الإثنين 29 ابريل 2024

المستشار عبدالمجيد محمود الـ«مقاوم» لإرهاب «الإخوان»!

بقلـم: د. رفعت سيد أحمد

21-11-2023 | 13:09

بقلـم: د. رفعت سيد أحمد
تحتاج أجيالنا الجديدة كما تحتاج نخبتنا السياسية والثقافية كل حين بأن تتذكر.. وبأن ينعش وعيها وذاكرتها الوطنية بسيرة رموز وطنية خالدة فى الضمير الوطنى.. مثلت حياتها ورحلة نضالها؛ مثالا للالتزام والصدق وتحدى (منظومات) التطرف. بعض تلك (الرموز) واجه وقاوم بالموقف دون أن ينبس بكلمة.. وبعضهم أشهر قلمه ولسانه وعلمه فى وجه تلك المنظومات.. وجاهد بقدر طاقته.. فسجل شرفا فى الرأى والكلمة! ومنهم من قدر له طبيعة عمله ليمسك بالاثنين معا: الموقف.. والكلمة، ليخلق منهما تاريخا وسيرة عطرة.. تسكن فى مقام عال داخل الذاكرة الوطنية لبلادى. من هؤلاء يأتى المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام الأسبق (2006-2013) وتأتى مواقفه وعلمه القانونى معا.. لتسجل فى ذاكرة الوطن؛ محطة بالغة الأهمية والدلالة.. خاصة أن رحلة عمله امتدت زمنيا بين عهود شتى تموج بقضايا عاصفة وتحولات شديدة العمق والتأثير. وكان للموقف القانونى الحازم ضد (الفساد)، والذى توج مواجهته له برسالة دكتوراه عميقة الفكر رفيعة القيمة.. وضد تطرف الإخوان والجماعات المسلحة عبر عشرات (القضايا) منذ عقد التسعينيات وحتى 2012 (حين أصر الحكم الإخوانى على عزله انتقاما من مواقفه القديمة منهم.. فرفض وانحازت له مصر بقضائها الشامخ)، مثال فذ على الصبر والشرف فى مواجهة من لا يملكهما من الخوارج الجدد!.. كل هذا الإنجاز والتاريخ، وتلك التجربة والتى سنفصلها لاحقا.. تجعلنا نسأل ماذا عن هذا الرمز القادم من بلادى والذى تحفظه وبحب ذاكرة الوطن؟ فى 11 سبتمبر من العام 1946 ولد (عبدالمجيد محمود).. وكأن الميلاد تاريخا يرتبط بطبيعة التجربة والحياة التى سيعيشها بطل هذه القصة فيما بعد.. حياة من العمل والثورة والعواصف الوطنية.. ففى العام الذى ولد فيه كانت مصر تغلى بالحركة الوطنية وبالتحركات الشعبية العمالية والطلابية المطالبة بالحرية والاستقلال.. ففى تلك الأيام كانت ثورة الطلاب، وكانت حادثة كوبرى عباس الشهيرة، ويذكر التاريخ أنه فى يوم 9 فبراير 1946م أصدرت اللجنة التنفيذية العليا للطلبة ـ وكانت بمثابة الاتحاد العالم للطلاب ـ قرارًا بدعوة الطلاب لعقد مؤتمرات عامة يوم 9 فبراير لمناقشة حالة البلاد فى ظل الاحتلال، وهاجمت مبدأ الدفاع المشترك مع بريطانيا الذى يحمل معنى الحماية الاستعمارية وطالبت بعدم الدخول فى المفاوضات إلا على أساس الجلاء التام. وانعقد المؤتمر العام الأول فى يوم 9 فبراير 1946 فى جامعة فؤاد الأول ـ جامعة القاهرة حاليًاـ بالجيزة وشارك فيه كثيرون من طلبة المعاهد والمدارس، وعمَّ الاجتماع شعور بالوحدة وأعلن المؤتمر اعتبار المفاوضة عملًا من أعمال الخيانة يجب وقفه، وطالب بإلغاء معاهدة 1936 واتفاقيتى 1899 الخاصتين بالسودان وضرورة جلاء القوات البريطانية فورًا. بعد هذا خرجت من الجامعة أضخم مظاهرة عرفت منذ قيام الحرب العالمية الثانية فعبرت شارع الجامعة ثم ميدان الجيزة إلى كوبرى عباس، وما إن توسطته حتى حاصرها البوليس من الجانبين وفتح الكوبرى عليها وبدأ الاعتداء على الطلبة فسقط البعض فى النيل وقتل وجرح أكثر من مائتى فرد، وفى ذات اليوم حدثت مظاهرة فى المنصورة أُصيب فيها 7 شبان و3 جنود واعتقل أربعة، كما اعتقل عدد من الشبان فى أسوان، وفى اليوم التالى عمّت المظاهرات القاهرة والأقاليم.. فكانت انتفاضة 1946 من أهم التحركات ما بين ثورة عرابى وحركة الجيش، وأول تحرك وطنى ديمقراطى وضع حجر الأساس لإسقاط الملكية وإجلاء الاحتلال، بعد تخلصها من آفة المفاوضات العقيمة مع الإنجليز. هكذا كانت مصر عشية ميلاد (عبدالمجيد محمود).. تشتعل بالثورة وتمهد للتغيير الكبير ضد الفساد والاحتلال، والذى توج بثورة 23 يوليو 1952.. وهكذا كانت حياة الرجل.. مسلسلا من الشرف والصبر ورفض الغلو والظلم معاً!. فى 1967 - ذلك العام الذى شهد محنا ومؤامرات عديدة على مصر وكان - بطل قصتنا وقتها فى الحادية والعشرين من عمره.. حصل على ليسانس الحقوق وكان وقتها يعى ويدرك محنة مصر الكبرى والأسباب الحقيقية لهزيمتها فى حرب الأيام الستة، وأن الروح المصرية لم تمت بل هى فقط تعثرت فى الخطى ولكنها ستنهض.. هكذا فهم وهكذا وعت ذاكرته الوطنية دروس الحرب والأزمة. وعندما اختار (القضاء) طريقا ليحقق من خلاله ما آمن به من قيم العدل ورفض الفساد ومحاربة التطرف دخل إلى القضاء متسلحا بتلك القيم فعين عام 1969 ليواصل رحلته القضائية. ولأنه كان متميزا ومتسما بالنزاهة والوطنية ومنتصرا لوطنه وليس لشخصه فى مئات القضايا التاريخية بالغة الأهمية ضد الفساد وشركات توظيف الأموال وضد الخيانة الوطنية، وضد التطرف والغلو ومنها قضايا (ثورة مصر وقضايا الجماعات الإسلامية وتنظيم الجهاد وقضايا الإخوان وغيرها)، لكل هذا صدر له قرار بتعيينه نائباً عاماً عام 2006. واستمر فى منصبه إلى عام 2013 حين تجمعت انقلابات عواصف الإخوان والدواعش ضده وضد تاريخه الناصع لتحاول خلعه من منصبه.. فتثور ثورة القضاة ضدهم وتجبرهم – بعد حكم محكمة النقض- على التراجع.. ليقدم هو بإرادته الحرة.. (استقالته) لأنه كان يدرك ومن قلبه أنه أكبر من مؤامرات المتطرفين وشائعاتهم، وأنه بعد أن أثبت حقا ومبدأ دستوريا أصيلا-ونجح فى إثبات ذلك بصمود وشموخ- وهو: ألا يعزل النائب العام إلا وفقا لشروط القانون والدستور.. فكان صموده وثباته ثم كان ترفعه إعتزازه بذاته وبالقضاء.. فقدم لاحقا (استقالته) فى شموخ وعزة وترفع يليق به وبتاريخه!. تلك مسيرة عمله القضائى بإيجاز.. لكن تلك المسيرة تحتاج فى بعض محطاتها إلى توسع وتفصيل يبين ما غمض وما غاب عن أعين المؤرخين وآن له أن يقال ويعلن، ثانيا: من الأسرار الخفية – عن سبب عداء جماعة الإخوان الإرهابية للمستشار محمود (شخصيا) وتجرؤهم على الدستور من خلال محاولة عزله من منصبه عام 2013 واستبداله بآخر ذى هوى إخوانى.. وتعيينه سفيرا فى الفاتيكان فى محاولة مستيمتة لإبعاده تماما عن البلاد وعواصف ثورتها وفوران مجتمعها.. قيل فيها الكثير ومنه ادعاءات بأن النائب العام فى محاكماته لرموز عهد مبارك لم يكن مرضيا لهوى ومطالب الإخوان (سموها مطالب ثورة يناير وكأنهم هم أصحاب الثورة!) وقيل غير ذلك، ولكنه لم يكن كله صحيحا.. لقد كانت هناك أسباب أخرى ترتبط بمخططات الإخوان القادمة لحكم مصر وضرورة شل يد النيابة والقضاء العادل والشامخ وفرض سيطرتهم عليه.. وهو ما يتعارض وشخصية وفكر ومبادئ بطل قصتنا: عبدالمجيد محمود! وكانت ثمة أسباب تاريخية خفية نكشفها الآن وهى أن هذا الرجل (المستشار عبدالمجيد محمود) كان خصماً قضائياً عادلا بحكم منصبه لمؤامرات الإخوان وتحديداً منذ قضية تنظيم (سلسبيل) الشهير عام 1992 فما قصة هذا التنظيم؟ يحدثنا التاريخ فيقول: إنه فى العام 1992 وبعد ضبط أهم تنظيم سرى إخوانى، بقيادة خيرت الشاطر، فى هذا التنظيم قاد المتهمون تنظيمًا سريًا وجماعة إرهابية تستهدف قلب نظام الحكم وتغيير الدستور بالقوة بأدلة قاطعة لم تتوفر للدولة إلا بدءًا من العام 1992، وهو تاريخ ضبط الأجهزة الأمنية العديد من الوثائق التى تثبت إدانة المتهمين بالقيام بالفعل محل التجريم، ضمن قضية «سلسبيل». وفيما بعد ذكر مختار نوح المحامى والقيادى السابق فى «الإخوان»، أن المستشار عبدالمجيد محمود لم يتساهل أبدا مع «الإرهابية» فى هذه القضية، ولم يكن يسمح بتدخل القرارات السياسية فى عمله، لذلك حقد الإخوان عليه، وبعد أن وصلوا إلى حكم مصر «2012» أرادوا الانتقام منه فكانت محاولة عزله الشهيرة والتى تصدى لها الرجل ومن خلفه وإلى جواره كل رجال القضاء المصرى ففشلت! وبعودة إلى خطورة قضية أول وأخطر تنظيم إخوانى سرى فى زمن مبارك يحدثنا التاريخ أن تلك القضية حملت رقم 87 لسنة 1992، وعرفت إعلاميًا بـ«سلسبيل»، والتى ضبطت فيها أجهزة الأمن المصرية أربعة ملفات وصفتها بـ«الخطيرة». الملف الأول أسماء التنظيم السرى للإخوان وأعضاء المكاتب الإدارية فى المحافظات والأحياء والمناطق والشعب، وكذلك أسماء الأجهزة المتعاونة فى النقابات المهنية. أما الملف الثانى فقد كان مختصًا بخطط الاستيلاء على مؤسسات الدولة والتعامل معها أو كيفية تحييدها إذا استحال اختراقها، وهو ما اشتهر بوثيقة «فتح مصر» و«خطة التمكين»، والملف الثالث فقد تضمن ضبط أدلة تختص بقضايا التمويل الخارجى ومصادره، ومسارات المال الإخواني، وتحديدًا «بنك التقوى»، وعلاقة الجماعة بشركات التوظيف وبعض مؤسسات رجال الأعمال حتى لو لم يكونوا ضمن التنظيم. فيما احتوى الملف الرابع والأخير على وثائق التنظيم الدولى للإخوان وإدارته وعلاقتهم بالقاهرة، هذه الملفات الأربعة كانت هى الأدلة الحقيقية لوجود تنظيم داخلى ذى تمويل وتشكيل دولى مخرب للإخوان، وظل هذا التنظيم هو الأساس لكل المؤامرات الإخوانية القادمة ضد الأمن القومى المصرى لعشرات السنين، ولما بعد ثورة يناير 2011.. وحاولوا أن يرفعوا عشرات القضايا ضد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود عندما وصلوا لحكم مصر انتقاما وثأرا، ولكنهم فشلوا وذهبوا وبقى (عبدالمجيد محمود.. رمزا للانتصار وللحق ضد فقه التآمر والغدر الذى تربى عليه الإخوان ولا يزالون يعيشونه!. فى مواجهة الفساد ولأن المواقف الوطنية ضد التطرف والغلو وضد التكفير.. لا تنفصل عن قيم الدفاع عن العدل ومواجهة الفساد بكافة صوره.. كان هذا هو سبيل المستشار عبد المجيد محمود... فالرجل لم يقف فقط ضد (التطرف)، بل وقف أيضا بحكم منصبه كـ(نائب عام) عن الشعب ضد عشرات الفاسدين فى المال أو المنصب وتصدى لهم وانتصر باسم الشعب ضدهم وتاريخ هذه المعارك القضائية مسجل فى أروقة القضاء المصرى من السبعينيات حين كان عبدالمجيد محمود معاونا ثم رئيسا للنيابة العامة وحتى مغادرته منصبه فى (2013).. إلا أن الرجل (عبدالمجيد محمود) لم يكتف بالموقف بل تعداه إلى الفكر والبحث العلمى القانونى ليؤسس به ركيزة قانونية رصينة فى مواجهة الفساد.. فكانت رسالته الرائعة والرائدة للدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة عين شمس عن «المواجهة الجنائية للفساد فى ضوء المواثيق الدولية والتشريعات المصرية»، والتى لاحقا صدرت فى (كتاب موسوعى كبير)، وأتذكر أن لجنة المناقشة كانت من الدكاترة الكبار –قيمة وتاريخا- فتحى سرور ومفيد شهاب.. وأتذكر أيضا أن الباحث (المستشار عبدالمجيد محمود) رفض يومها أن يحضرها (الإعلام) استشعارا منه لقيمة العمل القانونية ولعدم رغبته فى (الأضواء)، وهو دائما كان لا يحبها.. بل يحب العمل فى صمت وعطاء!.. لقد مثلت الرسالة (ذخيرة علمية وقانونية فذة) لمكافحة الفساد بشتى صوره وكانت دراسة شاملة لمفهوم الفساد.. وفى تلك الرسالة الهامة أشار «محمود» إلى أن اتساع دائرة الفساد نتج عنه عواقب جسيمة أعاقت خطط التنمية الاقتصادية فى البلدان الفقيرة وعرقلت جهود الاستثمار، كما امتدت إلى الدول الغنية فانخفضت معدلات تحسين مستويات المعيشة، فضلا عن الفساد الذى يؤدى على المستوى الدولى إلى تشويه التجارة الدولية والتدفقات الاستثمارية وتسهيل ارتكاب الجرائم المنظمة العابرة للحدود الإقليمية وبالأخص الرشوة الدولية والاتجار فى المخدرات والمؤثرات العقلية وغسل الأموال وكلها تعرض التطور الاقتصادى والاجتماعى والسياسى على مستوى العالم لأخطار كبيرة. وبقراءتنا للرسالة وجدناها تؤكد أن الفساد أصبح قضية عالمية أدرك العالم خطرها واستقر فى يقينه الحاجة الماسة إلى سياسات فعالة للتصدى لها من خلال تعاون إقليمى ودولى جاد لا يقتصر على الحكومات، بل يمتد إلى المنظمات الدولية والمجتمع المدنى والمنظمات غير الحكومية، مشيرا إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمثابة أداة للقضاء على أوجه الفساد بمختلف بواعثه ومجالاته التى تفشت إلى حد بالغ الجسامة. ومن المهم هنا أن نشير إلى أن أهم نتائج تلك الدراسة القانونية الرائدة تأتى الإشارة إلى أن التوافق الكلى بين المنظومة التشريعية الجنائية المصرية لمكافحة الفساد، وما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من أحكام، يقتضى أن يتناول التشريع الجنائى المصرى بالتجريم كافة صور سلوك الفساد فى القطاع الخاص، وأن يقرر لهذه الصور عقوبات وجزاءات رادعة تتناسب مع خطورة الدور الذى يؤديه هذا القطاع فى النشاط الاقتصادى الوطنى.. وخلصت رسالة الدكتوراه للمستشار عبد المجيد محمود إلى العديد من التوصيات، وكان من بينها ضرورة وضع النصوص الواضحة الصريحة التى تنظم حق الاستعانة بمحام فى مرحلة جمع الاستدلالات، وذلك لتحقيق التوازن بين التوسع فى نطاق التجريم فيما يتعلق بالأفعال التى تشكل جرائم الفساد وحماية حقوق المتهمين فى هذه الجرائم بدءًا من مرحلة جمع الاستدلالات وانتهاءً بمرحلة المحاكمة الجنائية، وضع نظم قانونية لحماية الشهود والضحايا والخبراء فى قضايا الفساد، بشرط ألا ينطوى ذلك على المساس بسمعة الناس أو انتهاك حقوقهم وحريتهم. وقد أكدت الدراسة (رسالة الدكتوراه) على ضرورة إنشاء جهات تحقيق ومحاكم متخصصة تتولى إجراءات الملاحقة فى قضايا الفساد، وذلك حتى تتمكن من مواجهة جادة لأشكال وأبعاد الإجرام المعاصر، والتطور الهائل فى أدوات ارتكابها باستخدام أوجه التقدم العملى والتقنى، والتى جعلت القيام بإجراءات التحقيق والمحاكمة وجمع الأدلة والوصول إلى الحقيقة للحكم بالإدانة أو بالبراءة أمرا بالغ الصعوبة، وفى ذات السياق تقرير أحكام خاصة فيما يتعلق بالإجراءات الماسة بحرية وحرمات المتهمين فى مراحل التحقيق والمحاكمة، وهو ما يقتضى سرعة المحاكمة، وذلك استجابة لمقتضيات المصلحة العامة فى جرائم الفساد على وجه الخصوص، التى تستلزم سرعة الفصل فى الدعاوى الجنائية وتوقيع العقاب الملائم فى حالة الإدانة تحقيقا للردع العام، ومن جهة أخرى فإن سرعة المحاكمة تحقق المصلحة الخاصة للمتهم بوضع حد للآلام التى يتعرض لها بسبب وضعه موضع الاتهام، وبخاصة فى ضوء علانية إجراءات المحاكمة، وتناول وسائل الإعلام لقضايا الفساد، مع تشجيع القطاع الخاص للقيام بدور فعال فى مكافحة الفساد بكل أشكاله ـ وذلك باعتبار هذا القطاع شريكا أساسيا وفى قطاع تنمية وإصلاح المجتمع المصرى، وضرورة العمل على وجود ميثاق شرف إعلامى يحث على الفضائل ويمنع الرذائل، وذلك لتتناغم المنظمة الإعلامية مع ظروف المجتمع المصرى وطبيعته وعاداته وتقاليده. وكان طبيعيا أن تحصل دراسة قانونية رائدة هكذا على درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدا وبالتوصية بالتبادل بين الجامعات، وكانت تلك الملحمة العلمية والفكرية فى العام 2010.. فضفر بها محمود بين (المواقف الصلبة) تاريخيا ضد الفساد.. وبين (الفكر القانونى) المتسلح بالعلم والنابض بالشرف وبالنزاهة.. فكانت المحصلة (رمز من بلادى يجمع بين الفكر والموقف فى إستقامة معرفية وإنسانية بالغة القيمة والمنزلة. مصر كرمت عبدالمجيد محمود بالعديد من الوسائل التكريمية التى يستحقها.. ومنها إطلاق اسمه على أحد المحاور الرئيسية وكذلك حصوله على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية لعام 2023 وعندما سئل عن شعوره وهو يتلقى الخبر قال فى تواضع العلماء والكبار: إن حصوله على جائزة الدولة التقديرية بمثابة مفاجأة جميلة ويعتبرها من صور التكريم لقضاة مصر. وأهدى التكريم لكل قضاة مصر من شيوخ المهنة وحتى كل وكلاء النيابة وزملائه وأساتذته وقضاء مصر الشريف. وقال (إن التكريم عبارة عن صورة تعبر عن رقى تعامل مصر وقيادتها مع أبنائها الذين أدوا عملا يستحق الإشادة والإشارة) وما قدمناه فى هذه السطور القليلة هو (غيض من فيض) فسيرة الرجل تستحق مؤلفًا أكبر.. إن هى إلا كلمات قليلة عن (رمز من بلادى).. وقبل ذلك هى عن (إنسان جميل) وصديق للمثقفين والأدباء.. هكذا كتب العديد من (محمود السعدنى) إلى (يوسف القعيد)..هو قطعا يستحق أكثر بكثير من (الإشادة والإشارة).. قبل المنصب وبعده.. فسيرته ورحلته.. غاية فى الثراء.. يتحدث فيها العطاء الإنسانى متضفرا بالالتزام الوطنى فى صمت وترفع.