الجمعة 3 مايو 2024

رحيل أول «الأصدقاء» ماثيو بيرى يغادر.. لكن أعماله باقية

صورة أرشيفية

12-11-2023 | 14:25

تقرير: يمنى الحديدى
«لقد كنت مرشدى فى أصعب الأيام» هذه العبارة كانت أكثر عبارات المعجبين حول العالم تداولا فى نعى الممثل الأمريكى الكندى ماثيو بيري، الذى فارق الحياة عن عمر ناهز الأربعة والخمسين عاما، فى ظروف غامضة، والذى اشتُهر فى مختلف أنحاء العالم بشخصيته المرحة «تشاندلر» فى مسلسل «فريندز» أو الأصدقاء، والذى كان له تأثير كبير فى جيل الثمانينيات والتسعينيات. بشخصية متخبطة مرحة أقرب ما تكون لشخصيته، خرج ماثيو بيرى إلى العالم بشخصية تشاندلر التى كان لها أثر عميق على شخصية الشباب حينها ليس فى أمريكا وحدها بل فى العالم أجمع، فأبدع فى «تشاندلر» حتى إنه فى إحدى المقابلات الصحفية قال إنه لم يكن يحمل ورقًا أثناء بروفات المسلسل، لأنه كان يعلم كيف سيتصرف وماذا سيقول، بل ابتدع طريقة «تشاندلر» الخاصة التى اشتُهر بها. بيرى الذى وُجد ميتا فى الجاكوزى الخاص به فى شقته ولم يُعلن حتى الآن عن سبب الوفاة، قال أكثر من مرة إنه لا يود أن يتذكره الناس فقط بمسلسل «فريندز» أو الأصدقاء الذى اشتُهر به، ويتمنى أن يذكره الناس بأفعال الخير التى كان يداوم عليها لا سيما فى محاربة الإدمان، ويذكر أنه فى عدة حلقات من مسلسل «فريندز» الذى عُرض من عام 1994 حتى عام 2004، كان قد توقع نهايته حيث قال فى إحدى المرات لصديقته: «إنه سيموت وحيدا فى شقته»، وهذا ما حدث بالفعل فى الحقيقية. لكن فى الحقيقة أيضا تختلف شخصية بيرى الحقيقية عن شخصية تشاندلر فقد كانت أكثر تعقيدا، ومر بيرى بالعديد من المحطات الصعبة كشف المستور منها والذى لم يعلمه الكثير من قبل حتى نشر مذكراته التى حملت اسم «الأصدقاء والعشاق والشيء الرهيب الكبير» العام الماضى، والذى تحدث فيها عن معاناته بالتفصيل مع إدمان الكحول والمسكنات، والتى كانت معروفة للبعض لكن من غير تفاصيل، حيث كشف بيرى عن تفاصيل حياته وكيف بدأ رحلته مع المخدرات فى سن الرابعة عشرة بداية مع الكحول والذى أدمنه بحلول عامه السابع عشر، واستمر حتى وصل لاستهلاك المسكنات والأفيون بداية من حبة واحدة إلى 55 حبة فى غضون 18 شهرا. وبدأ بيرى بالحديث عن حياته فى أسرة مفككة، وكيف كان تأثيرها على بناء شخصيته حيث تركت فى داخله فراغا لم يستطِع ملئه حتى بعد تحقيق أحلامه وشهرته العظيمة، نشأ بيرى فى كندا مع والدته سوزان –الصحفية الكندية- بعد أن انفصلت عن والده جون بيرى الممثل وعارض الأزياء الأمريكي، وذلك بعد معاناة عشر سنوات تنقل فيها بين دولتين وهو طفل يبلغ خمسة أعوام، ومع بلوغه الأربعة عشر عاما أصبح نجم تنس وطنيا فى كندا، لكنه انتقل بعد عام للعيش مع والده فى لوس أنجلوس وأوقف لعب التنس وأقنعه والده بالاتجاه للتمثيل، وكانت شخصية تشاندلر هى أول ما اصطدم به، حيث قال عنها: «إنه عندما قرأ السيناريو، شعر كأن شخصا ما كان يتبعه طوال عام، يسرق نكاته، ويقلد سلوكياته»، وكان قد خبأ على طاقم العمل فى البداية إدمانه، وكان قد عزم على ترك المخدرات أثناء تصوير المسلسل، لكنه فشل، حتى إنه ظهر فى بعض الأوقات كأنه شخصية غير طبيعية، مما دفعه لتناول المسكنات بشراهة حتى يستطيع إكمال التصوير. وبحسب بعض المواقع فقد كان أحيانا يشرب ربع جالون من الفودكا، وفى إحدى المرات تناول 55 حبة من مخدر الفيكودين مما أسقطه فى غيبوبة، وأشار فى كتابه إلى أن تقلبات جسده كانت بسبب الإدمان، فمثلا عندما كان وزنه يزيد فإن ذلك بسبب الكحول، بينما عندما كان نحيفا كان ذلك بسبب الحبوب، وعندما يكون لديه لحية صغيرة يكون ذلك إشارة إلى تناوله المزيد من الحبوب، الأمر الذى ندم عليه بيرى كثيرا، حيث قال إن الإدمان دمر كثيرا من حياته، وتاريخه فى تعاطى الأفيون أضرّ بمستقبله فى مقابل السعادة، فبسبب الإدمان عانى بيرى من إجراء العديد من العمليات الجراحية وصلت إلى 12 عملية منقذة للحياة، و15 رحلة لإعادة التأهيل، و6000 زيارة لمركز التأهيل، ومحاولة لإزالة السموم من الجسم لأكثر من 65 مرة، وبلغت تكلفة رحلة التعافى المادية أكثر من 9 آلاف دولار، وكان فى إحدى المرات على شفا الموت بعد أن انفجر قولونه بسبب تعاطى الأفيون، وأجرى عملية جراحية استمرت لمدة سبع ساعات ولم يأمل الأطباء سوى بنسبة 2 فى المائة أن ماثيو قد يعود للحياة، لكنه تجاوز الأزمة، واحتفل فى العام الماضى بمرور 18 شهرا دون تعاطٍ. المثير أنه طول رحلة بيرى كان دائما يتحدث عن خطورة الإدمان، وكان دائما يحاول مد يد العون لكل مَن يريد الشفاء، وكان على صلة مع منظمات التعافي، وأدار مركزا للتعافى وإعادة التأهيل فى قصره السابق بمدينة «ماليبو» وكان يعرف باسم «بيرى هاوس» لكنه باعه فى 2015، وكان ينوى إنشاء مؤسسة لعلاج الإدمان على مستوى عالٍ من الدقة فى العلاجات والتقنيات، لكن القدر لم يمهله. لكن بعد أسبوع من وفاته تم إطلاق اسمه على مؤسسة لعلاج الإدمان تكريمًا لاسمه وجهوده فى مكافحة الإدمان، ويمول المؤسسة الصندوق الخيرى الوطنى وهى مؤسسة خيرية رائدة فى الصناديق المقدمة من المانحين، والتى جمعت أكثر من 49 مليار دولار منذ إنشائها، وهذا ما كان يتمناه بيرى بالضبط. لكن أيضا كشفت وفاته أن «تشاندلر» كان له أثر على جيل بأكمله فى العالم وليس فى أمريكا وحدها، حيث كان يعتبره البعض ملهما فى كثير من المواقف التى كان يعرضها المسلسل والتى كانت قريبة من حياة الشباب، بل كانت نموذجا حيا لحياة الكثير من الشباب الذين كانوا يعانون من نفس ظروف تشاندلر فى المسلسل، حيث أشار فى العديد من المرات إلى أن طفولته كانت ممزقة كما كان الحال فى حياة بيرى الحقيقية بالإضافة لعيشه بمفرده، لكن إصراره على الضحك والحياة والسخرية من ظروف الحياة الصعبة كانت دافعا للعديد من الشباب على تجاوز الصعوبات فى الحياة، فى ظل الحالة التى خلقها فريندز فى التأكيد على أهمية الأصدقاء فى حياة الفرد، لكن بما أن تشاندلر كان الأكثر مرحا وحبا للحياة، بقى خالدا فى الذاكرة حتى بعد وفاته.