الجمعة 17 مايو 2024

تخفيف أحمال الكهرباء يحتم الإسراع بمشروعات الطاقة الشمسية

صورة أرشيفية

12-11-2023 | 15:08

بقلـم: غالى محمد
لا خلاف على أن هناك تعايشًا وقبولًا أيضاً من جميع المصريين مع سياسة تخفيف أحمال الكهرباء، والتى أعلنتها الحكومة والتى تؤدى إلى قطع التيار لبعض الوقت يتراوح بين ساعة وساعة ونصف الساعة تقريبًا. وهذا التعايش أصبح هناك استعداد له، خاصة أن موعد انقطاع الكهرباء أصبح معروفًا ومعلنًا بشفافية من خلال وزارة الكهرباء. وهذا التعايش ليس من قبيل الإذعان وفرض الأمر الواقع، ولكن لأن الجميع يدركون أن هناك ظروفاً قهرية خارجة عن الإرادة سواء لأسباب عالمية أو لعوامل محلية، تقف وراء اتجاه الحكومة لسياسة تخفيف الأحمال بداية من الصيف الماضى وأن الهدف هو تحقيق مصلحة عامة بالفعل فى ظل ظرف عالمى صعب. ومن تلك الأسباب ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بكل شفافية من قبل إن عدم خفض الأحمال لبعض الوقت يتطلب استيراد كميات إضافية من الوقود بقيمة تصل إلى نحو 300 مليون دولار شهرياً، أى نحو 3.6 مليار دولار فى العام، قابلة للزيادة الكبيرة مع ارتفاع الأسعار العالمية للزيت الخام. وإذا كان مخططاً أن يكون تخفيف الأحمال أثناء الصيف الماضى فقط وألا يتكرر خلال فصل الشتاء الحالى، إلا أن هناك عوامل استجدت تعد من قبيل القوة القهرية مع بداية فصل الشتاء الحالى وتحتم استمرار خفض الأحمال بل وزيادة فترته إلى نحو ساعة ونصف الساعة أو ساعتين فى بعض المناطق قبل أن يعود إلى الساعة مرة أخرى. وإذا كان المتحدث الرسمى لرئيس الوزراء، أشار مؤخراً إلى بعض هذه العوامل القهرية ومن بينها توقف استيراد الغاز بسبب الحرب الدائرة فى غزة، وكذلك انخفضت معدلات توليد الكهرباء من المصادر الجديدة والمتجددة «الرياح – الشمسية – المائية». إضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة فى هذا التوقيت مقارنة بنفس التوقيت فى العام الماضى، الأمر الذى أدى إلى زيادة استهلاك الغاز الطبيعى بمعدلات كبيرة حتى فى وقت توقف فيه استيراد نحو 800 مليون قدم يومياً بسبب الأحداث فى المنطقة. وإن كنا نختلف مع بعض ما جاء فى بيان المتحدث الرسمى فيما يتعلق بالإشارة إلى أنه من بين العوامل التى أدت إلى زيادة فترة خفض الأحمال مؤقتًا هو توقف استيراد الغاز بسبب الحرب الدائرة فى غزة، فعلينا أن نذكر بأنه فى الصيف الماضى كان يتم استيراد الغاز بكمياته المتفق عليها، ومع ذلك بدأت سياسة خفض الأحمال، الأمر الذى يؤكد أن الغاز المستورد سواء يتم ضخه أو توقف ضخه، ليس له علاقة بالاتجاه إلى خفض الأحمال وقطع التيار الكهربائى لبعض الوقت يومياً. ونتمنى ألا نعول على الغاز المستورد، لأنه إذا طالت الحرب والأوضاع العالمية الصعبة قد يستمر توقف الاستيراد لفترة طويلة إلى مصر، لأنه يتم ضخ نحو 35 فى المائة من الغاز المستورد المتفق عليه فقط إلى مصر منذ اندلاع الحرب فى غزة عبر خط الغاز الذى يربط مصر بالأردن، وذلك بعد أن يحصل الأردن على احتياجاته التى انخفضت هى الأخرى. كما أنه ينبغى الإشارة إلى أن كميات كبيرة من واردات الغاز إلى مصر قبل خفض كمياته كانت تذهب للتصدير. وإذا كان ارتفاع الحرارة، قد ساهم بشكل محدود فى زيادة استهلاك الغاز الطبيعى وبشكل أدى إلى زيادة فترة انخفاض الأحمال، فمن المهم أن نتوقف عند العامل الثالث الذى جاء فى بيان المتحدث الرسمى لرئيس الوزراء، المستشار سامح الخشن، وهو انخفاض الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وهذا هو بيت القصيد، الذى بح صوتنا فى الحديث عنه، والتأكيد على أنه إذا لم تنطلق مصر إلى تنفيذ خطط عاجلة لتنفيذ أكبر عدد من مشروعات الطاقة الشمسية لتعويض أى نقص متوقع فى إنتاج الغاز الطبيعى محلياً، أو عدم القدرة على توفير اعتمادات إضافية لاستيراد كميات ضخمة من الزيت الخام، أو المازوت، فسوف يستمر انخفاض الأحمال فى الكهرباء لسنوات قادمة. ودون لف ودوران وبكل صراحة، لا نعرف من يقف ضد فتح باب الاستثمار الأجنبى فى مشروعات الطاقة الشمسية، فى وقت يعطى فيه قطاع البترول رسائل مهمة من جانب المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية بأنه يركز على الاتجاه لنشر الطاقة الشمسية فى المواقع البترولية، وتبنى إنشاء مشروعات الطاقة الخضراء التى لا يمكن أن تقام إلا على الطاقة الشمسية وليس على مصادر الطاقة التقليدية من زيت خام وغاز طبيعى، حتى لو زاد الإنتاج المحلى بمعدلات كبيرة وتحققت اكتشافات كبيرة. الخلاصة أنه حتى لو توقفت الحرب فى غزة، وعاد ضخ كامل كميات الغاز المستورد المتفق عليها، بما فيها العمل على زيادة الكميات الحالية التى تقترب من مليار قدم مكعب يومياً فى الظروف العادية إلى استيراد مليارى قدم مكعب يومياً خلال أربع سنوات إذا توقفت الحرب فى غزة، فهذا لن يكون الحل أيضاً، لتوفير كامل احتياجات مصر من الطاقة فى السنوات القادمة، ولمواجهة احتياجات خطط التنمية المتزايدة. فالحل ليس فى هذا، توقف الغاز المستورد بسبب عوامل القوة القهرية المتمثلة فى الحرب فى غزة قد كشف أنه يمكن فى أقل من دقائق غلق «محبس» أنبوب الغاز ليس فى مصر فقط، ولكن فى كل دول العالم. والمؤكد أن البديل الأهم والأفضل أمام مصر، هو التوجه سريعاً وبخطط واضحة نحو التوسع فى الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية التى تصل تكلفتها كثيراً عن الغاز والبترول ولابد من فتح كافة أنواع الاستثمار فى مشروعات الطاقة الشمسية وبصفة عاجلة، ولا سيما أنه لا توجد وفرة من العملات الصعبة لاستيراد كميات ضخمة من الوقود، ولو كانت هناك وفرة لشرعت مصر فى استيراد الغاز المسال فوراً، من خلال المركب الذى يتواجد فى العقبة الأردنية لاستيراد الغاز المسال وتحويله إلى غاز وضخه فى خط الغاز الذى ينقل كميات من الغاز عبر الأردن إلى مصر. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، ويكفى على الدولة، أنه فى ظل الأزمات العالمية للطاقة وفى ظل عدم وفرة الاعتمادات الدولارية لاستيراد كميات إضافية للوقود إلى محطات الكهرباء أن توفر كافة الاعتمادات الدولارية لاستيراد الزيت الخام والمنتجات البترولية الإضافية خاصة من السولار، وبشكل أدى إلى عدم حدوث أية أزمات أو اختناقات فى محطات تموين السيارات. ومن ثم فإن سياسة خفض الأحمال فى الكهرباء، كان هو الحل المثالى للتعامل مع التحديات التى تواجه مصر فى قضية الطاقة وبحيث لا تحدث أدنى أزمات أو اختناقات فى محطات تموين السيارات. وأن كل ما يحدث فى خفض أحمال محدودة لفترة ساعة أو أكثر، فإن هذا لا يعنى استمرار هذه السياسة فى السنوات القادمة، لأن هذا سوف يكون قمة الخطأ من الحكومة، أن يتم الاعتماد على سياسة خفض الأحمال لسنوات طويلة، والحل الوحيد الآن هو التوسع فى توليد الكهرباء الشمسية، وتنفيذ خطط واقعية لترشيد استهلاك الطاقة، بالاتجاه إلى نشر تطبيقات الطاقة الشمسية فى مجالات جديدة لخفض استهلاك السولار، ونشر الكهرباء الشمسية فى كافة المحافظات الحدودية والمدن الجديدة، والمشروعات الزراعية والتعدينية، ونشرها فى إضاءة الأعمدة الكهربائية وإضاءة محطات المونوريل والقطار الكهربائى السريع، ومحطات السكك الحديدية التى يتم إنشاؤها فى سيناء. المؤكد أن المجالات كثيرة لنشر الكهرباء الشمسية بما فى ذلك التسخين فى المصانع والمنازل والمهم أن نبدأ فوراً لأنه دون الطاقة الشمسية لا حل لمشكلة الطاقة فى مصر، والمثير أن الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة يدرك ذلك ويعلم أنه دون اللجوء إلى الطاقة الشمسية سوف يستمر خفض الأحمال لسنوات بل وقد تزيد فترة انقطاع التيار الكهربائى الأمر الذى يهدر جهود الدولة فى إنشاء محطات كهرباء جديدة. ومن ثم نسأل رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إذا كان بيان المتحدث الرسمى لسيادتكم قد حدد المشكلة ومنها ضعف الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والتى لا تتجاوز 6 فى المائة فلماذا لا يكون قرار الحكومة هو الإسراع فى العمل على جذب أكبر حجم ممكن من الاستثمارات فى هذا القطاع الذى يعترف الجميع بأهميته؟