صمود فلسطينى فى وجه عدو عاجز رغم قوته: «بكره بيخلص هالكابوس»
الكاتب الصحفي طه فرغلى
حتما سينتهى الكابوس ويبقى العار يطارد دولة الاحتلال الإسرائيلى، مهما طال أمد الأيام سينتصر المظلوم ولو بعد حين هذا وعد الله، وكلما ضاقت واستحكمت فرجت وبات الصبح قريبًا، التاريخ يحكى هكذا ورواياته عبر الزمان تؤكد أن المحتل لا ينتصر أبدًا على صاحب الأرض، والحق سينتصر مهما طال سواد الليل، والظالم سيندحر مهما بلغت قوته وجبروته، هذه سنة الكون لا مناص من ذلك.
كلما زادت جرائم العدو ضد الأبرياء والأطفال وبات كالكلب المسعور، اقتربت نهايته، قد تطول السنون ولكن من هذه اللحظة التى نحن فيها نرى نور انقشاع الغمة وعودة الحق لأصحابه.
يدخل عدوان الاحتلال الإسرائيلى على الأبرياء فى الأراضى الفلسطينية المحتلة أسبوعه السادس دون أن تلوح فى الأفق نهاية قريبة لجرائم الاحتلال والمجازر اليومية التى يرتكبها وسط صمت دولى وعجز أممى بالغ، لا تمتلك المنظمات الدولية قاطبة بما فيها الأمم المتحدة سوى الإدانة والاستنكار دون فعل حقيقى على الأرض، ودون قدرة على وقف آلة القتل الصهيونية التى تحصد مئات الضحايا والأبرياء من أهالى غزة بشكل يومى، ولا تفرق بين الأطفال والنساء والشيوخ، آلة عمياء بلا ضمير تسفك الدماء وتفسد فى الأرض، لا يردعها رادع ولا تملك وازعًا من أخلاق أو شرف.
ترتكب آلة القتل الصهيونية المجازر والجرائم بدعم أمريكى وغربى بحجة الدفاع عن النفس، رغم أنها تجاوزت كل الأعراف والمواثيق الدولية والشرف الذى يجب اتباعه حتى فى الحروب، والحقيقة على مر الزمان أن كيان الاحتلال تجرد من الشرف ولا شأن له بالأخلاق، ويضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط، يسفك الدماء دون رحمة وبلا هوادة، ووصفه بالحيوانات المفترسة ظلم للحيوانات؛ لأنها لا تفعل فعله ولا ترتكب جرائمه.
الحقيقة باتت واضحة أمام أعين العالم، وشعوبه تدرك الآن من هم الحيوانات والبرابرة والإرهابيون المتوحشون، صور المجازر اليومية التى تنقل على الهواء مباشرة من غزة تفضح جرائم الاحتلال، وتكشف دمويته وتعطشه لسفك الدماء، يغرس العدو مخالبه الحادة فى أجساد الضحايا، وينهش فى لحوم الأبرياء، يقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة وسيارات الإسعاف وملاجئ الإيواء، لم يفلت الحجر ولا البشر من جرائم الاحتلال.
ورغم ذلك يظهر جبن العدو وضعفه فى المواجهات المباشرة على الأرض، يقصف بطائراته ومدافعه ولكنه على الأرض كالفأر المذعور، ووفقًا لخبراء لم يحقق العدو أى مكاسب ولم يستطع تثبيت قواته على الأرض فى غزة حتى هذه اللحظة.
ومظاهرات الداخل الإسرائيلى التى تندلع بشكل يومى تؤكد على فشل جيش الاحتلال وأن الإسرائيليين فقدوا الثقة فى قيادتهم، ويستشعرون بالخطر ومرارة الهزيمة الثقيلة خاصة مع زيادة أعداد المحتجزين فى غزة، وكلما زاد القصف على القطاع أيقنوا أنهم قد يفقدون ذويهم المحتجزين إلى الأبد.
مظاهرات الداخل الإسرائيلى تطالب بوضوح باستقالة نتنياهو ويصفونه بالفاشل، ويهتفون أمام مكتب رئيس حكومة الاحتلال فى القدس «لقد تخلى عنا» فى إشارة إلى الفشل العسكرى والسياسى منذ هجمات السابع من أكتوبر.
وكلما ضاق الخناق على حكومة الاحتلال الإسرائيلى فى الداخل وبان فشلها وعجزها جن جنونها ومارست مزيدًا من الإرهاب والمجازر والمذابح والجرائم بحق الشعب الفلسطينى الأعزل الصامد أمام موجات الجرائم الصهيونية، ويزيد صموده الاحتلال جنونا، حتى أصبح كالثور الهائج.
العجز الإسرائيلى والهزيمة النفسية لجيش الاحتلال وحكومته كانت واضحة فى تصريحات إرهابية لوزير التراث فى حكومة الاحتلال، عندما علق على العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة وقال: «إن أحد الخيارات أمام إسرائيل هى إسقاط قنبلة ذرية على قطاع غزة»، وهو تصريح أرعن وغير مسئول يعبر عن عجز واضح وقلة حيلة أمام صمود الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، ولكن فى الوقت نفسه يجب ألا يمر هذا التصريح مرور الكرام؛ لأنه يعبر بوضوح عن عقلية العدو الجبان الذى لا يتورع عن استخدام أى سلاح مقابل تحقيقه هدفه وهو الإبادة الجماعية لأهالى غزة والشعب الفلسطينى الذى أثبت للعالم كله أنه شعب أبى صامد فى وجه عدو غاشم خسيس.
ووفقًا لمعطيات ومجريات الأحداث خلال الأسابيع الماضية للحرب فلن تتوقف جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الأبرياء والمدنيين العزل من أهلنا فى قطاع غزة، وأن العدو سيواصل عملياته الإجرامية التى تهدف إلى إبادة جماعية لسكان القطاع الذى يشهد عن حق جرائم وممارسات صارخة، كل مكان فى القطاع الآن أصبح هدفا لقصف قوات الاحتلال، لا مكان آمن فى غزة، حتى المقابر تتعرض للقصف فى اعتداء وحشى لا صلة له بالإنسانية من قريب أو بعيد.
دولة الاحتلال باتت خارجة على تصنيف البشر ومن يدافع عنها ويتحدث عن أن ما تفعله له صلة بالدفاع عن نفسها، فهو مجرم مثل دولة الاحتلال خلع ثوب إنسانيته وبات عاريا يسير فى غابة الاحتلال الصهيونى.
شعوب العالم باتت تدرك الآن من المجرم الحقيقى ومن يرتكب الجرائم الحيوانية ومن يدعمه ليزيد من ممارساته الإجرامية، والمظاهرات حول العالم تؤكد ذلك، وتندد بالممارسات والمجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
تنطلق المظاهرات الحاشدة فى العواصم المختلفة، ربما لتحفظ للبشرية بعض إنسانيتها التى انتهكها الاحتلال الإسرائيلى، وإن كانت لا تملك إلا التنديد بجرائم الحرب التى يرتكبها العدو ضد الأبرياء ومجازره اليومية وقصفه المتواصل الذى لم يسلم منه مستشفى أو مدرسة أو مخيم لاجئين أو دور عبادة.
الشعوب تتحرك بينما الأنظمة والحكومات فى الغرب وأمريكا تدعم القاتل المجرم وتسهل له استمرار القتل وتتمسك بموقفها فى رفض أى وقف لإطلاق النار، وهذا ما تتزعمه أمريكا فى تحد سافر بل وسافل لكل المواثيق الدولية لتستمر سياسة الولايات المتحدة -التى لم تتغير عبر الزمان- فى الانحياز السافر لدولة الاحتلال الإسرائيلى، وهذا كان متجسدا فى موقف وزير الخارجية الأمريكى بلينكن خلال اجتماعه مع وزراء الخارجية العرب فى العاصمة الأردنية عمان السبت الماضى، حيث أكد أن الولايات المتحدة ترفض الدعوات إلى وقف إطلاق النار، بينما تدعم فقط هدنات إنسانية، وكأن رسالة أمريكا إلى جيش الاحتلال واصل القتل واستمر فى التدمير وارتكاب الجرائم والمجازر فليس هناك من يضغط عليك لتوقف جرائمك ومجازرك بحق الأبرياء.
ويبقى الموقف المصرى صامدا وثابتا وقويا وواضحا فى المطالبة بضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار، وإنهاء الحرب ووقف جرائم الاحتلال ضد المدنيين والأبرياء فى قطاع غزة.
وهذا ما أكدت عليه وزارة الخارجية المصرية فى بيان لها قبل توجه سامح شكرى وزير الخارجية إلى العاصمة الأردنية للمشاركة فى لقاء وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الأمريكى، حيث كشف المتحدث باسم الخارجية أن لقاء الوزراء العرب مع بلينكن يستهدف التأكيد على أن الأولوية لوقف النار فى قطاع غزة والتعامل مع الوضع الإنسانى المتدهور، ثم البدء فى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة وهى استمرار الاحتلال الإسرائيلى وغياب الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية على أساس مرجعيات الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين.
وهذا ما أكد عليه مجددًا فى كلمته وزير الخارجية سامح شكرى، حيث قال إن الأحداث التى تشهدها غزة لا يمكن تبريرها، ولن نقبل الدخول فى جدل لا طائل منه أو قبول محاولة لتبرير هذه الممارسات باعتبارها إعمالا للحق الشرعى للدفاع عن النفس، فسياسة العقاب الجماعى واستهداف إسرائيل للمدنيين والأبرياء والمنشآت المدنية والطبية وفرق الإنقاذ، بالإضافة إلى محاولات التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم لا يمكن أن تكون دفاعا شرعيا عن النفس بأى حال، وأشار إلى أن مصر تبذل كل ما فى وسعها لضمان إيصال المساعدات وإدخالها إلى قطاع غزة وتقديم العون فى علاج الجرحى المدنيين وتستمر جهودها، رغم العراقيل الكبيرة والمتعددة التى تواجهها، وأكد شكرى على حتمية وقف فورى وشامل لإطلاق النار فى غزة، دون قيد أو شرط، والكف عن التعامل مع القضايا والأزمات التى تهدد السلم والأمن الدوليين بمعايير مزدوجة.
وطالب «شكرى» بالتحقيق الدولى فى الممارسات والانتهاكات الصارخة للقانون الدولى التى تشهدها الحرب فى غزة، مشيرا إلى أن ما نشاهده من تصعيد غير مسبوق ومأساة إنسانية ومن معاناة المدنيين هو نتيجة التقاعس عن معالجة جذر المشكلة.
وكما قلت خلال الأسابيع الماضية تبقى مصر قابضة على جمر القضية الفلسطينية بمواقفها الثابتة والقوية والواضحة الداعمة للشعب الفلسطينى وحقه فى دولته المستقلة.
والحق أن وحدها مصر ودون مواربة هى التى تتحمل وتبحث عن حل ولا تتوقف جهودها من أجل إنهاء الكارثة الإنسانية فى غزة والوصول إلى اتفاق لوقف فورى لإطلاق النار وإنهاء الحرب.
وتواصل مصر أيضا جهودها فى إدخال المساعدات الإنسانية لأهلنا فى قطاع غزة فى إطار الدعم المتواصل الذى لا يتوقف، والأرقام تتحدث عن أكثر من 5 آلاف طن مساعدات مصرية، مقابل 3 آلاف طن من كل دول العالم.
مواقف مصر ثابتة وتتعامل بالمثل مع دولة الاحتلال، حيث اتخذت قرارها بوقف استقبال مزدوجى الجنسية بعد أن منعت دولة الاحتلال وصول الجرحى إلى معبر رفح بل واستهدفت سيارات الإسعاف التى تقل الجرحى من النساء والأطفال.
رسالة مصر أنها لن تترك الشعب الفلسطينى وحيدا فى مواجهة العدوان، وستواصل جهودها من أجل إنهاء المأساة الإنسانية، ووقف إطلاق النار.
ورغم أن الصمود الفلسطينى يزيد من شراسة جيش الاحتلال وسفكه الدماء وارتكاب المجازر والجرائم، إلا أن ذلك لن يزيد الفلسطينيين إلا إصرارا على التمسك بأرضهم والثبات عليها ودحر مخططات التهجير القسرى وتحقيق النصر، وبعد حين ينتهى الكابوس وتشرق شمس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.