الأحد 5 مايو 2024

رغم تجاوز المساعدات لغزة 6 آلاف طن أسواقناصلبة وغذاء المصريين آمن بفضل الاحتياطى الاستراتيجى والسعات التخزينية

صورة أرشيفية

13-11-2023 | 13:10

تقرير: بسمة أبوالعزم
على مدار التاريخ ومصر صمام الأمان لغذاء العالم وليس لأبنائها فقط، فخلال الحقبتين الرومانية والبيزنطية كانت سلة طعامهم وفاكهتهم، كما وصفت فى القرآن بخزائن الأرض فى عهد النبى يوسف حينما كانت سببا فى إنقاذ كافة الدول المجاورة لها من المجاعة طوال السنوات العجاف، بخلاف إنقاذها لأبناء شبه الجزيرة العربية فى عام الرمادة من مجاعة طاحنة، وها هى مصر تستكمل رسالتها بإرسال مساعدات إنسانية و غذائية لإخواننا بغزة، بما يقرب من 4 أضعاف ما قدمته باقى دول العالم دون أن يتأثر السوق المحلى بأى نقص سلعى، بالعكس هناك مبادرة مستمرة لتخفيض الأسعار 6 أشهر، ويأتى كل ذلك بفضل التوسع فى المساحات التخزينية للسلع، مع مضاعفة الاحتياطى الاستراتيجى للسلع الأساسية. تلتزم مصر بدورها الإنسانى تجاه إخواننا بغزة، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية والتى وصلت وفقا لأحدث التقارير إلى أكثر من 6 آلاف طن، فالتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى يسعى بكل قوة لتوصيل المساعدات المصرية لأهالى غزة، وكشفت الدكتورة نهى طلعت عبدالقوى، أمين سر التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، عن بدء القافلة الثانية من المساعدات لأهل غزة، حيث تم إقامة جسر برى لدعم غزة عبر توصيل ما بين 50 إلى 70 شاحنة مساعدات يوميا لتضم مواد غذائية وبطاطين وأدوية وملابس، ويأتى ذلك الجسر ضمن المرحلة الثانية من المساعدات الإنسانية وفقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويتم بالتعاون مع الهلال الأحمر المصرى والهلال الأحمر الفلسطينى، وأضافت «فهمى»: أن مصر تأتى فى مقدمة الدول التى أرسلت مساعدات إلى غزة تجاوزت 4 آلاف طن فى القافلة الأولى، ومستهدف توصيل 7 آلاف طن أسبوعيا بداية من الأسبوع الجارى، فى حين أن هناك دولا عظمى أرسلت 60 و70 طنا فقط من المساعدات. تأتى القافلة الثانية من المساعدات المصرية بعد اكتمال المرحلة الأولى، والتى أُطلق عليها «مسافة السكة» والتى تضمنت 108 شاحنات محملة بنحو ألف طن من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، وذلك بخلاف قافلة كبيرة للتبرع بالدم. ومصر تقف دائما بجانب أشقائها فى أزماتهم على مدار التاريخ، فعلى سبيل المثال لا الحصر خلال العام الجارى أرسلت مصر عشرات الآلاف من الأطنان لمساعدة أشقائها فى أزماتهم. فخلال مايو الماضى أرسلت مصر طائرتين عسكريتين إلى السودان لنقل مساعدات طبية، كإهداء من وزارة الصحة والسكان المصرية، وفى يونيو وصلت سفينة إمداد مصرية تابعة للقوات البحرية المصرية إلى ميناء بورتسودان بدولة السودان محملة بمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية من مواد غذائية وإعاشية ومستلزمات طبية مقدمة من وزارتى الدفاع والتضامن الاجتماعى وجمعية الهلال الأحمر المصرية وبيت الزكاة والصدقات المصرى، حيث تم دفع تلك المساعدات إلى المناطق المنكوبة والأكثر احتياجا بالسودان، وتلك المساعدات لم تكن الأولى، فأى أزمة يعانى منها السودان على مدار السنوات الماضية يتبعها إرسال مساعدات مصرية غذائية وطبية لهم. أيضا خلال شهر سبتمر الماضى أرسلت مصر كميات كبيرة من المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى المغرب وليبيا بعد الزلزال المدمر بالمملكة والفيضانات التى شهدتها مدينة درنة، فتم إرسال نحو 200 طن مواد إغاثية للدولتين برا وبحرا. كما أرسلت مصر قافلة من المساعدات فى إطار الدعم والتضامن المصرى مع أبناء شعب سوريا وتركيا أعقاب الزلزال المدمر بكلتا الدولتين يناير الماضى، فتم إرسال سفينة محملة بمئات الأطنان من الخيام والبطاطين والمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية المقدمة من وزارتى الدفاع والتضامن الاجتماعى والأزهر الشريف وجمعية الهلال الأحمر وصندوق «تحيا مصر»، فى إطار حرص القيادة المصرية على دعم علاقات التآخى بين الشعوب ومساعدة الأشقاء فى تجاوز المحن والأزمات. رغم الكميات الكبيرة من المساعدات الغذائية إلى الأشقاء، فإن مصر لم تعانِ من أى نقص سلعى، بفضل حسن إدارة المخزون الاستراتيجى للبلاد من السلع الأساسية وتوجيهات الرئيس المستمرة بمتابعة توافر السلع فى الأسواق مع زيادة السعات التخزينية، سواء فى صوامع القمح، أو المناطق اللوجستية الجديدة بمخازنها العملاقة. توافر السلع الغذائية بالأسواق ليس وليد الحظ والصدفة، بل هناك جهود حكومية شاقة مبنية على الإحصائيات والبيانات الرقمية لاستهلاك المصريين وحجم الإنتاج المحلى والمستهدف استيراده، فتسعى الدولة لزيادة معدلات استلام المحاصيل الرئيسية من المزارعين وزيادة أسعار استلامها من الفلاحين لتحفيزهم على التوريد لصالح الدولة مثل قصب السكر والبنجر وكذلك القمح، حيث وافق مجلس الوزراء الخميس الماضى على رفع السعر الاسترشادى لتوريد إردب القمح إلى 1600 جنيه، والذى يبدأ موسم توريده فى أبريل 2024، فالدولة تقوم بتحركات استباقية تشجيعية للمزارعين، ونجاح الحكومة فى تخزين كميات كبيرة من القمح ساعدها فى التدخل خلال الأشهر الماضية لضبط أسعار الدقيق، حيث تم تداول نحو 923 ألف طن قمح للمطاحن من خلال البورصة المصرية للسلع بأسعار مخفضة مقارنة بالأسعار فى الأسواق الأخرى، بجانب طرح كميات من الذرة الصفراء المستوردة من قِبل وزارة التموين لطرحها لصالح مصانع أعلاف الدواجن لضبط أسعار الدواجن. كما أن الهيئة العامة للسلع التابعة لوزارة التموين تتحمل مسئولية التعاقدات المحلية والصفقات العالمية واستيراد السلع الأساسية التى نعانى من فجوة فى إنتاجها، فأحدث التعاقدات استيراد 150 ألف طن سكر خام مستورد من البرازيل وصلت خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر، رغم أن الاحتياطى من الإنتاج المحلى قبل تلك التعاقدات يكفى حتى شهر فبراير القادم، بالإضافة إلى التعاقد خلال شهر سبتمبر الماضى من خلال ممارسة دولية على كمية 63 ألف طن زيت عباد خام صب مستورد، فى ضوء تكوين مخزون لتغطية احتياجات شهر رمضان المقبل، فالتعاقدات تجاوزت الاحتياج الحالى، وامتدت للتجهيز لزيادة الاستهلاك فى شهر رمضان الكريم، كما تم التعاقد على استيراد مليون طن قمح خلال الأشهر الماضية بالإضافة إلى استلام حوالى 3,9 مليون طن قمح محلى خلال موسم التوريد المحلى، أيضا تم الإعلان عن استيراد 250 ألف طن أرز لتعزيز الأرصدة الاستراتيجية لستة أشهر من تلك السلعة، فالتعاقدات مستمرة لزيادة المخزون الاستراتيجى لتوفير احتياجات المواطنين طوال العام، وخاصة خلال المواسم والمناسبات سواء من الإنتاج المحلى أو الاستيراد، وبدأت الحكومة التنسيق مع بعض الدول مثل روسيا والصين والهند لاستيراد السلع الأساسية بالعملات المحلية الأخرى بخلاف الدولار لتخفيف الضغط عن الدولار، أيضا زيادة احتياطى السلع يكمله التوسع فى المساحات التخزينية، فإجمالى السعات التخزينية للقمح قبل 2014 كانت 1,2 مليون طن والتى زادت بعد المشروع القومى للصوامع إلى 3,4 مليون طن، بخلاف المزيد من الصوامع التى يجرى تنفيذها حاليا، والمستهدف من خلالها زيادة السعات التخزينية مستقبلا إلى 4,8 مليون طن. أيضا وفقا لخطة العام المالى «-2023 2024» بقطاع التموين والتجارة الداخلية يتم استهداف توطين استثمارات جديدة بالمحافظات وإنشاء مستودعات استراتيجية إقليمية لزيادة المخزون السلعى الغذائى بخلاف القمح من 8 إلى 9 أشهر، وذلك بزيادة المساحات التخزينية لما يقارب 1,3 مليون متر مربع وفقا لأحدث الوسائل التكنولوجية، إضافة إلى إنشاء 5 بناكر لزيادة السعات التخزينية للأقماح المحلية بسعة تبلغ 140 ألف طن. قوة السوق المصرى التجارى ليست فقط فى توافر السلع، بل فى سعى الحكومة لتطبيق مبادرة تخفيض أسعار سبع مجموعات سلعية فى الوقت الذى نوفر فيه كراتين المساعدات الغذائية لإخواننا فى غزة، فحسبما يقول أحمد كمال، المتحدث الرسمى باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية: إنه بالرغم من الأحداث الجارية على المستويين الإقليمى والدولى مازال الرئيس السيسى يولى اهتمامًا بالغًا بمتابعة تطورات تنفيذ مبادرة خفض أسعار السلع الأساسية، التى تشمل الفول والعدس والأرز والمكرونة والزيت والسكر والألبان والجبن وبيض المائدة والدواجن الحية والمجمدة بتخفيضات بين 15 إلى 25 فى المائة لمدة 6 أشهر، وهذه المبادرة تؤكد أن السوق المصرى بخير وعافية ولا توجد لدينا أى أزمة فى الوفرة السلعية، كما أن الحكومة حريصة على تقديم حزمة من الإجراءات تساهم فى زيادة الوفرة السلعية بتخفيضات مناسبة ومنها توفير جزء كبير من المكون الدولارى والإعفاء من الرسوم الجمركية وتعليقها 6 أشهر والإفراج الفورى عن البضائع والسلع المشاركة بالمبادرة. كمال أضاف أن غذاء المصريين فى أمان مهما قدمنا مساعدات للأشقاء فى أزماتهم، وذلك بفضل المخزون الاستراتيجى من السلع الأساسية، فالاحتياطى من القمح يكفى 5 أشهر قادمة بخلاف موسم الحصاد الجديد والذى بدأت الحكومة فى طرح الحوافز له مبكرا بخلاف التعاقدات العالمية المستمرة، كما أن احتياطى السكر يكفى 4 أشهر، والأرز 3 أشهر، أما الزيت فيكفى 6 أشهر، وذلك فضلا عن تشديد الرقابة من قِبل مباحث التموين ومديريات التموين بالوزارة وجهاز حماية المستهلك لضمان تنفيذ مبادرة تخفيض الأسعار والإعلان عن الأسعار على الأرفف والمنتجات، والتخفيضات الحالية ستشهد توسعات أكبر فى أصناف جديدة خلال الأشهر القادمة، فلدينا حاليا بالتنسيق مع المحليات 6800 شادر ومعرض رئيسى بالمحافظات، بالإضافة إلى نحو 600 فرع للسلاسل التجارية ونحو ألف و400 فرع، كما بدأ المنتجون يطرحون السلع المخفضة لدى محال البقالة الصغيرة. «كمال» يكشف أن هناك انتظامًا كبيرًا فى صرف المقررات التموينية لنحو 63,3 مليون مستفيد، حيث يتم طرح سلع بقيمة 3 مليارات جنيه شهريا، وهذا دليل على قوة التجارة الداخلية المصرية، إضافة إلى إنتاج 250 مليون رغيف مدعم يوميا لنحو 71 مليون مستفيد من الخبز على بطاقات التموين بخلاف الأفران الحرة، فكافة السلع متاحة بوفرة على أرض مصر. فى نفس السياق أكد متى بشاى، رئيس لجنة التجارة الداخلية والتموين بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن أى مساعدات غذائية تقدمها مصر وأبناؤها لا تأتى على حساب أهل البلد «المصريين» أبدا، فهناك حالة استقرار فى الأسواق، والدليل على ذلك أن هناك غرف عمليات على مدار الساعة داخل اتحاد الغرف التجارية وغرفة القاهرة التجارية لمتابعة الأسواق وتوافر السلع خاصة المشاركة بمبادرة التخفيض، ولم ترد إلينا شكوى واحدة من نقص أو حتى احتمالية النقص المستقبلى. من جانبه أكد أحمد لبيب، رئيس قطاع العمليات الميدانية ببنك الطعام، أن قوافل الإغاثة التى تقدمها مصر لأشقائها وجيرانها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فنحن معتادون على هذا الأمر، فنحن متعاقدون منذ 18 عاما مع كبار الموردين ومن تجار ومصانع لتوفير سلع التبرعات، وبالفعل هناك انتظام فى توريد السلع إلينا، ولم تظهر أى بوادر أزمة، فالسوق المصرى كبير، ونحن وحدنا أرسلنا 50 ألف كرتونة فى القافلة الأولى إلى غزة، وزن الكرتونة الواحدة 12 كيلوجرامًا، ومستمرون فى إرسال المساعدات الغذائية والتى وصلت إلى ألف طن من بنك الطعام وحده بخلاف باقى جمعيات التحالف، وكافة السلع التى نقدمها لغزة معلبات مثل الجبن والفول المعلب والتونة والعسل الأسود والتمر واللبن، فلا نرسل أى بقوليات مثل العدس والأرز والمكرونة واللوبيا وغيرها من المنتجات التى تحتاج إلى طهى وتسوية، فهم محرومون من الكهرباء، ولديهم صعوبة فى إيجاد الغاز للطهى، فهم يحتاجون إلى كل ما هو سريع وجاهز إلى جانب زجاجات المياه اللتر ونصف اللتر، أما إذا وصلنا إلى مرحلة وقف إطلاق النار والتهدئة السياسية فى وقت لاحق يمكن أن نساعدهم ببعض البقوليات، وهى متوافرة فى مصر أيضا.