الأربعاء 15 مايو 2024

شهر المجازر الدموية فى غزة حصاد مؤلم لجرائم الاحتلال الإسرائيلى أكثر من 10 آلاف شهيد و27 ألف مصاب

صورة أرشيفية

13-11-2023 | 13:31

تقرير: دعاء رفعت
اكتمل شهر المجازر الإسرائيلية الدموية ضد فلسطين الحزينة، التى ينزف شعبها دمًا وتسقط مبانيها ركامًا تحت قصف الاحتلال الوحشى، الذى لم تردعه قوانين، ولم توقفه صرخات أطفال أبرياء. ما يزيد على عشرة آلاف شهيد فى غزة وحدها، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 27 ألف مصاب ومئات الآلاف هدمت منازلهم، أو هربوا إلى الجنوب تحت نيران القصف المدمر والقنابل المحظورة والغارات غير المسبوقة والتى تؤكد تعطش الإسرائيليين للدماء، وكما وصف أنطونيو جوتيريش « الأمين العام للأمم المتحدة» فإن هذا القصف حوّل غزة إلى مقبرة جماعية، فى وقت تزداد فيه أصوات شعوب العالم ارتفاعاً مطالبة بوقف الحرب.. وتكشف الجرائم النازية لإسرائيل وتناشد بإنهاء أكبر كارثة إنسانية بالقطاع، بعدما استهدف جيش الاحتلال المخابز وخزانات المياه وضيّق الخناق على طرق وصول المساعدات. فى شمال سيناء تواصل مصر دورها الإنسانى فى دعم الأشقاء، ليس فقط بالمساعدات الطبية والغذائية، فالمستشفيات المصرية تستمر فى استقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، فى الوقت الذى رفعت فيه السلطات المصرية حالة الاستعداد؛ تحسبًا لاستقبال المزيد من المصابين فى الأيام القادمة، وذلك بعدما استهدف الاحتلال عددًا كبيرًا من مستشفيات القطاع. ووفقًا لتصريحات رئيس المكتب الإعلامى الحكومى، سلامة معروف، وصل عدد الشهداء من الكوادر الطبية إلى 175 شخصًا، فيما دمر الاحتلال 31 سيارة إسعاف، وتضررت 115 مؤسسة صحية، وخرج عن الخدمة 16 مستشفى و32 مركزًا صحيًا، مشيرًا إلى أن طواقم الدفاع المدنى والإسعاف والطوارئ لا تتمكن من إخراج الجرحى ولا تستطيع الوصول إلى عشرات الشهداء الموجودين فى الطرقات التى يزعم الاحتلال أنها آمنة، فيما أعلنت وزارة الصحة فى غزة، أن أكثر من 2800 شخص فى القطاع لا يزالون تحت الأنقاض. وأشار المتحدث باسم الوزارة، إلى أن حياة نحو 70 طفلًا بمستشفى الرنتيسى فى خطر بعد تهديد إسرائيل بقصفه، وأن المجتمع الدولى يتحمل المسئولية الكاملة عن حماية الطواقم الطبية والجرحى. وأكدت منظمة الصحة العالمية الحالة الكارثية التى يعيشها أبناء غزة وأن عمليات جراحية تجرى لبعض الأشخاص فى غزة دون تخدير بما فيها عمليات بتر الأطراف. وفى بيان لها، أكدت منظمة «أطباء بلا حدود»، أن سلطات الاحتلال تمنع دخول بعض المواد الطبية إلى القطاع، فيما أعلن مدير مستشفى الكويت التخصصى، وصول عدد كبير من المدنيين المصابين بحروق شديدة وإصابات لا يمكن التعامل معها فى ظل الكارثة الطبية التى يعانى منها النظام الصحى فى القطاع. كما ناشد برنامج الأغذية العالمى لإدخال المساعدات المطلوبة إلى غزة بشكل فوري، مؤكدًا أن الطعام المتوفر وصل إلى درجة حرجة ويوشك على النفاد. فى الوقت الذى تصر فيه إسرائيل على موقفها برفض وقف إطلاق النار فى غزة، إلى حين تحقيق - ما تصفه بأهداف حربها على القطاع – القضاء على حركة حماس وإطلاق سراح الأسرى لديها، تعالت أصوات الشعوب فى أغلب عواصم العالم مناشدة بوقف النيران وكاشفة للإجرام الإسرائيلى، ودعت عدد من الدول والمنظمات العالمية لهدنة إنسانية فى القطاع، حيث أصدر الكرملين بيانًا يصف فيه الوضع فى غزة بأنه «كارثى»، وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، بأن بلاده ستواصل اتصالاتها مع إسرائيل ومصر والفلسطينيين لضمان إمكانية وصول الإمدادات الإنسانية إلى غزة. كما دعت كل من اليابان وبريطانيا إلى هدنة إنسانية فى غزة، وذلك فى بيان مشترك لوزراء خارجية ودفاع البلدين، وصرح وزير خارجية النرويج، إسبن بارث، بأنه يجب وقف إطلاق النار فى غزة وحماية المدنيين والبنية التحتية والعاملين بالمجال الإنسانى. وفى وسط تضاؤل التعاطف العالمى تجاه إسرائيل، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق، إيهود باراك، فى حديث لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، بأن الوقت ينفد أمام تل أبيب، لتحقيق هزيمة حماس، مشيرًا إلى تغيير لهجة الخطاب الأمريكى فى الأيام الأخيرة مع تزايد الدعوات لوقف القتال لأسباب إنسانية، قائلًا: «من الواضح أننا نتجه نحو خلاف مع الجانب الأمريكى، وسيتعين علينا أن نتقبل المطالب الأمريكية فى غضون الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة»، فى الوقت نفسه، أكد عدد من الخبراء العسكريين بأن إسرائيل لم تحقق الأهداف العسكرية التى أعلنت عنها فى بداية الحرب على القطاع منذ ما يقرب من ثلاثين يومًا، مثل القضاء على حكم حماس وتقويض قدراتها العسكرية واستعادة الأسرى من غزة، خاصة وأن محاولات الاجتياح البرى تواجه منها إسرائيل خسائر كبيرة تجاوزوت الـ 16 دبابة وعشرات الجنود، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الضخمة التى تتكبدها إسرائيل وتجعل استمرارها صعب وأن كل فشل عسكرى واستخباراتى لإسرائيل فى حربها المستمرة بقطاع غزة ينعكس بشكل سلبى على الحكومة الإسرائيلية، ويصب فى صالح حركة المقاومة من جهة أخرى. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسئول أمنى إسرائيلى كبير، أن هزيمة حماس قد تستغرق ما يصل إلى عام، إلا أن حكومة بنيامين نتنياهو، تواجه ضغوطًا متزايدة من واشنطن لوقف الحرب قبل تحقيق أهدافها الحربية. وفى تقرير عن إمكانية إقناع الجانب الإسرائيلى بوقف لإطلاق النار، صرح آلان فيشر، صحفى إذاعى ومراسل حربى اسكتلندى، بأن المحادثات الهاتفية التى جرت بين الرئيس الأمريكى جو بايدن ونتنياهو، تتحدث عن اقتراح «توقف تكتيكي» للحرب، أى وقف إطلاق النار لساعات، وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل فى موقف يفرض عليها الانصياع للرغبة الأمريكية فى إظهار انتصار صغير بالمحادثات الجارية بين الجانبين، كما أن واشنطن تمارس ضغوطًا على الجانب الإسرائيلى فى محاولة لإدراك أنهم يخسرون الرأى العام فى جميع أنحاء العالم بسبب المشاهد القاتمة القادمة من غزة. كما أفاد موقع «بوليتكو» الأمريكي، بوجود انتقادات داخل أمريكا لإدارة بايدن بسبب انحيازها لإسرائيل ووجود خلافات جوهرية داخل وزارة الخارجية الأمريكية، وتقديم مذكرة تنتقد تعامل إدارة بايدن مع الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، وتطالب البيت الأبيض، بمطلبين رئيسيين، وهما دعم الولايات المتحدة لمطالب وقف إطلاق النار، والتوازن بين رسائلها الخاصة والعامة تجاه إسرائيل، وجاء فى الوثيقة التى اطلع عليها الموقع، أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية، أن تنتقد بشكل علنى انتهاكات إسرائيل بحق المدنيين، والفشل فى حصر العمليات الهجومية على الأهداف العسكرية المشروعة، وتأتى المذكرة بالتزامن مع تقارير تفيد بأن الإدارة الأمريكية رفضت مطلبًا إسرائيليًا بإرسال شحنة بنادق، ووفقًا لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تعمل إدارة بايدن، على ضمان وصول الأسلحة إلى أيدى المستوطنين الإسرائيليين الذين صعّدوا من وتيرة العنف ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأشارت الصحيفة، إلى أن تل أبيب، طلبت شحنة من البنادق تتضمن 24 ألف بندقية - نصف الآلية والآلية - قيمتها 34 مليون دولار، وهو ما يتطلب موافقة رسمية من وزارة الخارجية وإخطار الكونجرس، وأن المسئولين الأمريكيين، يفحصون الطلب بحذر، وفى تعليقه على الصفقة، صرح الباحث الأمريكى فى شئون الأمن القومي، سكوت مورغان، بأن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، لكنها لا ترغب فى توسيع دائرة الصراع، وذلك فى أعقاب تصريح الأردن، بأن جميع الاحتمالات مفتوحة ومتاحة للرد على العنف فى الأراضى الفلسطينية. ووفقًا لبيان وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين فى الضفة الغربية والقدس إلى 163 منذ بدء الحرب، فضلًا عن اعتقال ما يقرب من 60 فلسطينيًا من سكان الضفة، فيما أوضح بيان صادر عن هيئة الأسرى ونادى الأسير، أنه مع بدء عملية طوفان الأقصى، تم تسجيل أكثر من 2200 حالة اعتقال، فيما بلغ عدد الأسرى فى سجون الاحتلال حتى نهاية الشهر الماضى نحو 7000 أسير، من بينهم 62 أسيرة، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين 2070. وفى الوقت الذى تتزايد فيه الضغطو على أمريكا لدعم مناشدات وقف الحرب، بدأ الحديث عن مصير الحرب، ومتى تتوقف، بعد مازاد الدمار عما كان يتوقعه أحد فى العالم ومسقط آلاف الأطفال والنساء، ورغم إصرار تل أبيب على إجابة واحدة وهى أن الحرب مستمرة لحين تحقيق الأحداث وأنه سيتم توسيع أعمالها العسكرية، إلا أن هناك اتجاه بدأ يتسع عالمياً بالضغط بكل السبل لإيقاف الحرب. القضية الثانية التى بدأت تطرح من عدة مستويات هى مستقبل غزة نفسها وتدور عدة سيناريوهات يحكمها الغموض، وبعضها سيناريوهات ملغومة أو غير منطقية ومرفوضة تماماً. السيناريو الأول الذى يطرحونه هو إعادة قطاع غزة إلى الحكم المصرى لتتولى شؤون غزة كما كان الأمر قبل احتلالها فى يونيو عام 1967، وهى فكرة مرفوضة تماماً من الجانب المصرى، بينما اقترح أفيجدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» سيناريو ثانى وهو تسليم القطاع إلى جامعة الدول العربية لتجرى انتخابات فى القطاع، وتسلم السلطة للفائز، إلا أنه عاد وأعرب عن إمكانية فوز حماس بتلك الانتخابات وهى نتيجة وضع لها خطة واحدة وهى «قصف القطاع مجددًا»، وهو سيناريو أشبه بتلك الذى ينادى بتسليم القطاع لسلطة دولية، أو تأسيس نظام سياسى عشائري، وهى تجربة حاولت إسرائيل تنفيذها فى الضفة الغربية فى وقت سابق، وباءت بالفشل. وعلى الجانب الآخر، هناك أصوات فى إسرائيل، تنادى بعدم تحمل المسؤولية السلطوية فى القطاع، فى حين تقول بعض الآراء، أن لقاء وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن، برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بمثابة دليل على رغبة الولايات المتحدة فى تسليم السلطة شؤون القطاع كجزء من رؤيتها لحل الدولتين، وهو حل مستحيل بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية. السلطة الفلسطينية نفسها كان لها موقف واضح وأكدت أنها لن تسمح أن تدخل غزة على ظهر دبابة إسرائيلية، كما أن سلطتها بالفعل تشمل القطاع بإعتباره جزء من فلسطين.