الإثنين 29 ابريل 2024

ما تظنونه صمتا قد يكون إرهاص نهايتكم

مقالات12-11-2023 | 16:34

لعل من اللحظات السعيدة وسط هذه الأيام الثقيلة كما وصفها الرئيس السيسي في كلمته في القمة العربية الإسلامية الطارئة تلك الوجوه الشاحبة والعيون الشاردة والمملوءة بالعجز عن تحقيق ما تصبو إليه من أوهام فقد ظهر مجرم الحرب نتنياهو في مؤتمر صحفي وبجواره أعضاء حكومته في مشهد لا شك يبعث السرور في نفوس أحرار العالم إذ ظهروا والوجوم يسيطر عليهم وبدوا محاصرين حصارا أشد إيلاما من ذلك الذي فرضوه على أهل فلسطين.

فمنذ عقود طويلة لم أشاهد متغطرسي الاحتلال وهم منكوسو الرؤوس يتلقون أسئلة العتاب واللوم من إعلامهم وكان من الممتع أن تراهم وهم يوزعون عبارات التهديد والوعيد وهم يتصببون عرقا من عمق كذبهم والتفافهم على الواقع المرير الذي يؤكد أنهم لا يملكون أي حل أو سبيل للخروج بنصر ولو محدود يحفظ ماء وجوههم القبيحة بعد أن بات الحصار الذي تفرضه شعوب العالم وانعكس على الحكومات الغربية الموالية والتي أسقط وحشية العدوان الإسرائيلي ورقة التوت عن تواطئهم مع مجموعة قتلة يضربون بالعدالة عرض الحائط.

ولم يقطع استمتاعي بمشاهد وزراء الحرب الإجرامية في غزة إلا تلك الأصوات العكرة التي تركت كل ما يدور أمامها من إشارات تفيد بأن الضغوط التي تقودها مصر بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين نجحت في إحباط رغبة المحتلين في  توصيف المعركة الجارية بغير مسمياتها لتفشل كل جهود وزراء القتل الصهاينة من حشد رأي عام دولي مساند لجرائمهم وقد بدا كل ذلك واضحا في الهجوم العنيف الذي شنه نتنياهو على مخرجات القمة وأن لا أحد يستطيع أن يملي عليه ما يفعله.

إنها  لغة المحاصر الغاضب .. إنها لغة العاجز المشطر .. إنها لغة فاشل يدعي النجاح ولا عزاء لهؤلاء الذي يقللون من تلك الجهود التي يبذلها القادة العرب في ممارسة لسياسة تبدو هادئة لكنها تسير بوقود غضب عارم ليس من مصلحة أحد أن ينطلق في مسارات خاطئة توفر لمجرمي تل أبيب الدوليين مخرجا يتمنونه للعودة لخانة الضحية التي تخشى أن يلقي بها محيطوها في البحر.

إن ما يمارسه القادة العرب من حصار يستخدم أدوات سبق أن استخدمها مجرمو تل أبيب لمحاصرة القضية وتشويه أبعاده بيس بالأمر القليل وليس بالأمر الهين فقد اعتاد هؤلاء المجرمون على أن العالم ما وجد إلا ليقودوه وإلا ليلبي توسعهم ويتستر على فجرهم لكن يحلو للبعض من قصيري النظر ضيقي الصدر أن يصور الأمر وكأن نتنياهو يتحدى إرادة 57 دولة اجتمعت في قمة الرياض لكن المتابع جيدا لتطور رد الفعل العربي يدرك جيدا أن كثيرا من الأهداف يتحقق وكثير من الخطوات لا تزال باقية لردع إسرائيل قبل الوصول للخطوة الأخيرة وهي الصدام العسكري والذي يسعى إليه المحتل اليوم ليتجاوز مرحلة مواجهة الأشباح التي تؤرق مضجعه وتهدد جنته التي تصور أنها محصنة غير قابلة للمس.

وأقول لكل صاحب عاطفة صادقة يرغب في بذل الروح وإعلان الجهاد اهدأ قليلا واجعل من غضبك مما تراه من مشاهد قاسية لأهلنا في غزة وقودا للاستعداد لليوم الموعود فهزيمة إسرائيل حق ويقين  كما الموت تماما وتأكد أن أول خطوات نصرتك لأهالي غزة هو وحدة الصف واستمرار محاصرة إسرائيل رويدا رويدا حتى تختنق وتضيق الأرض عليها وتأمل جيدا ما قاله الرئيس السيسي في كلمته وسأعيد عليك نص ما قاله ومنه  قوله إن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة.. ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة.. وأنه مهما كانت محاولات ضبط النفس .. فإن طول أمد الاعتداءات، وقسوتها غير المسبوقة .. كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها.. بين ليلة وضحاها.

إن تغيير المعادلة التي قد تغضبك اليوم ممكن الحدوث وبسرعة فلا داعي للانخراط في معارك جلد الذات ومصمصة الشفاه وتوزيع ألقاب الخيانة والخذلان لا وقت لهذا ودع الغضب المتدحرج يأخذ مساره واعلم أن تحرك الجيوش مختلف كليا عن حركة الأفراد أو المجموعات المسلحة وليس كل ما يجري يقال أو يعلن وعلى أي حال تذكر أن تلك الدعايات المنتقصة للقادة العرب والمهاجمة للجيوش العربية ليست بالأمر الجديد فقد كانت نشط أيضا في كل جولات الصراع مع العدو الصهيوني وكانت تلك الأصوات عالية ولم تقل صدمتها ودهشتها من عبور المصريين القنال في حرب أكتوبر 73 والتي أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وإلى الأبد عن صدمة إسرائيل وقادتها آنذاك.

إذن ما تظنه صمتا أو خنوعا أو ضعفا قد يكون شعورا خداعا فلا تستلم له وكما قال الرئيس تتغير الحسابات بين ليلة وضحاها فلا تتعجل ولا تجعل للشكوك عليك سلطانا فمصر لم تدر يوما ظهرها لمسئولياتها وجيشها قادر على أن يطوي الأرض إن واصل المتغطرسون عربداتهم.

Dr.Randa
Dr.Radwa