان بعد أن أمسكوا بناصية الحكم، وكشفت عن ذلك الاستجابة الواسعة لدعوة شباب حركة تمرد بالتوقيع على استمارة تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو الأمر الذى حفز جبهة الإنقاذ فيما بعد أن تعلن دعمها لمطالب حركة تمرد ودعوتها بخروج المواطنين إلى الشوارع والميادين يوم الثلاثين من يونيو للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وذلك بعد أن كانت جبهة الإنقاذ قد اتخذت فى البداية موقفا متحفظا تجاه حركة تمرد.. وهذا الموقف الحديد للجبهة من الحركة ساعد فى جمع المزيد من ملايين الاستمارات التى تطالب بالانتخابات الرئاسية المبكرة وتوحيد الشارع على مطلب واحد.. وفى ذات الوقت كان ثمةَ إدراك لدى المواطنين العاديين أن مطلبهم بالتخلص من حكم الإخوان يحتاج دعما من قواتهم المسلحة، خاصةً بعد أن كشف الإخوان عن نواياهم بالتوسع فى استخدام العنف حفاظا على الحكم الذى أمسكوا به، وظلوا يحلمون به عقودا عديدة.. لذلك شهدت البلاد خروج أعداد من المتظاهرين بشكل متكرر خاصة خلال شهرى مايو ويونيو من عام 2012 ترفع شعار (انزل ياسيسى)، أى أن يأمر بنزول القوات المسلحة للشوارع لحمايتهم، فى الوقت الذى كانت قيادة القوات المسلحة تبذل جهودها لحقن الدماء بإقناع مرسى بتنظيم استفتاء شعبى على مطلب الانتخابات الرئاسية المبكرةَ، لكن قيادة الإخوان التى لم تكن تتوقع الفيضان البشرى الذى غطى شوارع وميادين القاهرة وكل مدن البلاد الرئيسية لم تستجب لهذه المحاولات.. وكل ما أبدت استعدادها بعد الثلاثين من يونيو هو تغيير الحكومة والقبول بحكم القضاء فى قرار إقالة النائب العام، وبحث تشكيل لجنة جديدة لتعديل الدستور.. ولذلك لم يكن أمام القوات المسلحة سوى أن تمنح مرسى وإخوانه المهلة بعد الأخرى حتى يتدبروا الأمر ويستجيبوا لمطالب الشعب.. فى البداية مهلة سبعة أبام تم تمديدها 48 ساعة بعد الطوفان الشعبى الذى غمر البلاد فى الثلاثين من يونيو.. وبعدها لم يكن هناك مفر من قرارات الثالث من يوليو التى حققت هدف الثلاثين من يونيو، وهو التخلص من حكم فاشى مستبد تورط فى استخدام العنف ضد الشعب.. وهكذا كان الطريق إلى يونيو طويلا، ولكنه كان حافلا بالإصرار على التخلص من هذا الحكم الفاشى.